الشاعرة ميسون صقر القاسمي : تعلمت كيف أُسقط دمعتي وأبصر من خلالها




حوار : عبـير البراهيـم *


اعتادت دوماً أن تطرز الأحلام لتصنع منها ضياء ينير لها الطريق.. كانت امرأة الألوان كلها، بداخلها كبر”الفقد” وبين يديها ابتسامات عديدة لأشياء تحب أن تفاجئ بها الحياة التي لطالما أدهشتها.. ابنة القصر الذي فيه أغمضت ذات يوم عينيها وحلمت بطيور وأنهار تغني معها حتى المساء… من هناك خرجت “طفلة” وفي القاهرة فتشت طويلا عن ذاتها المنفلتة من كل شيء سوى من صوت الشعر والحب والموسيقى التي تأخذ بيديها إلى النجوم.. في الكلمات حكت عن قصص تسكنها “امرأة ” تتوق في واقعها إلى كل شيء .. وعبر ريشة الألوان رسمت تلك التجارب التي صقلت روحها وخدشت قلبها ولكنها رغم كل ذلك كانت أكثر انفتاحا وأكثر رؤيا للأفق … 

أحترم قلبي كثيراً سواء عشق أو لم يعشق


قالت ذات قصيدة (أسمع الموسيقى تناديك….. قلبك يتسع لإقامتي.. كلما بعدت أكثر… لم أكن إلا امرأة.. لا يكفيها هذا العتاب الذي أنار ظلها… ماكنت لك من قبل… لكنني في مكاني أرواح… وأنثر وجدي)… آتيها بعد كل ذلك التوق الذي في شعرها لأكشف لها عن أسئلتي.. أصف أمامها فناجين الأحلام والأوهام وأسألها: أيهما تختارين ؟ فتقول لي “الوهم يقصف أحلامنا ويجعلنا مشروع حياة.. أضع أصبعي قريبا من قلبها وأهمس لها: ماذا هنا من عشق؟ تضحك ثم تقول: تلك أشياء ليست للنشر… أسرد عليها كذباتي الجميلة وأسألها”أي الكذبات التي التهمت سكرها” .. فتقول لا أحب ذلك النوع من السكر.. وقلبي لم يخنّي يوما.. 

توحد مع الكتابة



الشاعرة والروائية والفنانة التشكيلية الإماراتية “ميسون صقر القاسمي”.. تدخل المكشوف لتسرد لي عن حكاياتها الطويلة مع الحياة والوجود والإنسان.. تخفي في ذلك كله مفاتيح الحب والأسرار والأوهام.. وحينما أطلب منها أن تمسك القلم لتبوح لأسئلتي بأسرارها.. تكتب” الواقع يفرض علينا أن نتوخى الحذر ونحمي أنفسنا من المياه الغزيرة.. 

ميسون صقر القاسمي تسير معي في “المكشوف” لأقول لها من أنت من بين النساء؟ فتقول لي أنا كلهن جميعا… وربما أكثر.. 

الدوران حول الضوء: 


* في القلب نحمل تلك الأشياء التي تجعلنا كائنات بأرواح عارمة، متقدة الشجن.. أشياء من الحياة تغيرنا، ننمو معها وربما ننكمش.. ونبقى دائما في ذات النقطة كفراشات تدور حول الضوء… أين تحتفظ بالأشياء التي جمعتها لك الحياة لتغيرك؟ كيف هي”ميسون” بعد تلك التجارب وبعد تلك الأيام؟ 

– أنت قلتها في القلب بالطبع، لكنه حضور الغائب لا الحاضر… الحاضر هو الآن ما نعيشه لا الماضي أقول في قصيدة لي “الماضي وراء الأمس فلماذا أعيش حياتك” اذن أتعلم من التجارب لكنها تظل ابنة لحظتها وكل تجربة هي جديدة ولها حضورها وعالمها لذلك نحن ندور حول الضوء لا نحترق لكن ننعم بالضوء والدفء أحيانا أيضا جمعتها مابين العاطفة والعقل كي تكون لها طعمها ووعيها أن تعي تجاربك شيء مهم وخاص، كل منا مختلف أيضا بتجاربه سواء كانت تجارب جميلة أو كانت تجارب مرة لكننا لا نظل في ذات النقطة. 
بعد ذلك الفقد المبكر أصبحت أكثر وعياً وإدراكاً للألم والفرح

اختلف معك في ذلك الوعي يحركنا سواء للإمام أو للخلف ميسون بعد كل ذلك وخاصة الفقد المبكر للأهل والوطن أكثر وعيا أكثر انفتاحا على العالم أكثر إدراكا للألم والفرح والسعادة والحزن أكثر تجربة والتجارب تصقل وقد تخدش أحيانا. 

السعادة : 

* أعيش حياتي دون تشف من أحد أو حقد.. أحيا بألم كبير ولكني أعلم بأني استحق السعادة.. نعم استحقها.. حتى إن نغصها الفقد.. الجرح… وماذا عنك ؟ هل تجاوزت ذلك النوع من المشاعر التي تجعلنا نتحامل على خيباتنا مع البعض ومن الحياة ؟ أين هي السعادة الآن ؟ هل تستحقينها؟ 

– هذا أكثر من سؤال في سؤال لكن لنبدأ من البداية ماذا عني؟؟ حقا لا ادري لكنني كلما تلوث قلبي ببعض المنغصات غسلته بالرضا والمحبة لا أريد أن أقول التسامح والتسامح فقط لكن ترين أن تجربة الحياة أصلا تجربة تستحق أن تعاش دون أن ننظر لبعض هناتها وبعض إزعاجاتها الصغيرة فقد وضعنا فيها ولذا لابد أن نستمر كما نحب، بقدر الإمكان أن نستمتع بحياتنا وأشيائها الصغيرة أنا قد وضعتني هذه الحياة في التجربة كما يحدث لكل منا لكن مع ذلك أجد أنني عشت بجمال فائق مع أسرتي الصغيرة ومع الأصدقاء في عملي وفي إبداعي وكنت صادقة في كل منها وأما الألم فهو قاسم مشترك بيننا جميعا والفقد أيضا ربما زاراني مبكرا عن الآخرين لكنه ثمن لابد من دفعه، بالطبع حين نخالط الآخرين قد نصاب ببسمة وفرح وقد نصاب بالإحباط لكن ما الذي نفعله سوى أن ننظر لذلك بابتسامة ونمر سريعا وإلا ظللنا في المرارة ننهزم كل مرة نحاول الاستمرار فيها. 

كانت الأحلام واسعة وأكثر قدرة على حملنا

تسألينني أين السعادة وأظن أن ليست هناك سعادة كاملة أو حرية كاملة أو مرارة كاملة كل شيء في الكون جزئي وكل منها لنا نصيب فيه لكن لا ابحث عنها انا أعيشها ببساطة حين تسلمني نفسها واخلق سعادات بسيطة في الحياة تبدأ بالاهتمام بالآخرين وتربية الحيوانات الصغيرة والاهتمام بالحديقة والقراءة أظن أنني أجد سعادة في كل نص جميل وكل روح تخلق جمالا إضافيا لنا وأظن أيضا أن كلا منا يستحق السعادة مادام يحيا في الوجود لكن البقاء للأقوى والبقاء للأفضل نستحقها مادمنا لا تكون سعادتنا على حساب الغير كل هذا جميل السؤال والإجابة لكن مع وضعنا الحالي ونحن نجد الموت والإحباط والقتل والانقسامات والجوع من منا يستطيع أن ينام مرتاح الضمير ويبلغ السعادة بما كان يحلم به وهناك من يحلم أن يجد لقمة عيش وبعض دفء في قارس البرد ونطالب بدفء في المودة أحس أنني أتكلم عن عالم آخر بعيد عنا الآن قليلا للأسف كانت الأحلام من قبل واسعة وقادرة أن تحملنا لكن الواقع المريع يكبلنا بضغوط وآلام قاسية وكيف لا ؟! ونحن نرى الأخبار وشاشات العرض المستمرة في هذا الوضع المزري لنا. 

الرقص والضمير: 

* كتبت (تكتب ابنته عن الراقصة.. التي كتبت أخرى عنها .. بألفاظ مثيرة. ودون رأفة. عن الراقصة التي كبرت في المرقص والتي لم تستطع إلى الآن.. إغواء الرجل الذي أحبته .. برغم جسدها الذي استهلك في الرقص.. وروحها الخافتة) .. لماذا ترقص النساء؟ كي تهدهد روحها الموعودة بالأحزان ؟ أم لتشفى من أنوثتها الطاغية؟ أو لتهرب من حصارها باستهلاك جسدها؟ وماهو الرقص الذي تشتهين أن ترقصيه في الحياة؟ 

– كلنا أسرى هذه الحياة لا مناص منها كل منا أسير لشيء رهين بها.. أصف الريح واسكن المتاهة أي اصف ما هو في الريح لكنني لست فيها أنا في متاهة اللغة في تفاصيلها في معناها العميق الذي يجعلك تعرف العالم من خلالها تتعرف وتكتب مجرد الكتابة هي حياة أخرى تفاصيل وألوان وشخصيات تتقمصها تكون منها لحظة ثم حين تنتهي من كتابتها تنفصل لا تعرفها أبدا هكذا الراقصة اكتب ما يلح عليّ فيها تلك التي يكتب عنها الأب والصديقة وحين تكتب هي لا تكون إلا مثار شفقة ورأفة رغم جمال ما كتبه الأب وقسوة ما كتبته أخرى إذن ليس الرقص لكن الأحكام المسبقة التي تجعل منها أداة لقمع الضمير أو لرؤية حرة أكثر إنسانية أو لضمير قاس يكتب دون مراعاة هذا ما كنت أريد قوله من قصيدتي، شكرا لأنك فتحت مسافة لأعرف ماذا اكتب وادافع عن رؤية ما كنت لألحظها لولا حضور السؤال وان كنت قد أجبت في مجال آخر. 

الأنوثة واستهلاك الجسد والرقص مفاهيم لابد من الحذر في استخداماتها لا يعني لي أن اربط الرقص بالأنوثة ولا الجسد بغريزته أو تقسيمه على هذا النحو هو نحو مباغت ينظر بمفاهيم مسبقة دون وضع مفاهيم اللغة للجسد وللأنوثة والنساء في سياقها الصحيح. 

امرأة اللون: 

* أيهما أنت… المرأة المخملية القادمة من قصر الحكم؟ أم الشاعرة التي تتمرد على عالمها؟ أم أنك امرأة الألوان التي ذات يوم رسمت في “لوحة” طائرا فرّ من ريشه وهرب بقلبها إلى هناك؟ 

– كل هذا وأكثر(… ههههه..) أنا هي أنا في كل حالاتي ومحتوياتي وأفكاري المتناقضة والمجنونة أحيانا نحن الكل لا نتجزأ فيه إلا حين نضع أنفسنا على الورق فهنا شاعرة وهنا فنانة وهكذا أما في الواقع لا اتفتت بل اكتمل لأكون امرأة اللون والحرف ولأكون ابنة الفقد والحرية ولأكون الشعر الذي امتلأت به كل هذا يخصني وأكونه حين أكون ميسون التي تكتب وترسم وتعيش وتتنفس فلكل منا تاريخه المناسب له ولذا أنا لست نسخة من احد غيري لذا أنا هكذا وللعلم قصر الحكم الذي تحكين عنه لم أعشه ولم أره منذ كان عمري خمسة أعوام. 
ميسون في الطفولة
الكتابة مثل الذاكرة قائمة على الانتقاء لا تتذكر إلا من وما تريد لا تتذكر كل شيء لهذا أنا في عون الكتابة حين حضورها فهي التي تنتقي أي مني وان لم أتجزأ أما أنا فأعيش ماهو اليوم وليس الأمس كما قلت لكن لا أتغاضى عن أمسي الذي يكون ذاكرتي ويخصني بتجارب ليست لغيري انهل منها وتكون خصوصية كتابتي وحياتي فمادتي التاريخية غنية لا كأرشيف فقط بل كمادة معاشة يمكن أن اخلق منها أساطير، مفهوم التاريخ لدي يبدأ من هنا ويذهب إلى هناك هناك تاريخي مروي ومشاهد استطيع أن اسأل عنه ومن هنا يكمن الحلم بهناك لأن هناك بالنسبة لي التاريخ والحلم والطفولة. أن يكون تاريخك مناسباً لك مشروط بوضعية مناسبة لك لكي تكوني في وضعي مناسبة لكونك في كل مكان من العالم ترفض التطوير عن طريق التلقين لهذا تقفز سريعاً على الأشياء كانت لفترة طويلة في وجود عالم خفيف لم يكن له دور أو ثقل في الرأي لكن يفتح لي مساحات للإرضاء بعد كل ذلك ذاتي وقبض الريح تفهم فتنفلت وتختار فتترك، أصبح لدي تجربة في الحياة في اليومي من الحياة تضمحل الروح فيها تذوب فقط تجربة في الحياة تختلف ربما لكنها تضع لبنات الفهم الأولى لبنات الوعي ومن ثم فكل تجربة تضيف وتنقص من الإنسان لكنها تعيد تركيب وعيه وحركته في الكون حسب اختياره 

كلما أحاول التملص مني أجدني اقرب كلما حاولت الانفلات بعيدا عني وجدتني مخلصة دؤوبة مخلصة للقرب من ذاتي أكثر ماذا افعل بذاتي؟ انها ترافقني تتوعدني وتحدثني كثيرا كانت الكتابة والثقافة محورا أساسيا املك بعض مفاتيحه لذا كنت أتكون بجانبهما الحياة منحتني بعض ضوء وأنا سرت إليه. 
حين أشتعل حزناً أنسحب إلى الداخل وأغلق نوافذي

لا أتغير: 

* حينما أشعر بأن هناك “شوكة غدر” وخزت قلبي.. أحمل وجه “عبير” بين يدي وأقبل جبينها ثم آخذها إلى صدري بعد أن أهمس لها “اهدئي”… ماذا تفعلين حينما تشعري بأن “ميسون” تتألم من أشواك علقت بقلبها؟ متى تقولين لها ” اهدئي“؟ 

– مادمنا في الحياة فأشواكها كثيرة وغدرها كبير لكنني لا أنتظر الكثير منها أصلا ومادمت أحياها فيجب أن أكون قوية ومؤمنة بأن كل مايمكن فعله هو أن لا تقدم خدك الآخر لمن صفعك على خدك الأول لذا أنا ابتعد نائية بنفسي وأقول قد خسروا إنسانة محبة وصادقة ربما ألوم بعضي وربما قد ألوم غيري لكنني حين أصبح مشتعلة بالحزن والضيق اسحب نفسي داخلي واقفل نوافذي واستكين لأنني لا أحب أن أتغير أن يغيرني السوء ابحث عن النسيان ولا يأتيني كأنه يتهرب مني أعبره ويبقى بعده الأثر لا الوجع فأرد على الأصوات بصمت يقبع فيه الصدى وتردده الغابات. 


علينا أن لا نقدم خدنا الآخر لمن صفعنا على «الأول»

خيانة قلب: 

* كتب باولوكويلو(إذاً لماذا عليّ أن أصغي إلى قلبي؟ لأنك لن تتوصل أبدا إلى إسكاته حتى لو تظاهر بعدم سماع مايقوله لك.. سيبقى هنا في صدرك. ولن ينقطع عن ترداد مايفكر به حول الحياة والكون. حتى وهو خائن).. متى نضع أيدينا على مسامعنا حتى لا نسمع مايقوله القلب؟ هل يمكن أن تخوننا قلوبنا؟ 

– كثير مما نراه يكون مجرد انطباعات عنه وذلك ينطبق على الأشخاص والقيم والأفكار دائما ما نرى انطباعاتنا حول ما يراه القلب لذلك يجب التأني والحذر ومن ثم فالحقيقي يكمن عميقا وأما الزبد فيطفو سريعا، التعجل بعضنا يراه الخيانة زاوية الرؤية قد تختلف، التسرع يقضي على أجمل الأشياء لكن أيضا التأني في عدم وجود مبرر قد يبيح للقلب أن يهجر لكن أن تخوننا قلوبنا لا أظن أن القلب يخون جسده لكنه قد ينطفئ نوره إن لم يستخدم جيدا. 

في لحظات قراءة إحدى قصائدها

تفاصيل الروح: 

* تقيمين في القاهرة ووطنك الإمارات رائحته في قلبك… هل يمكن أن نجزم بأن القاهرة غيرت “ميسون صقر القاسمي”؟ ماذا أعطتك مصر؟ ومالذي أخذته منك؟ 

– كل مكان جديد يأخذ منك ويضيف إليك أنا لا أدعي أني خلقت في ما هو موجود أصلا ولكن ربما الحياة الثقافية المصرية كانت تشغلني بالحركة حين بدأت عيني تتفتح للحياة لولا ذلك ربما كنت انعم في الحياة العادية وبالطبع أي اغتراب وهجرة وترحال وسعي وراء آخر هو ضوء في تجربتك الحياتية والكتابية أيضا ترى وتسمع وتشاهد وتختلف كمن يمر في اختبار جديد تجربة الحياة المليئة بكثير من التجارب العديد من الشخصيات بدايات التعلم، الخوف الأول، الاندهاش ليس سهلا أن تكون ضمن حياة ثقافية كبيرة ممتلئة عن بكرة أبيها بالثقافة والمثقفين لا بد أن تعمل بجد وقوة كي تكون منها أو تدخل فيها انها مليئة وعميقة وكبيرة. 

دعيني أقول ان فكرة القومية والعنصرية فكرة جذر من هنا لا أعرف فكرة الجذور بهذا المعنى لكن من يفقد جذوره يصبح إنسانا عاماً أنا لست كذلك ولست عنصرية ولكن انتمى لمكان ما يكون تفاصيل روحي وذكرياتي ومكان آخر كون واقعي ويومياتي أصبحت مع واقعه ويومياته ويوما ما يكون أيضا ذكرياتي التي تبدأ مبكرة معه. 

خيار الغربة: 

* كتبت (غريبة أنا عنك، أعلم.. لكنني أقرب من هذا الدم الذي يضخ في الوريد).. كيف تكون شكل “الغربة” مع شخص نعلم جيدا بأننا أقرب إليه من الدم في الوريد؟ هل غربتنا عن من نحب خيار؟ أم حالة تفرض علينا وإن كرهناها؟ 

– أجدك تجاوبين عن السؤال وإجابتك أفضل مني إذ لا أجد ما أجيب عنه قلت غريبة عنه ولم اقل غريب عني فربما الغربة تأتي من الرؤية لكلا الشخصين ترينه قريبا ولا يراك كذلك فتلك القصيدة تتحدث عن فهم مختلف ووعي مختلف وعلاقة يراها كل طرف بشكل آخر عن الآخر لا استطيع أن أجيب لأنني حين اكتب افترض حالات قد لا اعرف الإجابة حولها فالسؤال هو الأساس لا الإجابة يا عبير أظن ان أجبرت على الإجابة أن هناك حالات تفرض علينا الغربة وحالات هي خيار أفضل لو الاختيار الذي نختاره غير مناسب لا أعلم ليس كل ما نكتبه هو خيار جيد، الكتابة ليست مصانة ولا أخلاقية بشكل كبير فهي لا تبحث عن الصحيح ولا تؤكد واقعاً هي حالات متعددة لأشياء عديدة. 

برد الحب : 

* كتب الشاعر علي عسيري (نعم مليون.. أنا أحبك.. لو يصير الكون.. حسود.. أو عاشق مجنون.. نعم والله أبي أحبك.. وأحلف اني أحبك.. ولكن بيننا حاجز وخوف وبرد.. وعالم همها دايم تدوس الورد).. متى يكون في الحب حاجز وخوف وبرد؟ وهل قلت يوما لحب دخل حياتك “نعم مليون” ؟ 

– القلب له حياة خاصة ليس مجالها الصحف والمجلات يا صديقتي أنا احترمه كثيرا سواء كان يعشق أو لا يعشق لكن يمكنني القول ان الحب هو جزء حقيقي من أنزيمات الوجود وان الحياة التي لا يحتفي فيها الإنسان بالحب أيا كان هي حياة ناقصة شاحبة كئيبة، ليت حياتنا تمتلئ بما هو حقيقي وإنساني ليتها تمتلئ بالحب ما كان هذا حالنا ولا هذا وضعنا. 


كلما حاولت الانفلات بعيداً عني وجدتني أقترب أكثر من ذاتي 

الذات والحرية: 

* أين تكمن حريتك؟ وهل تعيشينها بطمأنينة أم بقلق؟ 

– كانت حرية حركتي تبدأ من ذاتي وبين حرية الذات التي تبدأ من الآخرين تحت وطأة اعتراف الآخر بي سلكت لأقع أسيرة الاعتراف بي لأني بدأت من ذاتي والآخر أصبح ندا فكنت أتعامل مع شخصيتي من خلال قلقها، حقيقتها، وتشوهها لا بجمالها وما تطمح إليه ومن ثم فإن قلقي سبق طمأنينتي لهذا لم استطع التنازل أبدا عن وجودي الذي خلقته “افهم فانفلت واختار فاترك” . 

الحلم والوهم : 

* علينا أن نحلم حتى إن كلف ذلك أن نتوهم… ماذا بقي من أحلامك يا ميسون؟ هل عشقت – يوما – حلما ثم عاودتِ وأهديته “للكره”؟ 

– لا يمكن أن يكره من يحب أبدا هذا ما اظنه والكراهية شيء كبير جدا لا استطيع أن اكره أن احقد كلمات لا اظنها إلى الآن قد دخلت قاموسي ولابد أن نفرق بين الحلم والوهم الحلم يجرك لان تغير ذاتك أن تهفو لان تكون.. أما الوهم فهو من يقصف أحلامك ويجعلك في الحلم مشروع حياة وشغف الوهم مشروع فشل وعلى كل تعلمت أن أتعلم كيف أسقط دمعتي وأبصر من خلالها. 


البحر مرآتي وأفضل المواجهة على الرجوع إلى الخلف

شجاعة المواجهة: 

* أمامك موج مواجه للمخاطر.. وأمامك حرائق تشتعل حزنا .. وخلفك أصدقاء لا تعرفينهم جيدا…. أيهما تختارين لتقابليه في الطريق؟ 

– عادة لا استطيع النظر للخلف لأنه ماض لا يعود أبدا وان حاولنا سيعود مختلفا في الزمن وفي الحالة لذا استثنيه أما الحرائق أو الموج الذي يواجه المخاطر فحياتنا كلها مجازفات وحروب إن لم تكن مع الآخر فهي مع النفس، أفضل أن أسير للأمام وأواجه ماهو آت كما هي المجازفة والشجاعة والاستمرار ليسوا اختيارا بل فرض إن أردنا التقدم للأمام أما الرجوع للوراء ” فقل للزمان ارجع يا زمان ” وعلى كل فالبحر مرآتي. 

حياتنا كلها مجازفات وحروب مع الآخر والنفس 

سكر الكذب : 

* بعض الكذب كقطع السكاكر.. نحب أن نلتهمه لأن في طعمه استدعاء لبعض الحقائق المخفية.. هل لديك كذبات تشتهين أن تلتهميها كقطع السكاكر المخفية؟ أي كذبة قلتها بعفوية ثم أوصلتك إلى حقيقة مباغتة؟ 

– أنا شخصية لا تمل الحياة لكنها تمل الكذب لا تعرفه لا تحبه ربما أدور حوله ربما اخبئ بعض الأشياء لكن الكذب من الصعب أن ألوكه وان أحببت أن أتعاطاه في الشعر بأن اكذب في الوصف أعيش حالات اكتب عن مرض وكلها حالات غير صحيحة أتقمصها فيقولون أجمل الشعر أكذبه لكن الكذب في الحياة لا أظنه قطع حلوى أبدا، ولا أثق في كاذب أبدا، فانا شخصية تعلن عن نفسها في أقصى انفعالاتها وأقصى هدوئها وتصل بسهولة إلى أقصى القطبين دون اللجوء إلى أي معطى آخر غير حقيقي مثل الكذب وان كان سكراً. 

حماية الخصوصية: 

* ماهو السر الذي لم تقوليه – يوما – لأحد؟ 

– ان كان هناك سر فكيف أبوح به لك (..ههههه…) على كل لا وجود لحياة دون أسرار ولو كانت صغيرة تملأ جيوبنا بالخصوصية والحلوى كل شخصية فيها تاريخ مخفي لا احد ليس لديه أسرار هي جزء من تاريخ شخصيته في ارتباطها بالواقع المعاش المبني على التجميل أساسا والكذب عموما ليصبح قطعة حلوى كما تقولين واختلف في التشبيه معك بالطبع لكن هكذا تمرره أصابعنا إلى الورق والى قناعاتنا للأسف لو بحت أصبحت إنسانة عامة ليس لها خصوصية وهذا مايميز كل منا الخصوصية والتفريق بين العام والخاص هو نوع من الحماية في واقع يفرض عليك أن تتوخي الحذر وتحمي نفسك من مغبة الدخول في مياهه الغزيرة.

* الرياض 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *