“الردة ”


سميحة المصري*

( ثقافات )


لِماذا يَغيبُ الكاتبُ أو يرمي قلمَهُ ؟

.يا رَعاكَ الله بحقِ الله ونورهِ..وبحقِ كلّ الشموعِ التي تُضاء منْ أجلِ السلام والإنسان تَأَنَّ ..على هونكَ ، قبلَ أن تَصفني بِأنني “عَصَّبْتُ” ..أو مَسّتني كَهرباءةٌ ..فَفي كُلِّ الأحوال لَنْ أخونَ رِسالَتي وقَلَمي ، وَلَكَ أيها القاريء أنْ تُكمِلَ القِراءَةَ أوْ تَتَوَقفْ ..

نعم لقدْ تَخشّبوا كالحياةِ ..ولقدْ وصَلنا حدَّ الانتِحار الثَقافي .ورُبَّما الضَياع الأدَبي .هلْ تكفيكَ جُمْلَتي هذهِ لِتغفرَ لي هذهِ الغَيبة ..أو الخَطيّة !!!؟..

لقد ( زَهِقتُ ) من هذه السريالية التي تصبّها علينا “النُخَبْ” وزَهِقتُ منْ تكرارِ الكَلام والمُصطلحات المَرسومةِ في غيرِ مَحلّها ، ومنِ السُباب والشتائِم ..والتصنيفات العَشْوائية ، والتصَوّرات القَطْعية ، والتكَهُنات التي لا تأتي بصيّبٍ نافعٍ ، الكلُ يشتمُ طائفةَ غيرةِ ويتّهمها بأنّها سبب الرِدّة إن تصريحاً أو تلميحاً !! أو يُكفّرُ أهلَ الديانةِ الأُخرى وهو باهتَ الروح لا شأنَ لهُ بالإيمان !! متناسياً أننا بَلغنا ذروةَ الردّة منذُ جَهْلُنا الذي أعْمانا عنْ قراءةِ التاريخِ والأديانِ جيداً فانحَدرنا .. منذُ كل الإحباطات الجاثمة ، ومنذ النسرَ الذي هَرِمِ وهوَ يبحثً في مَدارِنا عن فضائهِ ومنذُ حقولنا التي لم تَعُدْ تطرحُ إلّا سنابلَ فارغة سوداءَ برؤوسٍ منحنية صوبَ الأرض بدلَ السماء..فَلا حَصيدةٌ وَلا حَصادْ وَلا حَصّادينْ”وأسْتَدرِكُ” انحَدرنا… 

انظرْ إلى ظِلِّ كَلامهم المَليء بالإدعاء والإنشاء والتضْخيم ، والجُلوس في ساحاتِ الهرجِ والمرجِ طويلاً ، يأتيكَ الواحدُ بمفرداتٍ واهنةٍ واهيةٍ ولا زُبدة ولا سُقيا..

يا سادة : شَجَرَة الْبًنِ لا تَطرَحُ قَمْحاً ، فالبُنُّ لِلكيَفِ والمَزاج ، وَالقَمْحُ لِلحياةِ ..لِلفقراء إلّا إذا حَوّلْتُم لَنا البُنَّ خُبْزاً ! رُبما.. فَهذا زمانُ الغَرائِب !!.ارحمونا منْ فَضلِكم وهُبّوا لِاستعادةِ كرامَتكم الضالّة فواللهِ لوْ أنَّ لي عِقالٌ لرميتُ عِقالي ..لقد ذَهبتْ مُروءاتِ العالِيين ..وَوَاحَزَني ..

لكُمْ أنْ تُسَمِّونها ( استراحةُ ساكتٌ أو متفرجٌ) على أنبياء الأمّة المُفْلسينَ الجُدُدْ أطالَ اللهُ أعمارَهم ومُثقفينا الكرام ..وهداهُم إلى النافعِ منَ البيانِ والتبيينِ وإلى الدعةِ وكريم الأخلاق …وهَداهم أيضاً إلى التغييرِ الأرحب ، والأشد التصاقاً بالحياة …

قال تعالى : ” يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ” صدق الله العظيم ..(البقرة- 54)

للتذكيرْ / إنَّ القاعدة الاولى منْ قواعدِ العشقِ الأربعون للتركية اليف شافاق تقول “إنْ الطريقة التي نَرى فيها الله ما هيَ إلّا انعكاسٌ للطريقة التي نرى فيها أنفسنا”

عسى اللهُ أنْ يُسقِط َعنكُم هذا التشنجَ كما أسقطَ عن موسى الغضب ..إنهُ سميعٌ مُجيب … كُفّوا عن الفحيح أعَزّنا وَإيّاكُم الله …

يا صَديقي : لا تَبتئِسْ

سَيقولونَ لكَ اصمتْ ، قُلْ : أمركُمْ 

سَيقولونَ لكَ اخرسْ : قلْ : قدْ حَصلْ 

سيقولونَ لكَ مُتْ ، قُل : سَأبعثُ رسالة إلى ملكِ الموت !!

سيقولونَ لكَ كم عَدد الأوطانْ 

قُل : بعدَ الجَرد لم يبقَ وطنٌ يا سيّدي إلا أنا 

وأنا ما عُدتُ أسدُّ في دَينْ ..!!

سيقولونَ رُفِعت النكسة …

……

….تحيتي للعقلاءِ والنبلاءِ وأصحاب الأقلام النظيفة والعالية حيثُما كانوا….فَهُمْ أيضاً كُثْر..

* كاتبة من الأردن تعيش في الامارات

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *