( ثقافات )
ضجت وسائل الإعلام، الإيطالية خصوصاً والأوربية عموماً، بالحديث عن فلم “أنا مع العروسة” لآنتونيو آوغوليارو، وخالد سليمان الناصري، وغابريلّه ديل غراندِه. ومع أن الفلم لم يعرض بعد، ولكن ما إن أطلق منتجو الفلم موقعاً إلكترونياً يعرض قصة الفلم والتريلر الرسمي، إضافة إلى حملة لجمع المساهمات (تمويل جماعي) تهدف لإنهاء عمليات الإنتاج الأخيرة والتقدم بالفلم للمشاركة في مهرجان البندقية السينمائي الدولي لعام 2014، حتى سارعت وسائل الإعلام بتناقله والحديث عنه. ليست وسائل الإعلام وحدها التي اهتمت بالفلم فعلى مستوى الجمهور تمكن منتجو الفلم من جمع أكثر من 60000 يورو في أقل من شهر واحد من خلال صفحتهم في موقع التمويل الجماعي (indiegogo). كما نظمت العديد من الجمعيات والمراكز الثقافية والفنية ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات المعنية بقضايا الهجرة، مجموعة من النشاطات الفنية والندوات للحديث عن هذا الفلم. أكثر من ذلك، أن الكثير من الناشطين في مجال حقوق المهاجرين اتخذوا من شعار الفلم شعاراً لهم لنشاطاتهم في إحياء يوم اللاجئ العالمي في 20/6/2014.
قصة الفلم هي أن كاتبين، أحدهما إيطالي والآخر فلسطيني سوري، يعيشان في مدينة ميلانو، ينظمان عملية تهريب لخمسة لاجئين فلسطينيين وسوريين، ويتعاونان مع مخرج تلفزيوني صديق لهما لتصوير فلم يرصد عملية التهريب هذه، التي تبدأ من مدينة ميلانو وتهدف لإيصال المهاجرين إلى السويد. وحتى يتمكن صانعو الفلم الثلاثة من تهريب هؤلاء المهاجرين فإنهم يختلقون موكب زفاف يجول أوروبا وفي الموكب عروس وهي تسنيم فتاة فلسطينية سورية تحمل الجنسية الألمانية، ولكنها لم تذهب أبداً إلى ألمانيا. حيث ترتدي ثياب العروس البيضاء لتكون في الفلم رمزاً للحرية وحق الإنسان في أن يختار المكان الذي يريد أن يلجأ له. أما عبد الله المتنكر بدور العريس فهو مهاجر ناج من الموت بعد أن غرق مركبه وشهد موت أكثر من 225 مهاجراً كانوا معه على ظهر المركب. المهاجرون الأربعة الآخرون تنكروا بملابس أهل العروسين، ملابس جميلة وراقية تنجح فقط أن تخفي أنهم مهاجرون غير شرعيين ولكنها لا تخفي مآسيهم وما تعرضوا له أثناء طريقهم للوصل إلى أوروبا والتي يحكونها خلال الفلم.
تطوع في الفلم أيضاً، العديد من الشباب والشابات الأوروبيين ليتنكروا بثياب المدعوين إلى موكب الزفاف ويضفون بذلك مصداقية أكبر على خدعة الفلم التي هدفت للاستهزاء بقلعة أوروبا الحصينة وبقوانينها المجحفة بحق المهاجرين، هذه القوانين التي خرج عليها مخرجو الفلم الثلاثة ليصرخوا بوجه من سنّها ويقولون لهم كفى من خلال عصيان عن طريق السينما.
بعد النجاح الذي حققه الفلم على المستويين الإعلامي والشعبي، أصبح الفلم كما وصفه العديد من صحفيي ونقاد إيطالية، أكثر الأفلام المنتظرة لعام 2014 في إيطاليا، وهو أول الأفلام الذي يحقق دعماً جماعياً كبيراً في تاريخ السينما الإيطالية المستقلة.
يقول الناقد السينمائي بشار إبراهيم عن الفلم: “يمتلك الوثائقي الإيطالي/ الفلسطيني الجديد «أنا مع العروسة»، لآنتونيو آوغوليارو، وخالد سليمان الناصري، وغابريلّه ديل غراندِه، أسباب نجاحه الباهية، إذ ينطوي على سرد درامي مؤثّر، وتصوير ماهر، ومونتاج متدفق، وانتقالات متقنة، في إطار «فيلم طريق»، يعبر أوروبا من جنوبها إلى شمالها. لا يبقى لهذا الفيلم إلا القليل من الحظّ، ليُعرض كما ينبغي، وتُتاح له فرصة المُشاهدة، والمُشاركة، والمنافسة… لأراهن عليه بقوة. “أنا مع العروسة”… فيلم وثائقي حقيقي… يندر أن تجد مثيله عربياً”.
أخيراً فإن التضامن مع مخرجي الفلم الثلاثة يزداد وتتسع دائرته يوماً بعد يوم خاصة وأنه من المتوقع أن توجه للمخرجين تهماً بمساعدة هجرة غير شرعية، قد تصل عقوبتها إلى 15 سنة سجن إضافة إلى ضرائب مالية قد تصل إلى 75000 يورو!