*توفيق عابد
بعد أن وقف المشاركون دقيقة صمت حدادا على وفاة الفنان المصري خالد صالح حجبت لجنة التحكيم لمهرجان “عشيات طقوس الدولي” للمسرح في دورته السابعة “الشاهد والشهيد” جائزة النص والإخراج في ختام فعالياته مساء الخميس عن العروض الخمسة المقدمة، لغياب الرؤى الإخراجية المتقدمة.
كما غابت عن معظم العروض -وفق بيان تلاه عضو اللجنة العراقي الدكتور عبد الرضا جاسم- القراءات الفكرية التي تعكس نبض الشارع العربي المعيش رغم وجود بعض المحاولات التي لا ترتقي لصياغة نص درامي محكم البناء والرؤية.
وقال عبد الرضا إن لجنة التحكيم -التي جاءت قراراتها بالإجماع- لاحظت ضعفا في بعض جوانب الرؤية السينوغرافية في العروض وآلية توظيفها، واشتغال عناصرها مجتمعة بشكل متناغم والرؤية الإخراجية.
وقبل أن يعلن رئيس لجنة التحكيم محمد الضمور سبع جوائز للمهرجان قال إن المسرح قائم على الدهشة، وهذا العنصر افتقدته أغلبية العروض “نريد مسرحا يحترم العقول”، معتبرا حجب بعض الجوائز ليس لمجرد الحجب، بل للتصحيح والحصول على الأفضل وتحفيز جميع العناصر المسرحية.
توزيع الجوائز
ووفق ما أعلنه الضمور، فقد فازت بجائزة أفضل دور أول مناصفة الليبية خدوجة صبري عن مسرحية “حكاية طرابلسية”، والبحرينية غادة الفيحاني عن دورها في مسرحية “لحظات منسية”.
وتجسد أحداث مونودراما “حكاية طرابلسية” -وهي من تأليف محمد يوسف وإخراج جمال عبد الناصر- إدانة نظرة الرجل الدونية للمرأة عبر ثلاث حكايات لنساء ليبيات من العاصمة طرابلس، لكنها غنية بإسقاط سياسي يتمحور حول ليبيا كوطن يتعرض للتمزق والاحتراب، حيث تفضل البطلة “خدوجة صبري” الموت قرب قبر أمها على أن تعيش حالات الصراع وانقسام الوطن الواحد.
أما البحرينية “لحظات منسية” -وهي من تأليف إبراهيم بحر فقد تناولت المسائل المبهمة في طبيعة البشر في علاقاتهم المتبادلة من حيث عاطفة الحب والكره، وانقلاب حياة حالمة لحياة تعيسة عبر الغدر وذلك من خلال كهلين أنجبا ولدا واحدا يحبانه كثيرا، يسافر لمتابعة دراسته الجامعية وتنقطع أخباره، لكن ساعي البريد يطرق بابهما بعد فترة طويلة ويسلمهما رسالة من الابن الغائب يخبرهما فيها بحبه واشتياقه، لكنه لا يستطيع العودة لأن جهات أمنية تطارده بتهمة الإرهاب.
كما فاز بجائزة أفضل ممثل دور أول مناصفة أيضا الأردني زيد خليل مصطفى “ترنيمة الحوت المهجور” تأليف إيف لوبو، وتمثيل نهى سمارة وأريج الجبور، وتحكي قصة الصراع بين جيلين، والجزائري بن شرنين إدريس عن “الجدار” تأليف وإخراج عقباوي الشيخ وتمثيل خابر جمال وبوقير حمزة وبن شرنين إدريس.
الجدار.. ملحمة درامية
وتعتبر المسرحية الجزائرية ملحمة درامية تصور المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون من خلال شابين غادرا أرض الوطن لأجل الدراسة وعند عودتهما اصطدما بـ”جدار الفصل العنصري” يعزل قريتهما فيتفجر صراع بينهما حول طريقة تحطيم الجدار ودخول القرية.
ومنحت لجنة التحكيم جائزة أفضل موسيقى للمصري عطية محمود، وشهادة تميز وتقدير للمصرية نهاد فتحي عن دورها في مسرحية “عشق الهوانم” التي تحكي قصة عائلة مصرية تعاني من وفاة الأب وفقدان الابن، “بيت الطيب” تلجأ إليه متشردة طلبا للأمان فتقبلها العائلة بعد تردد لتصبح فيما بعد صندوق الأسرار للبنت وأمها، وينقلب الحال لتصبح متحكمة تبحث عن المال الموجود في غرفة مغلقة.
المسرحية التي توشحت بالغناء والباليه تطرح الكثير من الأسئلة والإسقاطات الاجتماعية والسياسية ربما أبرزها حول الكلاب التي تنبح على الباب لتهدد الأسرة! كما أن “بيت الطيب” المهدد من الخارج هو مصر التي تفتقد الأمن والأمان اليوم!
كما فاز الأردني فراس المصري بجائزة أفضل إضاءة عن “ترنيمة الحوت المهجور”، وقررت لجنة التحكيم منح جائزتها الخاصة للممثلات المصريات ناهد رشدي وسامية عاطف وريم أحمد والأردنية مرام أبو الهيجا.
وقفة احتجاجية
وفي كلمته في حفل الاختتام تحدث مدير المهرجان الدكتور فراس الريموني عن تنظيم وقفة احتجاجية قريبا أمام دائرة الآثار العامة الأردنية للمطالبة بعودة الآثار المسروقة لوطنها الأصلي.
كما تحدث عن فساد في الآثار الأردنية، حيث تباع وتهرب وتعطى للجان التنقيب الأجنبية التي لا تقبض أجورا بل تحصل على آثار مكتشفة، مشيرا بذلك إلى آخر حادثة في عجلون شمالي المملكة، وقال إن تماثيل هرقل اختفت والحكومة قدمت تبريرات غير منطقية وغير مقنعة، حسب تعبيره.
من ناحية ثانية، قال إن المسرح أداة تنويرية وقراءة المستقبل، ومهرجان “طقوس” مهرجان مقاوم للتخلف والاستعمار وأشكال القمع ومناصر للحرية وعودة الحقوق لأصحابها، في حين خاطب نقيب الفنانين ساري الأسعد الحضور بقوله “نريد أن نصنع مسرحا يحترم عقولكم”.
——–
*الجزيرة