حوار : عزيزة علي
وصفت المفكرة والناشطة المصرية العربية د. نوال السعداوي الربيع العربي بـ” الثورات الشعبية العارمة التي شملت الملايين من الرجال والنساء والشباب والأطفال”، ولكنها استدركت بأن الثوارت “لم تواكبها ثورة ثقافية أدبية”.
وقالت السعداوي في حوار أجرته “الغد” معها عبر الإنترنت “إن جائزة نوبل للسلام سياسية، ولم يحصل عليها أي ثائر أو ثائرة”.
وأكدت السعداوي التي تعرضت للسجن والنفي نتيجة لآرائها ومؤلفاتها أنها حصلت على جائزة أكبر من “نوبل” وهي “جائزة شعبية لا تسيطر عليها أي حكومة أو قوة عسكرية أو مدنية”.
ورأت السعداوي، أن الثورات الشعبية التي انفجرت خلال السنين الأخيرة في العالم العربي وبلاد العالم شرقا وغربا، شملت أيضا الشعوب الأوروبية والشعب الأميركي ذاته الذي ثار ضد الرأسمالية الشرسة في حركة تم فيها احتلال “وول ستريت” في شتاء 2011، بعد شهر واحد من قيام الثورة المصرية، وشملت هذه الثورات جميع الطبقات الكادحة والوسطى، حيث ساعدت وسائل الاتصال الإلكترونية على الحشد وتعبئة الملايين وكسر احتكار الحكومات لوسائل الاتصال.
وقالت صاحبة كتاب “الوجه العاري للمرأة العربية”، عن انعكاسات هذا “الربيع” على المرأة، والثقافة والأدب في العالم العربي “لم تواكب هذه الثورات السياسية أساسا، ثورة ثقافية أدبية أو اجتماعية لتحرير النساء والفقراء، لكن مهدت لها أفكار وكتب ثورية رائدة قدمها عدد من المفكرين النساء والرجال، الذين اضطهدوا من الأنظمة المستبدة السابقة، ودخلوا السجون وعاشوا المنافي، ومع ذلك يواصلون العمل والإبداع الفكري رغم ما تتلقاه الثورات من ضربات من القوى المضادة للتغيير خارجيا وداخليا”.
كما رأت مؤلفة رواية “كانت هي الأضعف”، أن المرأة العربية “تتعرض لردة خطيرة رغم مشاركتها في الثورة ودفعها ثمن التحرر من دمها وأمنها وسمعتها، إذ يتم تشويه سمعة الثائرات كما يحدث دائما، واعتبارهن فاسدات، وغير ملتزمات.
وقالت السعداوي التي حصلت على جائزة “ستيغ داغيرمان” من السويد، في العام 2012 “إن المرأة المصرية تواجه في بداية العام 2014 ضربات فلول النظام القديم مع ضربات فلول الإخوان المسلمين، مع تجاهل الأحزاب المدنية الليبرالية واليسارية القديمة والجديدة لحقوق النساء تملقا للأحزاب السلفية التي تحلم بوراثة الحكم بدلا من الإخوان المسلمين، إلا أن المرأة المصرية والعربية لن تعود إلى الوراء ولن يهزمها شيء”.
وحول عدم حصولها على جائزة نوبل، رغم حصول بعض النساء اللواتي لمع نجمهن مع الربيع العربي على هذه الجائزة، مقارنة بالمشروع الكبير الذي طرحته السعداوي لتحرير المرأة العربية، الذي جوبه بمقاومة حتى من أوساط ليبرالية، قالت “جائزة نوبل للسلام سياسية بالدرجة الأولى لم يحصل عليها أي ثائر أو ثائرة حقيقية ضد النظام الطبقي الأبوي العنصري الديني العسكري، الذي جعل 1 % من سكان العالم تملك 99 % من ثروات العالم وسلاحه وإعلامه”.
وتابعت السعداوي التي وضع اسمها على ما وصفت بـ”قائمة الموت للجماعات الإسلامية” وهددت بالموت، كما أن محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في مصر في العام 2008، رفضت إسقاط الجنسية المصرية عنها، في دعوي رفعها ضدها أحد المحامين بسبب آرائها المدافعة عن حقوق المرأة، “من يحصل على نوبل هم من يسيرون في ركب الإصلاح الشكلي “غير الجذري”، لهذا النظام العالمي المحلي، ومنهم باراك أوباما مثلا.
وأضافت أما مشروعي فهو خطير ويكشف زيف وجشع الحكومات الدكتاتورية والديمقراطية أيضا، وهي ديمقراطيات مزيفة، طبقية عنصرية ذكورية تتخفى تحت اسم الديمقرطية، وبالتالي لن يحظى هذا المشروع إلا بجائزة شعبية لا تسيطر عليها أي حكومة أو قوة عسكرية أو مدنية، ويكفيني أنك تقولين عنه “مشروع كبير”.
وقالت السعداوي التي ولدت في 27 أكتوبر 1930، وهي طبيبة، وناقدة وكاتبة وروائية ومدافعة، في مشروعها بعد مرور عدة عقود عليه أنه نجح في اختراق الثقافة السائدة في مصر والبلاد العربية، بل في بلاد أخرى، “بعد ترجمة كتبي إلى لغات كثيرة وأصبح لي قراء كثيرون من مختلف الجنسيات، أغلبهم من الشابات والشباب، تأتيني رسائلهم يوميا عبر البريد الالكتروني، أو ألتقي بهم حين أسافر، فإذا بالواحد أو الواحدة منهن تعانقني وتقول لي (كتابك غير حياتي)”.
وأكدت أن ما يحدث لها في مصر والبلاد العربية، “له دلالة على تأثير كتاباتي عليهم واقتناعهم بأفكاري التي يرونها صادقة بديهية طبيعية وليست صادمة أو شاذة، حيث اخترق مشروعي الثقافات المزيفة (المزدوجة) بالصدق والعودة إلى البديهيات”.
وعن كيف ترى صاحبة رواية “رواية امرأتان في امرأة”، وضع المرأة العربية بعد مرور قرن على كتاب قاسم أمين “تحرر المرأة”؟ شددت على أن “الحياة تسير إلى الأمام رغم النكسات، ولكن أوضاع النساء المصريات والعربيات تحسنت عن أيام قاسم أمين وكوكب حفني ناصف وعائشة التيمورية ومي زيادة وغيرهم من الرائدات والرواد في النصف الأول من القرن العشرين”.
واضافت “كان أبي أستاذا تخرج في الأزهر ودار العلوم، لكنه كان ينقد التعليم الديني في الأزهر والمدارس، و شارك في ثورة 1919، الذي كان شعارها “الدين لله والوطن للجميع”، وكان يدعو الى تعليم البنات مثل الأولاد لا فرق، وكان مثله من الآباء الكثيرين في مصر والبلاد العربية”.
ويذكر أن السعداوي تخرجت في كلية الطب بجامعة القاهرة، وتخصصت في مجال الأمراض الصدرية، وعملت في العام 1955 كطبيبة امتياز بالقصر العيني، ثم فُصلت بسبب آرائها وكتاباتها وذلك بـ”6″ قرارات من وزير الصحة”.
– الغد الأردنية