لكلِّ مقلاعٍ حَجَرْ


*سرحان النمري

( ثقافات )

جَمحَتْ خُيولُكَ في كَوابيسِ الرَحيلِ
وَلمْ تَعُدْ في مَوسِمِ الحَصادِ
إنّما جوادَكَ المَمشوقَ قدْ عَثَرْ
وَهِجرةُ السُمّانِ ما زالتْ تُعيدُ الكرَّ 
والموجُ الشّماليُّ الصّقيعِ ولعنةُ الخُلجانِ نافِذَةً
وما مِنْ غيِّها إنسَحبَتْ ولا المدُّ إنْحسَرْ
نَضَبتْ عُيونُ النّبعِ وامْتدَّ الغيابُ 
ولم نَزلْ نَسْترجِعُ المَاضي 
وأيامًا خَلتْ إلا مِنَ النِسيانِ أو قلبٍ حزينٍ مُنْكَسِرْ
على خُطوطِ العرضِ آلافُ السّبايا الماجِداتِ 
غَنائِمُ الزُناةِ.. 
والبرهانُ في التأويلِ، 
ترفيهٌ لأصحابِ الرؤوسِ الخالياتِ مِن الفِكَرْ
خَلفَ السَتائِرِ والشُموعِ الخافتاتِ 
حَريقُ أُنثى
وانْسِرابُ الخِصْبِ في أعْضاءِ شَيطانٍ ذَكَرْ
لا لنْ أجادلَ فيكَ دُسْتورَ الحرائرِ 
أو قوانينَ الخُنوعِ 
ولا البشاعةَ في صُدورِ الأغْبِياءِ المُتْخَمينَ مِن البَشَرْ
الطيرُ أكْثَرُ مِنكَ إنْصَافاً 
إذا ما هاجَرَتْ أُنْثاهُ
يَنْسى مِنْ زَمَان العِشْقِ ألوانَ الصُوَرْ
فاتْرُكْ قُيودَكَ والسّلاسِلَ للعَبيدِ
فإنّنا لو لم يُطهّرنَا الهَوى
جُبَنَاءُ سَوفَ نَغوصُ في بَحْرِ الفَناءِ وَنَنْتَحِرْ
لا وَقْتَ في أسْفارِنَا حتى نُحاوِرَ أو نُسايِرَ دَمْعَةً حَرّى
وَقدْ طَالَ الطّريقُ وَجَفّتْ السّيقانُ في خَيلي وَغُزلانِ العُمُرْ
غَضَبي تَلاشَى يَومَ أنْ عَاهَدتَ قلبي
أنْ نَثورَ عَلى الوَصَايا
والجُنودِ الحَامِلينَ العَهْدَ فِي وَجْهِ القَمَرْ
عَلى يَمينِكَ خُطوتَانِ 
وسَوفَ تَمْتدُّ الأيادي نَحو عَرشِ النُورِ
والتَنْويرُ فِي رُبْعِ المَسافَةِ بينَ أنْ تَحيا عَزيزاً
أو تَموتَ بِلا أثَرْ
واخْتَرْتُ أنْ أرْعَى السّكوتَ عَلى الحَنينِ
وَفي يَدي أسْرارُ كلِّ العَاشِقينَ 
وَفي فُؤادي 
فَرحَةُ الصّباحِ والنَدى 
وَبَسْمَةُ السَّحَرْ
سَأمْتَطي جَناحَ نَوْرَسٍ 
وَسَوفَ أعْبُرُ المُحيطَ والشُطآنَ صَوبَ القُطْبِ
حَتّى نَلتَقي ، لَعلّنَا نُفَسِرَ الأحْلامَ أوِ نُعانِدُ القَدَرْ
ما هَمَّنِي إذا تَقاطَعَتْ في خَاطِري لَواعِجُ الفِكَرْ
وَلنْ أُبالي فَعُيونُ الرّيمِ فِي البَيداءِ ، عَوراء
اَصَابَها العَمى، وَضَاعَ فِي غَوْغَائِها البَصَرْ
***
تَعَاهَدَ القُطْبَانُ أنْ لا شيءَ بَعدَ الحُبِّ 
يُنْجي العَاشِقينَ مِن الجَوى 
سِوى الحَريقِ وَطُهْرِ نيرانِ القَدَرْ 
فاطْلقْ غُيومَكَ للمَدى واسْقي الجَفافَ 
وَدعْ عُيونَ النّبْعِ تَروي واحَةَ النّسرينِ في رِياضِهَا
واتْرُكْ ذُنُوبَ العاشِقِ المَلهوفِ يَغْسِلُهَا المَطَرْ
إنَّ الحَياةَ قَصيرَةٌ وَغُرورُهَا ضَرْبٌ مِن الأحْلامِ 
أوْ زيفُ السّرابِ أو الخَدَرْ
أفِقْ وَلا تَتْرُكْ مَنامًا يَمْنَعُ الّلحَظاتِ أنْ تأتي
فَعُمْرُ الحبِّ مِنْ عُمْرِ الزَهَرْ
أضِفْ مَحَارَةً إلى خَزائِنِ المُسَافِرِ العَنيدِ عِندَ المُنْحَنى
واكْتُبْ وَصِيّتَكْ،
وَذَكّرِ المُهَاجِرينَ والأنْصَارَ والخَفَرْ
وارْسُمْ على مِوجِ المُحيطاتِ الوُجوهَ السُّمْرَ 
والكوفِيةَ الحَمراءَ فوقَ السّارياتِ 
على نَسيمِ العَصْرِ والغيماتِ والشُطوطِ والجِبالِ والشَجَرْ 
واشْهدْ بِأنّكَ لم تَكُنْ يومًا سِوى عِشْقِ الرَواحِلِ 
والنَوارِسِ والمواني والسَفَرْ
سل العيونَ اللواتي ما أطلَّ الفَجرُ يومًا مِن مآقيها
وما إرتسَمتْ على أسْفارِهَا الخُطُواتُ أو ظلُّ القَمَرْ
لا تَقفِلَ الأبوابَ في الصَمْتِ الحَزينِ
ولا تُضيّعُ صفوةَ الأيامِ في ماضٍ عَبَرْ
واسْجنْ هُمومَكَ تَحتَ دالِيَة السّنينِ 
لَعلّها تَجْترُّ حِقْدَ الأمسِ 
أو تَحْتَدُّ مثلَ عَقارِبِ الواحَاتِ 
أو تَجْتازُ طُغيانَ الخَطَرْ
والتينُ والزيتونُ والزنابقُ الهيفاءُ 
والقطوفُ والقطافُ 
ترتوي من السَلافِ كالدموعِ فوقَ خدِّ عاشقٍ هَجَرْ.
لكلِّ مقلاعٍ حَجَرْ ! 
فَلا تَبوحَ باسمِكَ الثالوثَ للرُعَاةِ!!
أو تُحمِّلَ الخُطاةَ فوقَ إثمِها ما لا تَحمّلتْ 
ومَا في عُرفِها لا يُغْتَــــفَرْ
واحْذرْ بُنودَ الأنتِماءِ .. فإن للمهاجرِ المنسيِّ 
أسرارٌ لدى الأوطانِ تُوجِبُ الحَذَرْ
وأنّها مَحفورَةٌ على الجَبينِ مِثْلمَا الحُبُّ على القَلبِ إنْحَفَرْ 
أشْهدْ بِأنّكَ لم تَكُنْ يومًا سِوى عِشْقِ الرَواحِلِ 
والنَوارِسِ والمواني والسَفَرْ!! 
أشْهدْ بِأنّكَ لم تَكُنْ يومًا سِوى عِشْقِ الرَواحِلِ 
والنَوارِسِ والمواني والسَفَرْ!!
________
*شاعر من الأردن يعيش في أمريكا 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *