*أزهار أحمد
كين كوراي فنان إنجليزي ولد عام 1960، تتناول لوحاته في المقام الأول جسم الإنسان الذي يتأثر بسبب المرض، والشيخوخة والإصابات الجسدية، كما تتناول أعماله أيضا القضايا الاجتماعية والسياسية، والمسائل الفلسفية. إلا أن لوحات كين كوراي تنقل بالذات صورا لا تمحى من الذاكرة لملامح الرعب التي تعتلي وجوه الناس وهم يواجهون حقيقة مرض السرطان، وكذلك المرضى الذين يتعايشون معه.
يهتم كوراي بمرض السرطان لأنه المرض الذي ظل يعتبر وصمة عار لمدة طويلة في المجتمعات الغربية. فبالإضافة إلى الألم، يقاسي مرضى السرطان الخجل والتفكير المتواصل في أن الآخرين يعتقدون أن للمريض دور في اصابته بالمرض.
في لوحة “ثلاثة أورام” هذه التي تعتبر من أشهر لوحات كوراي، يكشف ببراعة فائقة التداعيات العاطفية للمرض ومفهوم الأمراض كاستعارة للحالات الاجتماعية والسياسية والشخصية. استحضر الفنان في هذه اللوحة تقريبا الضغط النفسي الشديد للتحمل الذي يصيب المرضى بالأورام السرطانية بصفته إحدى الآليات المزعومة للعلاج في مواجهة المرض. الرجال الثلاثة الذين يبدون مرتبكين ومتعبين في هذه اللوحة هم بروفيسورات من قسم الجراحة والأورام الجزيئية بمستشفى ناينويلز وكلية الطب بجامعة دندي بسكوتلندا.
الذي يظهر في المنتصف هو البروفيسور ألفريد كتشيري، رئيس قسم وبروفيسور الجراحة في المركز، وعلى يمينه البروفيسور ديفيد لين، أستاذ علم الأورام الجزيئي، وبروفيسور الجراحة آر جي ستيل على يساره. كما يتضح من اللوحة رسم كوراي حول الرجال الثلاثة ستارة بألوان مضيئة خفيفة تنطلق من محيط مظلم فظهروا وكأنه تمت مقاطعتهم فجأة أثناء اجراء عملية جراحية مهمة. النوعية المضيئة من الطلاء تلقي بظلال على أشكال الرجال فتبدو شبحية تقريبا، معطية شعور الرعب والقلق المرتبط بمرض السرطان ولحظة الفصل بين الحياة والموت.
من الوهلة الأولى تبدو على وجوه الرجال الثلاثة ملامح الذكاء والحساسية إلا أن كل ما يظهر معهم باللوحة يبين مدى التوتر والخوف والقلق البادي على وجوههم، حيث أن يد البروفيسور ستيلي مرسومة وهي ملطخة بالدماء لكنه يبقيها بعيدا عن جسده، بينما يمسك البروفيسور ألفريد كتشيري بأداة طبية غريبة غير واضحة.
هذه المشاعر المختلطة والرعب البادي عليهم وكأنهم أشباح كلها نتيجة لصراعهم مع قسوة وحقيقة مرض السرطان الذي يحاولون تخليص مرضاهم منه حسبما تقتضيه وظيفتهم المرهقة التي تفرض عليهم تلبية توقعات المريض وغرس الأمل. وعلى العكس من الصورة النبيلة التي يقدمها الطبيب بشكل عام، إلا أن هذه اللوحة توضح قلة حيلة الأطباء الثلاثة هنا، وهذا ما قصده كوراي: تصوير الالتزام والجهد الذي يبذله الأطباء وهم يكافحون مرض السرطان الميؤوس من علاجه.
هذه اللوحة من أعمال القرن الواحد والعشرين وهي من مقتنيات متحف سكوتلندا الوطني بادنبره
نقلاً عن كتاب: 1001 Paintings You Must See Before You Die