*مؤمن سمير
( ثقافات )
إلى جوارِ القداسةِ حَطَّت البنتُ على ركبتيكَ ، فأحسَّت أن ثدييها تَفجَّرا ، وأن القبلاتِ وقعت منها فشكرتَ اللهَ ودمعت مشاعركَ للمرةِ الأولى . وقتها كنتُ في نافذةِ المنزلِ المقابلِ ، وإن أردتَ الدقةَ فانزل وانزل ، لتراني في القبوِ أحمل منظاراً ، أجرؤ معهُ على مخاطبتكَ ولمسكَ ،
والخوفِ منكَ على راحتي ..
العينانُ هما الأخطرُ في راسبوتين .. حَجَرانِ من الصُلُبِ المُضَمَّخِ بالزَبَدِ وطَبَقانِ على المائدة الدَوَّارةِ .. ثم يَهِلُّ الصوتُ ، يحاكي رجرجةَ دماءِ البركانِ .. دوران الأفعى للظلِّ .. والمقرعةُ على بوابةِ السماء …
وأنا الذي لليوم لم أَمْثُل أمامَهُ ولم أستحمَّ في الهالاتِ الملعونةِ .. لكنه كثيراً ما يبتسم قلبهُ من ضعفي ويهمس لا تحاول القفزَ تحت نوري لتشوفَ ، اقبع هناكَ عيناكَ الذابلتانِ تَرسُمانِ مكانكَ .. وأَهرُبُ مفزوعاً وأنا أُوِقنُ أن معدتي سترتجف إزاءَ زجاجاتِكَ القانيةِ وصوتي سينحاشُ عند الأميرِ الوسيمِ ،
الذي سيزرعُ السمَّ ويقتلك ….
من أين أجئ برهبةٍ تُدَوِّخُ النساءَ فيهوينَ إلى دفقِ أحضاني ويتناسَيْنَ خطوتي العالقةِ في خِصْرِ القيصرِ ؟! هو الذي أفسد المروجَ قبل الثورةِ ، يقلنَ ذلك بحُرقَةٍ ، بينما يَلفُقْنَ الفساتينَ المحترقةَ من بينِ الأفخاذِ .. صَالحَ الشيطان في الغابةِ فَأَحَبَّ ذيلَهُ وقرنيهِ .. عاشَ وعاشَ ………….. ،
وبعدها أموتُ عارياً ،
كشهقةِ طائرٍ يأكلُ الخبزَ من رأسِكَ ….
راسبوتين يقودُ والشيطانُ يقهقِهُ من الشِراكِ ..
عاقداً يديهِ خلفَ ظهرِهِ المفرودِ منذ صلاةِ باكر ، يتمشى أبانا .. تُرى من أين ستأتي الطعنةُ يا يسوع ؟ لم أحسم أبداً إن كنتُ أحبُّ ضعفكَ أم أنني أُعيدُ صياغتكَ بعدَ مبارزةِ النبيلِ .. ربُّ الضِياعٍ والجداولِ … هُنيهةٌ ثم يحاصِرُهُ الموشومونَ بالبحثِ عن الأريجِ الصافي ، فيرمي بصرَهُ لفَوْق ..
ويُلَوِّنَ صبَّارةَ الممشى ..
هذا الابنُ المدللُ للقَيْصَرةِ الجميلةِ ، لم يكن بحاجةٍ إلى العَرَّافينَ والرقصاتِ والطيورِ .. بل للقداسةِ ، إلى ضحكِ الخَطيَّةِ والغفرانِ .. إلىَّ أنا ، أدخلتُهُ دائرةً حَفِيفُهَا عزفُ الريحِ وآخرُهَا المروجُ التي ترعى في لحيتي .. قال بهائي للنزيفِ استقم ، فخشعَ كعاصفةٍ عجوزٍ وغابَ ….
.. طَيِّر ملابسكَ المغسولةَ بالبخورِ وارقص عارياً في وسطهِنَّ واصرخ من لسعةِ الخمرةِ الجيدةِ ، لكَ أكثر من هذا ، ألا يضحك عليكَ المرضُ أبداً وأن يخشاكَ فضاءُ القبةِ المنقوشةِ ويُربِّتَ على خشونتكَ ، الموصوفةِ للزمن .. لكَ أن تكونَ كلَّكَ لكَ لمَّا تموت .. لن يأخذوا إلا صرخَتكَ يَدُكُّوا بها الثلوجَ والدماءَ والغابات …
.. ثم لجثةِ فحلٍ مثلكَ .. هل تصلحُ غرفتي ؟
حوائطي ليست أنغامَ قصرٍ ولا كوخَ يحبو وسط أحلامي … فقط خيولٌ جوارَ السورِ ..
هناكَ .. وشتاءٌ يربُضُ
للبوقِ العظيمِ …..
_________
*شاعر من مصر