*
لقد بدأ الأمر بإيميل بلا توقيع : ” أنا عضو أقدم في وحدة الاستخبارات. “
والذي حدث بعدئذ كان اهم خرق في الاستخبارات حتى اليوم، وتم تنفيذه من قبل رجل عادي، وجاءت النتائج لتهز قادة الدول في شتى أنحاء العالم، من أوباما إلى كاميرون و إلى رؤساء جمهورية البرازيل وفرنسا وإندونيسيا ومستشار المانيا.
كان إدوارد سنودن عبقرياً شاباً في مجال الكومبيوتر يعمل في وكالة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، فهو الذي نفخ الصافرة معلناً ان الوكالة تستخدم تكنولوجيا جديدة للتجسس على الكرة الأرضية بأكملها وبلغة الجواسيس، ” السيطرة على الإنترنيت ” ويسميه الآخرون ” موت الحرية الفردية ” ، هذه هي بداية قصة سنودن، الصحفي الذي واجه ضغط الولايات المتحدة والحكومة البريطانية من اجل كشف الحقيقة.
وقصة سنودن ومواجهته الضغط الهائل من الولايات المتحدة الامريكية، تبدو قصة مثيرة، منذ اليوم الذي ترك صديقته الجميلة في جزيرة هاواي، حاملاً المحرك الضخم لأقراص المعلومات المسجلة، المليء بالأسرار، وغادر الى هونك كونغ من اجل كفاحه للحصول على حق اللجوء، وهو اليوم موجود في موسكو، رجل مطارد فريد من نوعه، يواجه تهمة التجسس من قبل حكومة الولايات المتحدة، ليس متأكداً من مستقبل منفاه.
ما الذي دعا سنودن الى التضحية بنفسه؟ ويجيب عن السؤال – لوك هاردينغ المحرر في صحيفة الغارديان الذي لابد ان يسبب القلق لكل مواطن في عصر الإنترنيت.
اعلن المخرج أوليفر ستون عن رغبته بإخراج فيلم عن إدوارد سنودن، الذي نشر الملفات السرية لوكالة (ناسا) الامريكية واحدث بذلك ضجة عالمية.
و اوليفر ستون قدم من قبل فيلماً عن جون كينيدي وعملية اغتياله، وفيلماً عن فضيحة ووترغيت وعن الحرب الفيتنامية، وآخر عن إدارة بوش بعنوان (حرب على الإرهاب).
واليوم يبدو المخرج الكبير مهتماً بتحويل (ملفات سنودن) إلى فيلم عن فضيحة ملفات ناسا، معتمداً على كتاب المحرر في صحيفة (الغارديان) لوك هاردينك.
وفيلم ستون المثير، سيركز على تجربة إدوارد سنودن، الذي أثار موضوع تلك الملفات السرية. وكان سنودن متعاقداً على العمل في (الوكالة الوطنية للأمن – ناسا) وتمكن من خلال عمله من تسريب عدة الوف من الملفات المصنفة الى الكاتب في الغارديان غلين غرينوالد في حزيران 2013. وسيتم انتاج الفيلم من قبل ستون وشريكه مورتيز، اضافة الى الاستعانة بهاردينك وعدد آخر من الصحفيين في الغارديان.
ويقول ستون ، (سيكون الفيلم من افضل القصص التي قدمتها للسينما، انه تحد كبير وانا سعيد لتعاون الغارديان معنا) ومن افلام ستون المعروفة : بلاتون ، جون كينيدي ، وقدم المخرج ايضاً افلاماً وثائقية عن فيدل كاسترو و هوغو تشافيز، اضافة الى مسلسل للتلفزيون بعنوان (قصة اوليفر ستون غير المروية عن الولايات المتحدة).
وقد ظهرت تلك الوثائق على صفحات الغارديان اولاً و التي كشفت عن مراقبة الحكومة للمواطنين . و رضخ الوزير جون كيري لاحقاً معترفاً ببرنامج ناسا قد وصل الى حد بعيد ويتوجب اختصاره.
وعلى أي حال، فان مصير سنودن بقى معلقاً ومنح حق اللجوء الى روسياً مؤقتاً ولكنه يواجه سجناً لـ 30 سنة ان عاد الى الولايات المتحدة الامريكية.
وقد تم طبع (ملفات سنودن) في خلال هذا العام. وهي تتضمن قصة (الرجل الأول المطلوب) في العالم. رجل وجد قيمة التحررية تزداد خطورة، مع وجود البرنامج الذي تتبعه الحكومة لمراقبة المواطنين. وقد امتدحت صحيفة النيويورك تايمز الكتاب وقالت عنه (أسلوب جيد، أشبه بعمل روائي وأشبه بفيلم مثير).
وقال عنه الان روزبريدجر رئيس المحررين في صحيفة الغارديان:”انها قصة غير اعتيادية، وكشفت عن موضوع هام، وهو علاقة الحكومة بالتكنولوجيا الحديثة، ونحن سعداء بالعمل مع اوليفر ستون و مورتيز بورمان في هذا الفيلم.”
وسيبدأ تصوير هذا الفيلم قبل نهاية هذا العام. والزمن مهم في هذه المسألة اذ ان فيلم ستون يواجه منافسة من فيلم آخر بعنوان (لامكان للاختفاء) يستند على كتاب لغليت غرينوالد وسينتج من قبل منتج جيمس بوند وهو ميشيل ويلسون.
ويبدو سنودن بالنسبة لمن ينتقدونه خائناً لان ما فعله أساء الى بلاده واستخباراتها وقال عنه المدير السابق للاستخبارات جيمس وولسي: “لو حكم على سنودن بالخيانة، فسيواجه الحكم عليه بالموت.”
اما مؤيدوه فهم على العكس من ذلك الموقف، يقولون انه وطني تصرف بما فيه مصلحة الناس. وقال اوليفر ستون (لقد كشف اسراراً يتوجب على الجميع معرفتها).
وكانت جائزة البوليتزر لأفضل كتاب قد منحت قبل اشهر لكل من صحيفتي (الغارديان) البريطانية و (واشنطن بوست) الامريكية لنشرهما الوثائق التي سربها سنودن.
وعندما تسلم روزبريدجر الجائزة ، أشاد بدور سنودن في كشف الحقيقة ، وانه قدم خدمة للناس أجمع.
__
عن: الغارديان/المدى