تطورت الفنون من رسم الماموث والنار الرماح على جدران الكهوف إلى الرسومات المتحركة والوجوه التعبيرية على هواتفهم الذكية. تنتشر الأيقونات التعبيرية بشكل سريع جداً وهو ما يتواءم مع طبيعة الاتصال الرقمي من شبكات الاتصال الاجتماعي مثل فيسبوك، أو الدردشة مثل الواتس آب أو حتى الرسائل القصيرة التقليدية للهواتف النقالة. وتوفر النسخة الأكثر انتشاراً للأيقونات التعبيرية في الهواتف الذكية 722 أيقونة مختلفة، حمَلها أكثر من عشرين مليون مستخدم لهواتف شركة أبل. وتتنوع هذه التعابير من وجوه ضاحكة وقلوب تقليدية إلى كؤوس الشراب ورياضة التزلج.
قصور في اللغة؟
يرى بعض اللغويين في انتشار الرموز الرقمية ضعفاً في اللغة المكتوبة، فهم يعدونها تكاسلاً عن التعبير بلغة مكتوبة دقيقة. من جانب آخر، ترى المتخصصة بعلم النفس الاجتماعي تينا غانستر في الأيقونات التعبيرية “طريقة مبدعة للتعامل مع صعوبات الاتصال الرقمي”. وتعلل ذلك بأن هذه الرموز تشكل بديلاً عن التعابير غير اللفظية في الحياة الواقعية كلغة الوجه والجسد ونبرة الصوت غير المتوفرة في النصوص المكتوبة. لذا تعد الأيقونات التعبيرية في كثير من الأحيان الطريقة الوحيدة للتعبير عن المشاعر. وتوضح: “تستخدم الرموز التعبيرية لتوضيح المقصود من الجملة، فقد تعني السخرية أو التهكم. وبهذا تساعد هذه الأيقونات على تجنب سوء التفاهم”. فجملة “اعزم والدتك إلى حفلتنا” تحمل معنى مختلفاً تماماً في حالة تذييلها بوجه غامز، تضيف غانستر. إذن فإن تنوع الأيقونات التعبيرية يساعد على بناء العلاقات عن طريق الوسائل التقنية.
ويشاطر عالم اللغويات بيتر شلوبنسكي من جامعة لايبنس هانوفر وجهة نظر تينا غانستر في أن استخدام الأيقونات التعبيرية لا يؤذي اللغة بشكل عام. فيقول:” لا تستخدم هذه الرموز في كل مكان أو وقت، وإنما تقتصر على صور محددة للتواصل كالرسائل القصيرة أو تطبيقات الدردشة”.
الأيقونات الكلاسيكية هي المحبوبة أكثر
أكثر الأيقونات التعبيرية انتشاراُ هي تلك التقليدية، تبعاً لموقع emojitracker.comالذي يقوم بتعداد كافة الأيقونات المضمنة في رسائل تويتر بعد تصنيفها. احتلت أيقونة “قلب الحب” المرتبة الأولى مع 241 مليون مرة، وكانت المرتبة الثانية من نصيب “دموع الفرح” (152 مليون)، في حين أتى الوجه الضاحك ثالثاً (85 مليون). ويعد الأخير الصورة المحدثة عن الأيقونة القديمة “:)”، والتي اخترعها بروفيسور علم الكمبيوتر الأمريكي في جامعة كارنجي ميلون، سكوت فالمان، عام 1982. فقد أزعجه عدم قدرة الكثير من زملائه على استيعاب مزاحه وتعليقاته في اتصالاتهم الرقمية، فصمم الابتسامة البشرية في اللغة الرقمية.
اختلاف معاني الأيقونات التعبيرية بين الثقافات
أحد الأسباب الأخرى لاستخدام الأيقونات التعبيرية هي الرغبة في “الاقتصاد اللغوي”، وفقاً لعالم اللغة الألمانية شلوبنسكي. فلمَ على المرء طباعة الكثير من الأحرف على أي من مواقع التواصل الاجتماعي عوض طباعة رمز يعبر عما يحاولون قوله؟
ويختلف معنى الأيقونات الرمزية في الثقافات كاختلاف معاني لغة الوجه والجسد من ثقافة إلى أخرى. فتبين تينا غانستر:” الأيقونات الآسيوية لها مظهر مختلف على سبيل المثال، فهي تركز على العيون وترسمها كبيرة جداً”. يذكر أن الأيقونات التعبيرية تحظى بشعبية كبيرة في الصين واليابان، خاصة وأن اللغة المكتوبة التقليدية لهم مبنية على أشكالها الصورية وليس أصواتها.
من هنا يمكن توقع بعض الصعوبات في فهم اللغة غير اللفظية إذا ما كان المعنى الاصطلاحي لها مختلفاً من ثقافة إلى أخرى. فرسم دائرة بالإبهام مع إبراز السبابة يعني في كثير من الثقافات “Ok!” ، في الوقت الذي تعد فيه نفس الحركة إهانة في البرازيل ودول أخرى كثيرة. وبناءاً على ذلك، فإن وقوع حالات سوء تفاهم في الأيقونات التعبيرية رغم شدة عاطفيتها مماثل لاحتمالية وقوعها في الحياة الحقيقية.
_________
*D.W