دَعْوَةُ أَبِي نُوَاسٍ إِلَى تُونُسَ


منصف المزغني*



-1-

خَامَرَتْنِي
يَا أَبَا نُوَاسْ
فِكْرَةْ
أَنْتَ يَا ابْنَ النَّاسْ
يَا سَابِقَ عَصْرِي
أَيُّهَا الْعَاصِرُ شِعْرَهْ
جَوْفَ قِنِّينَةِ عَصْرِهْ
أَدْعُوكَ لِتُونُسْ
سَوْفَ تَلْقَاهَا سَلاَمَا
وَسَتُسْقَاهَا مُدَامَا
يَا مُعَلِّمْ
أيُّهاالْخِلُّ الْوَفِيّْ
لَسْتُ فِي الدَّعْوَةِ أَخْشَاهَا اتِّهَامَا
وَاضِحًا غَيْرَ خَفِيّْ
فَلْيَقُولُوا: سَلَفِيّْ 

-2-

يَا أَبَا نُوَاسْ
لاَ تَسْكَرْ بِبَغْدَادَ تَعَالْ
إِنَّ فِي “تُونُسَ” بَارًا
اسْمُهُ بَارُ الأَمَانْ
وَيُكَنَّى الْبَرْلَمَانْ
وَبِهِ خَمْرٌ حَلاَلْ
لَنْ تَرَى الدِّيكَ حِمَارَا 

-3-

يَا أَبَا نُوَاسْ
فَاقْبلْ دَعْوَتِي دُونَ نِقَاشْ
لاَ تَقُلْ لِي :
تُونُسُ الآنَ إِمَارَةْ !
لاَ تُصَدِّقْ:
تُونُسُ الثَّوْرَةُ قَدْ حَرَّمَتِ الْخَمْرَ جَهَارَا
لاَ تُصَدِّقْ:
أَنَّ أَهْلَ الْكَهْفِ قَوْمٌ نَاهِضُونْ
وَيُحِبُّونَ كِتَابَ الْمَعْرِفَةْ
مَعَهُمْ كَلْبٌ عَلَى طَيَّارَةٍ فِي الْجَوِّ يَنْبَحْ
وَعَلَى الأَرْضِ يَشُمُّ الْفَلْسَفَةْ
حَرَّمُوا الْخَمْرَةَ سِرًّا وَنَهَارَا
عَصَرُوا الثَّوْرَةَ عَصْرَا
كَسَرُوا الْجَرَّةَ عَمْدَا
وَسَقُوا أَرْضِي خَرَابَا
قَلَبُوا الْكَأْسَ عَلَى الْكُرْسِي نَامُوا
قُلْتُ وَالإِسْلاَمُ دِينِي
هَكَذَا الثَّوْرَةُ تَغْدُو انْقِلاَبَا

-4-

يَا أَبَا نُوَاسْ
اِجْلِسْ
فَالنَّدَامَى جَالِسُونْ
فِي التُّرَابْ
فِي احْتِرَامٍ لِنَوَامِيسِ الشَّرَابْ
يَتَسَاقَوْنَ الْحِوَارَاتِ نَهَارَا
قُرْبَ سُوقٍ لِلدَّوَابْ
وَيَصِيحُونَ إِذَا مَلُّوا الْحِوَارَا:
اِنْقِلاَبْ!
اِنْقِلاَبْ
يَا أَبَا نُوَاسْ
لَمْ يَرَ الشَّعْبُ سَكَارَى
مِثْلَهُمْ
إِنَّ فِي “بَارْدُو” حِوَارَا
بَيْنَ أَقْوَامٍ حَيَارَى
يَنْتَهِي حِينَ تَرَى الدِّيكَ حِمَارَا

-5- 


يَا أَبَا نُوَاسْ
فِي تُونُسْ
أَنْتُمْ دُونَ حَاجةْ
لِلْخُمُورْ
شَرِبَ الشَّعْبُ كُؤُوسًا مِنْ سَذَاجَةْ
حَسِبَ الْحِزْبُ نِعَاجَهْ
وَجَدَ الشَّعْبُ دَجَاجَةْ
انْتَهَى بِالأَمْسِ خَمْرْ
جَاءَ هَذَا الْيَوْمَ أَمْرْ
فَرِغَتْ هَذِي الزُّجَاجَةْ
إِنَّ بَعْدَ الْخَمْرِ أَمْرَا
حَيْثُ لاَ حَلَّ سِوَى
أَنْ يَخْرُجَ النُّدْمَانُ
مِنْ عُنُقِ الزُّجَاجَةْ.

-6- 

يَا أَبَا نُوَاسْ
لاَ تَسَلْنِي :
أَيُّ طَقْسٍ نَحْنُ فِيهِ الآنَ
إِنَّ فِي الأَجْوَاءِ صَحْوًا وَمَطَرْ
اخْتَلَطْنَا بَيْنَ قَوْمَيْنْ:
نِيَامٌ وَنَدَامَى
مَا نَهَضْنَا وَنَدِمْنَا
لَمْ نَجِدْ يَوْمَ الشَّرَابْ
مِنْ طَعَامٍ خيْرَ مِنْ سَبَّابَةٍ غَائِبَةٍ يَوْمَ انْتِخَابْ
قُلْ لِشَعْبِي:
غِبْ عَنِ النَّاسْ
إِذَا مَا حَضَرْتْ كَأْسُ الشَّرَابْ
وَإِذَا مَا غِبْتَ يَوْمَ الانْتِخَابْ
ذَاكَ يَعْنِي:
الانْسِحَابْ
لَمْ تَعُدْ تَمْلِكُ حَقَّ
الانْتِحَابْ


* شاعر من تونس

شاهد أيضاً

نكهة “البستاشيو”

نكهة “البستاشيو” زينب_السعود كان السائل الأخضر اللزج ينساب متدفقا فوق الكعكة الصغيرة . ذوقٌ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *