القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية


* فخري صالح

( ثقافات )

حالما يعلن عن قائمتها الطويلة، أو القصيرة، أو الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية)، فإنها سرعان ما تثير كثيراً من الجدل والنقاش، والاهتمام في الوقت نفسه. ما من جائزة عربية استطاعت أن تثير مثل هذا الجدل، وتستقطب هذا القدر من الاهتمام، كهذه الجائزة التي بلغت من العمر سبع سنوات فقط. لعل السبب يعود إلى طبيعة الجائزة، وكونها تُمنح للرواية التي هي الشكل الأدبي الأكثر انتشاراً ومقروئية في العالم المعاصر، وكذلك لشراكتها مع جائزة المان بوكر البريطانية. لكن الأهم من ذلك، من وجهة نظري، هو وضع الجائزة في دائرة الاهتمام الإعلامي، وتوفير عنصر التشويق في طريقة اختيار الفائز من خلال الإعلان عن القائمة الطويلة، ثم القصيرة، وأخيراً الإعلان في حفل كبير في مدينة أبو ظبي عن الفائز الذي يتوّج بالجائزة في نهاية الماراثون الطويل الذي يستمر شهوراً. وهذا التشويق، وشدّ الأعصاب، والانتظار على أحرّ من الجمر، لا يقتصر على المؤلفين، أو الناشرين، بل يمتدّ إلى الإعلام والقراء أيضاً الذين يتابعون مراحل الاختيار ويشاركون بآرائهم في تفضيل روائي معين للفوز بالجائزة من بين من ترد أسماؤهم في القائمة الطويلة.
إن الجائزة هي، بالإضافة إلى كونها شراكةً عابرة للحدود بين جائزة عالمية كبيرة وجائزة عربية كبيرة، تمثل نوعاً من الشراكة المنتجة بين الحقلين الأدبي والإعلامي. دون هذه الشراكة ما كان نجم هذه الجائزة سيسطع بهذا القدر، وما كانت لتثير هذا النقاش الذي يصل أحياناً حدّ اللغط والاتهام والتجريح غير المحقّ في كثير من الأحيان. ويؤشّر هذا الوضع على أهميّة الإعلام، بمختلف أشكاله ووسائطه، في نشر الأدب والثقافة وتعزيز دورهما في الحياة العامّة؛ إنه زواجٌ ضروري لا فكاك منه ولا غنى عنه.
أقول هذا الكلام في مناسبة الإعلان عن القائمة الطويلة لـ»البوكر العربيّة» يوم أوّل أمس، والنقاش الذي احتدم بسرعة غير عادية في الصحافة المطبوعة والإلكترونية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وقد تراوح النقاش والجدل بين محبّذ ورافض؛ فقد شعر إخوتنا المغاربة بإنصاف الجائزة لهم هذه المرّة، لكن البعض انتقد القائمة الطويلة بأنها تذهب للروائيين العرب المكرّسين هذه المرّة أيضاً. وهذه مشاعر طبيعية، ونقاش حيّ ومثرٍ وصحيّ يعكس اهتمامات متباينة، كما يؤكد على مركزيّة النوع الروائي في العالم العربي، وأهميّة الجائزة في الوقت نفسه. لكن القائمة الطويلة تضمّ هذا وذاك، فهي تشتمل على أسماء مغربية وافرة (واسيني الأعرج، يوسف فاضل، إسماعيل غزالي، عبد الرحيم لحبيبي)، كما تضم أسماء جديدة لأول مرة (بدرية البشر، أشرف الخمايسي، أحمد مراد، أحمد سعداوي)، والأسماء المكرّسة تبلغ نصف المختارين في القائمة بالفعل (واسيني الأعرج، إبراهيم نصر الله، أمير تاج السر، خالد خليفة، إسماعيل فهد إسماعيل، عبد الخالق الركابي، إنعام كجه جي، إبراهيم عبد المجيد). وهذا يعني أن الروائيين المكرّسين ينافسون بقوّة كلّ عام، على الرغم من أنهم قد لا يفوزون في نهاية الأمر، وقد لا يصل بعضهم القائمة القصيرة. وهو أمر طبيعي لأن الجائزة تذهب للروايات وليس للروائيين، فهي لا تضع في حسابها المنجز الروائي المتراكم للكاتب الذي يفوز بل أهمية العمل المقدّم لنيل الجائزة. إنها جائزة للكِتاب وليست للكاتب.
ما أودّ أن أشير إليه في النهاية هو فرحي بوصول روائي أردني، هو الصديق إبراهيم نصر الله، للقائمة الطويلة للسنة الثانية على التوالي، ووصوله للقائمة القصيرة في دورة الجائزة الثانية عام 2009. فهذا إنجاز كبير للرواية الأردنية، دون أي شك، ينبغي أن تهتم به صحافتنا وإعلامنا. كما أود أن أنوّه بأهمية اختيار عمان لتعلن فيها القائمة القصيرة في 10 شباط المقبل، فهذا يدلّ على إدراك الأمانة العامة للجائزة أهمية عمان كمركز من مراكز الإنتاج الثقافي، والروائي بصورة خاصة، في العالم العربي. 
– الدستور

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *