*ترجمة / عدوية الهلالي
تدور أحداث رواية الكاتب الفرنسي ايف فيولييه الجديدة في قرية (فينديه) التي ولد فيها في 14 آذار عام 1946 وعاش فيها طفولته ..ويتناول فيولييه قضية مهمة هي الخلاف المستمر بين العلمانيين ورجال الدين في تلك القرية والصراع الذي واجهه سكان القرية طوال القرن العشرين ممثلا بشخصي الكاهن والمعلم وذلك من خلال علاقة صداقة قوية تربط بين الطفلين كريستوم ولويس المولودين عام 1903 اذ لم تنجح الصراعات المستمرة في التفريق بينهما ..
لم يكن حقلا والدي الطفلين يبعدان عن بعضهما الا بضعة امتار وكانا يلعبان معا في الفناء المشترك ويترددان على نفس المدرسة العلمانية ..كانت هناك مدرستان بالتأكيد في البلدة ولكل منهما تعليمها المسيحي فالأولى جمهورية والثانية مسيحية ..وكان المعلم قائدا لطلبة الاولى والكاهن قائدا لطلبة الثانية وكان الثاني ابن فندقي ذو جسد رياضي تم إرساله الى القرية في عام 1910 ليوقظ الإيمان في نفوس سكان القرية الذين لايؤمن نصفهم لا بالرب ولابالشيطان ..
لكتابة رواية ( المدرستان ) ، استوحى فيولييه الكثير من القصص التي غمرت طفولته كما غاص في ذاكرة والدته وسأل الجيران العجائز بعد بحثه الدائب عمن بقي على قيد الحياة من سكان قريته ..
في الرواية ، استمرت صداقة كريستوم ولويس حتى بلوغهما مرحلة الشباب ، وهنا بدأت المشاكل عندما تزوج كريستوم من ماريا ، الفتاة الرقيقة الورعة من القرية المجاورة ، فقد اصبح كريستوم منبوذا من جماعة العلمانيين وكانوا يبادلونه التحية ولكن ببرود ، اما عندما بدأ بحضور القداس مع زوجته فقد بدأوا يديرون له ظهورهم علنا ..كان صديقه لويس الوحيد الذي لم يحتفظ له بضغينة ابدا ورغم الضغوط التي واجهتهما ، قرر الرجلان العمل معا من خلال إنشاء تعاونية زراعية والاشتراك في زراعة أرضيهما ..
ويروي فيولييه مشاهد الصراع بين الفريقين ومنها قدوم الإخوان الدعاة عام 1934 الى القرية على سبيل المثال والذي انتهى بنصب صليب عملاق على اعلى تلة في القرية ما أثار غضب الفريق الآخر الذي كان يبني صالة جديدة للاحتفالات فصاروا يتبادلون الشتائم والأحقاد ، ورغم تأزم المواقف بينهما على مر السنين ، كان الصديقان يتركان الصراعات والأحقاد على باب حقلهما ..كان أطفالهما ايضا يتبادلان تقاذف الحجارة في الطريق الى المدرسة لكنهما يلعبان كالأشقاء عندما يصلان الى منزليهما ..
في عام 1937 ، تصاعد القتال وحل اليوم المشؤوم الذي فرق بين الصديقين ..
تم إنجاز الرواية المكتوبة بشكل رائع في فترة المظاهرات والاحتجاجات الطلابية عام 1984 لأن كاتبها فيولييه نجح في سرد قصة الحرب المهيأة للاشتعال في أية لحظة في فرنسا ولكن بطريقته غير المتحيزة وبأسلوب عادل وواضح ودقيق..
مؤخرا ، تم نشر الرواية التي تحمل عنوان ( المدرستان ) وتقع في 262 صفحة للكاتب ايف فيولييه عن دار روبير لافون للنشر ..
مارس فيولييه مهنة التعليم باللغتين الفرنسية واللاتينية ثم عمل في الفنون الجميلة في بواريه سورفي وكان في الوقت نفسه ناقدا أدبيا في صحيفة الحياة ..كان قد أحيل على التقاعد في ذلك الوقت وكرس وقته للكتابة والحياة الأدبية فقد أقام صالونات عديدة للكتب ومنها مونتيغو وكان هدفه من ذلك هو التواصل مع قرائه ..تم تصنيفه ككاتب ذو نكهة محلية لتعلقه بقريته وبمدرسته الريفية وكان يصف نفسه بالكاتب الشعبي لشعوره بان صفة (الكاتب المحلي) تقلل من شانه ..
تسلم فيولييه جائزة شارل اكسبرايا في عام 2001 عن روايته ( ليلك البحر ) وفيها ايضا يتناول الصراع المعقد بين عائلتين من خلال قصة حب بين شاب وشابة من العائلتين وجدا نفسيهما فجأة ضحية لتلك الأحقاد القديمة ..
ويعبر فيولييه في رواياته عن تلك العلاقات المعقدة بأسلوب صارم ورقيق في الوقت نفسه ..من اهم أعماله ( تريستان وايزولت ) ، (ليز ) ( الزواج من كلودين ) (صيد الذئاب ) (مواسم فينديه) ( السهم الأحمر ) (الأم ) ( أغنية مولي مالون ) (كان البحر هادئا جدا ) (مقاومة الحجارة) واخيرا ( المدرستان ) ..
______
*المدى