عمار حسن: الصوفية فى كتاباتي لإصلاح ما أفسده الإخوان والسلفية بالإسلام


حاورته : نجوى درديري


فاز الكاتب والباحث فى العلوم السياسية، الدكتور عمار على حسن بجائزة اتحاد كتاب مصر، عن روايته”شجرة العابد”، وذلك منذ أيام قليلة وسط نخبة كبيرة من الكتاب والأدباء.ولهذه الجائزة أهمية كبيرة فى الوسط الأدبي، وتمثل دلالة خاصة للفائز بها. 

ورواية “شجرة العابد” تأخذ منحى ملحمياً فى رسم أحداث تمتد بين الأرض والسماء، وتجرى وقائعها فى أواخر عصر المماليك، والبطلة المتفردة للرواية شجرة عجيبة مقدسة يهفو الجميع إليها، وإن اختلفت مقاصدهم، ومحرك أحداثها رجل يسعى فى شبابه إلى الثورة على السلطان المملوكي الجائر، فانتهى إلى درب التصوف هارباً من العسس والسجن والشنق الذي ينتظره. 

ورغم أن هذه الرواية قد كتبت قبل أحداث ثورة 25 يناير فى مصر بثلاثة أعوام، إلا أنها تضمنت إسقاطات سياسية تتحدث عن الثورة، وعن واقع مصر السياسي الأن وبعد زوال حكم الإخوان، وعن الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين فى مصر. 

وينتهج عمار على حسن، فى كتاباته الروائية الكتابة الصوفية، ويأخذ القارئ معه فى عالم من الروحانية والوجدانية والبحث عن الله، ليس فقط فى روايته”شجرة العابد” وإنما فى روايات”زهرة الخريف”، و”سقوط الصمت” ورواية” السلفي” والتى ستصدر قريباً. 

عن تفاصيل رواية “شجرة العابد” والتى أثارت جدلاً كبيراً بين مثقفي مصر، والحائزة على جائزة اتحاد كتاب مصر، وعن مؤلفات الدكتور عمار على حسن، كان لـ”بوابة الأهرام” هذا الحوار: 

فى البداية عقب عمار على حصول روايته” شجرة العابد” على جائزة اتحاد الكتاب مصر قائلاً: لقد سعدت بها لما تمثله بالنسبة لى من قيمة معنوية كبيرة، خصوصاً وأنها مُنحت لى من صرح عظيم ضم بين جنباته نخبة عظيمة من الأدباء والمفكرين، على مر العصور، مشيراً إلى أنه يعشق فن الرواية ربما أكثر من كتاباته فى العلوم السياسية أو فى علم الاجتماع السياسي أو حتى فى التصوف، وأنه رغم حصوله على جوائز عدة منها، جائزة الشيخ زايد فى العلوم الإنسانية، و جائزة الدولة للتفوق، وجائزة الطيب صالح، إلا أن هذه الجائزة تعنى له الكثير. 

وعن سبب تسميتة لرواية “شجرة العابد” ورمزية الشجرة فيها، قال عمار فى تصريحاته لـ ” بوابة الأهرام”: اختلفت رمزية الشجرة فى الرواية من قارئ لآخر طبقاً للمنظور الذى قرأ من خلاله الرواية ، حتى أن أبطال الرواية أنفسهم رأوا الشجرة وفسروا معنى وجودها بعدة تفسيرات، فالبعض كان ينظر إليها باعتبارها كنزاً ثميناً مثلما كان ينظر إليها السلطان وهو أحد شخصيات الرواية، وآخرون رأوها شجرة مقدسة، بينما كان ينظر إليها البعض الآخر على أنها ترياق يشفى من الأمراض، مشيراً إلى أنه اتخذ من الشجرة رمزاً للحقيقة والنماء والأصالة، وأيضاً لرمزيتها فى الأديان السماوية، وأضاف أن اسم شجرة العابد يعود إلى شجرة موجودة بمحافظة المنيا فى جنوب مصر، وبالقرب من قرية جبل الطير، وهى الشجرة التى استظلت بها السيدة مريم العذراء مع طفلها يسوع، خلال رحلة العائلة المقدسة وهروبها من جبروت الرومان فى فلسطين إلى مصر.وأردف قائلاً، اعتبرت الشجرة رمزاً للصوفية فى روايتي، وتعلق الذات البشرية بها. 

وعن كون روايته “شجرة العابد” تضمنت العديد من الإسقاطات السياسية والرمزية لواقع مصر، وما تعيشه من أحداث ورسم العلاقة بين الحاكم الديكتاتور ورعيته من وجهة نظر البعض قال عمار: أن روايته”شجرة العابد” والتى حاز عنها جائزة اتحاد كتاب مصر، تتضافر بها ثلاثة مسارات، المسارالأول هو التاريخي حيث اختار نهاية العصر المملوكي، وهو الفضاء الزمني لهذه الرواية، وكان هذا الاختيار نابعاً من التشبيه الدائم لنظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك قبل قيام ثورة 25 يناير، بالنظام المملوكي نسبة إلى ديكتاتوريته، والمسار الثاني هو مسار الواقعية، فالرواية ابتعدت عن الواقع كثيراً فى تفاصيلها فبها جزء كبير من صنع الخيال المحض لا سيما الأمور المتعلقة بالجن والأسطورة، وعالم الميتافيزيقا(علم ما وراء الطبيعة)، والمسار الثالث هو التصوف الذى كان حاضرا طوال أحداث الرواية متمثلاُ فى بطل الرواية”عاكف” والذي كان معنياً بالبحث عن الطاقة الكامنة فى ذاته. 

وأضاف، ورغم أن الرواية كتبت قبل أحداث ثورة 25 عاماً بثلاثة أعوام إلا أن البعض رآها قد تنبأت بفشل ثورة 25 يناير، وأردف قائلاً: إن هذه التقويلات تسعدني، خصوصاً أن النص الثري هو ما يثير حوله الآراء المختلفة. 

وعن اتهام البعض لروايته “شجرة العابد” لاحتوائها على مشاهد ميتافيزيقية كثيرة، حيث تعددت بها تفاصيل عن الجن والفضاء والأساطير، مما جعل العقل البشري لا يستوعبها، أشارعمار، إلى أنه تم إهمال تراثنا الخيالي مثل قصص ألف ليلة وليلة، وبعد الأعمال السحرية الخارقة، والأساطير المرتبطة بالفلكلور، نتيجة لسيطرة الفقه على التراث الإبداعي الأدبي، فى حين أن أدباء أمريكا اللاتينية هم من يقبلون على مثل هذا النوع من الكتابة الأن، وينتجون أعمالاً بها إبداع الواقعية السحرية والأسطورية مثل سلسلة أفلام هاري بوتر مثلاً، مؤكداً على أن هذا النوع من الكتابة بتنا نحتاج إليه لإراحة العقل من الواقع قليلاً. 

وعن الكتابة الصوفية فى رواياته “شجرة العابد “، و”حكاية شمندر”، و”زهرة خريف”، و”سقوط الصمت”، وعلاقتها بالتنشأة السياسية فى مصر، أشار عمار إلى أنه أنشغل بالتصوف واعتبره مسار مهم ومُهمل فى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، وأنه يطرحه حلاً للمستقبل ، وخصوصاُ فى التنشأة السياسية للأجيال القادمة وأهمية فصل السياسة عن الدين، لا سيما وأن الجماعات والتنظيمات السياسية، والتى حولت الإسلام إلى أيدلوجيا مثل السلفية الجهادية، وجماعة الإخوان المسلمين، والتنظيمات الإرهابية، مضيفاً أن انشغاله بالتصوف بدأ مع إعداده لرسالة الماجستير حول التنشأة السياسية بالطرق الصوفية فى مصر، ومن هنا بدأت القراءة العميقة للصوفية. 

وأضاف، أن كتابه “فرسان العشق الإلهى”، والذى ضم سلسلة من المقالات، تناول من خلالها بروز النزعة السلفية فى الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر منذ سنوات، وتضمن أهم المتصوفة فى تاريخ المسلمين، وقد تناولت من خلالها كافة اتجاهات التصوف، وأضاف، لقد حرصت فى كتاباتي فى التفريق بين الطرق الصوفية التى تحولت إلى مؤسسات اجتماعية التى تتبع أشكالاً من الفلكلور، وبين التصوف الخالص كتذوق وكعلاقة وجدانية مع الله. 

وعن علاقة المسلم والمسيحي فى رواياته “شجرة العابد” و”زهرة الخريف” والتى جسدها بشكل متماسك ودون تكلف، وإسقاطه على علاقة المسلمين والمسيحيين فى مصر، خصوصاً فى ظل وجود الفتنة الطائفية، والتى تحاول بعض الأعمال الفنية من(روايات-أفلام-مسلسلات) إقحامها بسطحية مزيفة قال:أنني مهموم للغاية بالعلاقة بين المسلم والمسيحي فى مصر، وقد جسدتها أيضاً فى روايتي”زهر الخريف” من خلال شخصية “على” المسلم و”ميخائيل” المسيحي، صديقان يذهبان معاً فى حرب أكتوبر 1973، ويقتل ميخائيل ويعود شهيداً بينما يتوه على فى الصحراء وتبدأ رحلة البحث عنه، وقد جسدت العلاقة فى قريتهما بين المسيحيين والمسلمين لتصبح هذه العلاقة هى المضمون الرئيسي للرواية. 

وأضاف كذلك فى روايتي ” سلفي” والتى ستصدر قريباً، تحدثت عن علاقة المسلم والمسيحي والأن أكتب رواية”جبل الطير”، وأتحدث فيها أيضاً عن تلك العلاقة، مشيراً إلى أن النسيج الطبيعي والتفاعلات الحقيقية لمشاكل المجتمع المصري بين المسلمين والمسيحيين، هى التى تقف حجر عثرة أمام أى محاولات فتنة للوقيعة بينهما، فالبعض يعتقد أحياناً أن تلك الفتن ستسفر عن حرب أهلية بينهما، والذى يمنع ذلك هى تلك الحصانة التى خلقتها العلاقات الإنسانية الطبيعية بين أبناء وطن واحد. 

وعن ربطه الدائم بين الدين والثورة خصوصاً فى أعماله الروائية والنقدية التى كتبها عقب ثورة 25 يناير، أوضح عمار، أنه يعتبر الدين فى حد ذاته نوع من أنواع الثورة، فهو ثورة ضد الظلم وضد البطش، وأن جميع الأنبياء انتصروا للفقراء، وحاربوا العبودية، وطالبوا بالمساواه، وبالسكينة والسلام، و أردف، لكن للأسف إن بعض التقويلات الخاطئة، وبعض المؤسسات المنتفعة من الدين والتى حولته إلى أحد عناصر التقهقر والتخلف والرجعية بما يخدم ذلك مصالحها. 

يذكر أن الدكتور عمار على حسن هو كاتب وخبير فى علم الاجتماع السياسي، ولد فى 21 ديسمبر عام 1967، فى محافظة المنيا بجنوب مصر، تخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة عام 1989، وهو كاتب مقال بالعديد من الصحف المصرية والعربية. 

وهو باحث مهتم بالدراسات “عبرالنوعية” فى علم السياسة، والتى تتناول علاقة الظاهرة السياسية بالدين والأدب والإقتصاد والقانون والإعلام. 

ومن مؤلفاته روايات “سقوط الصمت”، و”شجرة العابد”، و”زهرة الخريف، ومن مجموعاته القصصية، “عرب العطيات” و”أحلام منسية” وله العديد من المؤلفات السياسية والنقدية. 

وحصل على العديد من الجوائز أهمها جائزة الشيخ زايد للكتاب، فرع التنمية وبناء الدولة عام 2010، وجائزة الطيب صالح، وجائزة الدولة التقديرية، وأخيراً جائزة اتحاد كتاب مصر.


( الأهرام)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *