* أوس داوود يعقوب
أسئلة كثيرة تشغل بال المعنيين بالشأن الثقافي، والمتابعين له، بينما نحن نودع عاما ثقافيا عربيا مواكباً لعام آخر عاصف من أعوام “الربيع العربي”.
فمهما تعدّدت مقاربات المتفكّرين بالمسألة الثقافية، ومهما نوّعوا فيها من زوايا نظرهم لتحديد وظائفها، فإن الثقافة، سواء أكانت شعبيّة– ونعني بها ثقافة التقاليد والفولكلور- أم نقية عالمة، تظلّ فضاء رمزيا منفتحا على مجالات المعيش البشري، وتمثّل جسر الإنسان للعبور من هجانة تصوّراته عن الكون إلى تصنيع جماليات عناصر هذا الكون.
ولا يتمّ ذلك إلاّ بجرأة المثقّف على اختراق المهترئ من المعايير الاجتماعية والأذواق الأدبية والفنية لمجموعته البشريّة، من أجلّ اقتراحات أخرى جديدة لا تحفل بشروط الاستهلاك التظاهريّ والإشهاريّ، وإنما تمثّل سبيل الناس إلى قيام دولة الحضارة بما تعنيه من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وانفتاح على الآخر وثقافاته.
واستنادا إلى ما سلف من أهمية للفعل الثقافي في تحقيق النهوض الحضاري للشعوب، وعطفا على ما تشهده ساحاتنا الثقافية العربية من تطوّرات هامة ساهمت فيها انتفاضات الربيع العربي وخضّاته، فإنّ السؤال عن قيمة المنجز الثقافي العربي الفنية والفكرية، ومدى تماهيه مع الوقائع السياسية والاجتماعية التي تعيشها شعوبنا صار أمرا شاغلا، وذلك من جهة يقيننا في أنّ التغيير نحو الأفضل لا يمكن أن يبلغ مداه وتحققاته، ما لم تعضده ثورة ثقافية للعقلية الاجتماعية المحرّكة له، والمنتجة لخطاباته في الأدب والفكر والفن.
وهو أمر ستحاول “العرب” البحث عن إجابات له، عبر استطلاع شارك فيه مثقّفون ومبدعون عرب هم على صلة، من قريب أو بعيد، بأسئلة هذا الحراك الثقافي ومخاضاته.
تواصل صحيفة “العرب” قراءة العام ثقافيا من خلال إفرادها صفحاتها الثقافية أيام الخميس والجمعة والاثنين واليوم الثلاثاء لاستطلاع تقصّت فيه آراء طيف واسع من الكتاب والشعراء والمفكرين العرب حول سؤاليْ “الكتابة في زمن الثورات العربية؟” و”هل المثقف العربي.. غائب حقا عن صناعة الرأي العام؟”. وإذ تواصل “العرب” هذا الاستطلاع على امتداد الأيام المقبلة، فإنّها تستعدّ لإنجاز تغطية شاملة للعام الثقافي تشمل مراجعات لأحداثه الكبرى ومحاورة شخصيات ثقافية فاعلة في المشهد الإبداعي والفكري العربي وقراءات لبعض الإصدارات بأقلام عربية ممتازة.
في هذا الاستطلاع، طرحت “العرب” على الكتاب والمثقفين الأسئلة التالية: ما هو الحدث الثقافي الأبرز من وجهة نظرك محليا وعربيا وعالميا؟ وما الجديد في الثقافة العربية خلال هذا العام؟ وما هو الكتاب الأهم الصادر خلال هذه السنة والذي قرأته؟ ومن تختار شخصية العام 2013 على المستوى الثقافي عربيا وعالميا؟ وهي أسئلة لا تزال الإجابات تتوالى عنها في صفحاتنا الثقافية.
توني موريسون
“الحدث الأبرز والأكثر ألما تمثل في تخريب وتهريب آثار سورية الحضارة كإرث ثقافي عالمي.. حدث بارز آخر في بلدي هو الغياب شبه الكامل للثقافة، إنها مشلولة، معاقة، وبالكاد تتعكز على نشاط باهت هنا، وحدث مكرور هناك.
الحدث الأبرز هو سفر الطاقات بحثا عن مكان آمن. كما كان لافتا توقف أو تراجع عدد من المطبوعات والملاحق الثقافية. أحزنني رحيل عدد من الأدباء والفنانين السوريين وعلى رأسهم الشاعر الكبير سليمان العيسى. يمكنني الإشارة أيضا إلى المكانة المرموقة التي نالتها رواية خالد خليفة “مديح الكراهية” رغم أنني قد أختلف قليلا أو كثيرا مع أسلوبها السردي الروائي أو مع بعض ما جاء في وجبتها الفكرية والسياسية.
لا شك في أن رحيل الشاعر أحمد فؤاد نجم، الذي مازال طازجا، كان محزنا واستقطب عواطف الناس على ساحة الوطن العربي
على المستوى العربي لا شك أن رحيل الشاعر أحمد فؤاد نجم، والذي مازال طازجا، كان محزنا واستقطب عواطف الناس على ساحة الوطن العربي. لفتني تكريم لبنان للمبدع أمين معلوف، كذلك لفتني معرض أبو ظبي للكتاب في دورته هذا العام فقد تحول إلى صرح ثقافي هام وبارز. محليا وعربيا أعتقد أن التطرف كان الظاهرة الأبرز -بمفهومها الثقافي لا السياسي رغم التداخل بينهما-.
عالميا بالطبع أسعدني أن تنال “أليس مونرو” جائزة نوبل للأدب باعتبارها امرأة وقاصّة، كما أحزنني رحيل زميلتها صاحبة نوبل أيضا “دوريس ليسينغ”. بالنسبة للجديد في الثقافة العربية علمت أن معرض الشارقة للكتاب أُحيل إلى منطقة ثقافية حرة -إن صح التعبير- عبر السماح لكل الكتب دون رقابة عليها (أقله داخل المعرض). أعتقد أن هناك صعودا جديدا خجولا وبطيئا للفكر العلماني المدني، لكن في أماكن كثيرة دخل المجتمع مرحلة ثقافة “الخاووس″ حيث الفوضى العارمة. على الصعيد العالمي تتقدم التكنولوجيا في عالم الكتب والقراءة.
أما عن الكتاب الأهم والصادر هذا العام.. فقليلة هي الكتب الجديدة التي نتمكن من متابعتها في سوريا في ظل الأزمة المستمرة وبعض المقاطعة العربية.. تمكنت من قراءة رواية (إيبولا 76) للسوداني الرائع أمير تاج السر، كما قرأت أحدث روايات أمين معلوف “التائهون” وكانت خطوة أخرى في الطريق الذي سلكه معلوف منذ البداية مفككا ألغام ظاهرة التعصب الديني.
شخصية هذا العام على المستوى الثقافي، عربيا أرشح مشروع “كلمة للترجمة” كأهم شخصية اعتبارية ثقافية، فهو مشروع رائد بحق ويبني جسور التلاقي مع آداب الشعوب الأخرى. هذا بالإضافة إلى الروائي البارع أمين معلوف.
عالميا لا بدّ أنها الروائية السوداء الأميركية “توني موريسون” التي حاربت -كما دوريس ليسينغ- العنصرية بالأدب.. بالإضافة إلى “أليس مونرو” حاملة نوبل للأدب لهذا العام”.
* سوزان إبراهيم شاعرة من سوريا
_______________
ظاهرة المحلية في السرد المغربي
الحدث الأبرز على الساحة الثقافية العربية برأيي هو هذا الحراك الثقافي الواسع في دول المغرب العربي والذي يشكل خطوات متقدمة في ظل محاولات الفرنسة الثقافية التي تحاول جهات ثقافية مغربية وفرنسية فرضها على الشعب المغربي وسلخ المغرب ودول المغرب العربي عموما عن الثقافة العربية، ورغم انتشار اللغة الفرنسية على المستوى المحلي بشكل ملفت للنظر.
ولعل الحدث الأبرز في الثقافة العربية هذا العام، هو احتدام الصراع بين المثقفين العرب حول مفاهيم الحرية، واحترام حقوق الآخرين الذين يختلفون فكريا وثقافيا، بشكل فاق كل تصوّر، وبدل أن يؤدّي هذا الصراع لمفاهيم جديدة تتيح للجميع المشاركة في الحياة الثقافية فقد قسمت هذه الصراعات الساحة الثقافية العربية إلى مفاهيم عدة متناحرة يعترف كل منها بحق الآخر لفظيا فيما يعمل على إقصائه على أرض الواقع.
أما الكتاب الأهم بالنسبة لي فهو كتاب الدكتور المغربي مصطفى يعلى “ظاهرة المحلية في السرد المغربي”، هو أفضل كتاب قرأته في الفترة الأخيرة أو الأكثر أهمية لأنه يضع القارئ والكاتب المشرقي في صورة الوضع الثقافي المغربي ويكشف له الكثير من القضايا التي يجهلها مما يزيده علما ومعرفة بهذا الجزء من الوطن العربي، وكأنه ينقلنا إلى جوّ المغرب الساحر.
صراعات الساحة الثقافية العربية قسمت المشهد إلى مفاهيم عدة متناحرة يعترف كل منها بحق الآخر لفظيا فيما يعمل على إقصائه على أرض الواقع
وأما عن شخصية العام التي أرشحها، فإني أرى أن الذين ساهموا في العمل الثقافي العربي كثيرون، وليس من حقي أن أختصرهم في شخص أو اثنين، لكن إن كان يحق لي أن أختار إحدى شخصيات هذا العام فأقول: الدكتور مصطفى يعلى من المغرب، والدكتور أحمد الخميسي من مصر.
* عادل سالم كاتب من فلسطين
___________
الحرب تصادر المبدعين في سوريا
“لقد صادرت الحرب في سوريا مبدعين كبارا كمحمد رشيد رويلي القاص المهم ليلحق به زميله ورفيق عمره القاص إبراهيم خريط ثم تتوالى السلسلة الملعونة لتشمل الشاعر محمد وليد المصري والشاعر والطبيب إياد شاهين والشاعر محمد الحمادة، واعتقال عدد من الشعراء والكتاب منهم ما زال إلى الآن موزعا بين سجون النظام والجماعات المسلحة كيوسف صياصنة وفادي جومر ووائل سعد الدين وكثر غيرهم عدا من هجروا بين الداخل والمنافي. أما الحدث الأهم فهو سرقة متحف “جعبر” الذي يحوي أهم القطع النادرة في حملة إنقاذ وادي الفرات وخاصة “مملكة إيمار” -مكاني الأول- أعتبر أن جزءا مهما يخص ذاكرتي أتلف ونهب في سوريا.
أعتبر صدور رواية خالد خليفة “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة” ورواية الشاعر فايز حمدان “سماء ملوثة بالطائرات” من أفضل ما ظهر في هذا العام.
والإنجاز بالتساوي في قارتين مختلفتين من العالم (لياج البلجيكية ودمشق الأموية) لمجموعتينا أنا وشريكتي في الحياة والكتابة لينا تقلا “الفرات لا يسير شمالا والعاصي لا يسير جنوبا” إكمالا لمجوعتينا السابقتين “بعيني أعض على الحياة” و”كأنك يومي الأخير”، أعتبره حدثا شخصيا يخص الموضوع الأهم محليا.
ترجمة مجموعة الكاتب عبود سعيد إلى الألمانية والضجة التي خلقها عبود وتطرقه للكتابة على “النت” وسخريته المبدعة، أرشحه ليكون الكاتب الأهم محليا وقد جاء إلى الكتابة من دروب غير سالكة سابقا وخلق حالة جديدة أعتقد أنها ستنضج وتعد بالكثير. عبود سعيد أهم شخصية ثقافية وهو في أول خطواته، في كتاب “أفهم شخص في الفيسبوك” وفي نسخة ألكترونية وورقية، غيّر عبود الذائقة ووسائل الوصول، فهو الشخصية الأهم محليا. أهم كتاب تصفحته كان كتاب “الإنسان المهدور” للدكتور مصطفى حجازي، وأهم ما يقوله أننا لازلنا تابعين لعلم النفس الغربي المعد لمجتمع صناعي غربي. والحدث الأهم قرار اليونسكو بحماية الآثار السورية”.
* علي طه شاعر من سوريا
___________________
يوسف زيدان
’’الحدث الأبرز على مستوى بلدي العراق هو مبادرة “أنا عراقي أنا أقرأ”، والتي قام بها عدد من منظمات المجتمع المدني بالإضافة لبعض الناشطين والمثقفين المثابرين، والتي أعطت بصيصا من أمل استرجاع الثقافة الحقة التي فقدناها في هذه المرحلة التي يمكن أن أسميها مرحلة اللاوعي المنضوية تحت راية الإلهاء السياسي والمقننة من قبل الغزاة وعملائهم. أما عن الكتاب الأهم الذي صدر في هذا العام فلم أر كتابا -ليس من باب الاستعلاء أو الأنفة التي يكسرها التواضع- ما يستحق أن نصنفه كأهمّ، لا أعرف ربما العدد 13 الذي يقول البعض عنه أنه مشؤوم والذي رافق سنتنا التي سترحل عن قريب هو الذي جعل هذه السنة يملؤها عجاف الإبداع. أما الشخصية العربية التي أرشحها على المستوى الثقافي لهذا العام فهو الروائي يوسف زيدان، وأما على المستوى العالمي فشخصيا أرشح الأديب والشاعر الألماني “غوتنر غراس‘‘.
* خليفة الدليمي روائي من العراق
_______________________
سر المعبد
’’أبرز الأحداث في بلدي من فجعنا برحيلهم وسرقهم الموت من بيننا كرائد التنمية أسامة عبدالرحمن، وشاعر الصحراء سليمان الفليح، والمفكر محمد الرشيد وزير التربية والتعليم السابق. عربيا: تظل أحداث الربيع العربي وما بعده هي الأبرز وتحديدا مصر وكذلك شلال الدماء غير المتوقف بسوريا، لقد ثملت الأرض من الدماء يا عرب. بالإضافة إلى وفاة صوت “المهمشين” وسفير الفقراء الشاعر أحمد فؤاد نجم. عالميا: وفاة الأسطورة و”أيقونة” الحرية “نيلسون مانديلا”.
لا جديد في ثقافتنا العربية جل مثقفينا صامتون لا أثر لهم ولا حراك ولا مشاركة ولا موقفا في ظل الأزمات العاصفة التي تهب رياحها على أوطاننا العربية إنهم غثاء كغثاء السيل.
الكتاب الأهم: قرأت الكثير من الكتب التي تتناول أحداث الربيع العربي وأستوقفني كتاب “سرّ المعبد” لثروت الخرباوي. أما في الأدب كان الأبرز عندي رواية “أصابع لوليتا” لواسيني الأعرج. ومع الأسف سرقتنا “التقنية” من الكتاب والقراءة. عن نفسي لا توجد شخصية ثقافية تستحق أن تكون شخصية العام لا عربيا ولا عالميا. لأنهم يغردون خارج السرب ولم يصنعوا موقفا ولن يتركوا أثرا‘‘.
* عبدالله وافية ناقد من السعودية
________________________
بغداد عاصمة الثقافة العربية
’’قد يكون الحدث الأبرز محليا، هو النقاش الدائر حول التدريس بالدارجة المغربية “الأم”، بالنظر إلى كمية المداد الذي أساله من خلال ما كتب عنه، حتى أن القناة الثانية المغربية استدعت المفكر عبدالله العروي أحد رموز الفكر الحديث، ليناقش في مناظرة تلفزيونية، تابعها بشغف كل المغاربة، رجل الإشهار نور الدين عيوش. وكانت المعادلة فيها مستحيلة بين رجل فكر ورجل إشهار. بالإضافة إلى “المهرجان العربي للقصة القصيرة جدا”، الذي سينعقد قريبا في مدينة “الناظور” المغربية في نسخته الثالثة، انتصارا لهذا الجنس الأدبي الجديد، الذي أخذ مسارا تصاعديا بين الكتاب والقراء في العالم العربي.
عربيا: كانت عدة أحداث شغلت الساحة العربية، لا نستطيع تحديد حدث بعينه، لكن يبقى إعادة إعمار المتحف الوطني العراقي بعد النهب والتخريب الذي تعرض لهما، وإعادة الاعتبار للعراق الثقافي من خلال تتويج “بغداد كعاصمة للثقافة العربية أهم حدث ثقافي عربي”.
أما بخصوص أهم كتاب عربي لسنة 2013 هو رواية “ساق البامبو” للكاتب الكويتي سعود السنعوسي الفائز بجائزة البوكر العربية. دون أن ننسى الغياب المفاجئ لصاحب “همة فين وحنا فين” شاعر الفقراء والأرض أحمد فؤاد نجم الذي انشغل به الشارع العربي، حتى الناس الذين لا يفقهون شيئا في الشعر. لأن طبيعة الغياب كانت مؤثرة وحزينة، نظرا للمكانة التي كان يحتلها هذا الإنسان البسيط في ذاكرة كل العرب، حتى من خصومه السياسيين.
وفاة (مانديلا) أهمّ حدث عالمي، نظرا للتشابكات السياسية والثقافية والفنية المتداخلة في شخصيته التي ألهبت مخيلة الكثيرين
على المستوى العالمي، يمكن اعتبار وفاة “مانديلا” أهمّ حدث عالمي، نظرا للتشابكات السياسية والثقافية والفنية المتداخلة في شخصية هذا الرجل، فقد ألهب مساره مخيلة الكثيرين. على المستوى العالمي، أغوتني رواية “مئة عام من العزلة” في طبعتها الجديدة ، فعدت إلى قراءتها للمرة الرابعة‘‘.
*الكاتب المغربي إدريس الواغيش
_____________________
ملتقى جرمانا الثقافي
الحدث الأبرز على المستوى المحلي في سوريا هو تأسيس “ملتقى جرمانا الثقافي” بإشراف الشاعر والطبيب الجراح نزار بريك هنيدي. وعلى المستوى العربي: رحيل الشاعر أحمد فؤاد نجم، ورحيل الناقد الفلسطيني يوسف سامي اليوسف. وعالميا: رحيل نيلسون مانديلا المثقف المتأثر بفكر غاندي.
أما الجديد في الثقافة العربية خلال هذا العام، فهو احتفاء مثقفين مصريين وعرب بالذكرى السبعين لميلاد الشاعر والناقد وباحث الأدب المقارن أحمد درويش الوكيل السابق لكلية دار العلوم في جامعة القاهرة. والكتاب الأهم الصادر هذا العام هو “في التشكيل اللغوي للشعر: مقاربات في النظرية والتطبيق”، لمحمد فلفل. وديوان “سنابل الملح” للشاعر أنس بديوي، وديوان “في الروح متسع لموسم جلنار” شعر عبد الجبار طبل. أما شخصية هذا العام على المستوى الثقافي العربي فهو أحمد درويش.
* راتب سكر ناقد من سوريا
__________________
مملكة الفراشة
أهمّ حدث بالنسبة لي وعلى الصعيد الشخصي هذا العام هو صدور مجموعتي القصصية الثالثة “يوم على تخوم الربع الخالي”، التي أعود فيها إلى قريتي البعيدة الرابضة على تخوم الصحراء الأسطورية سابرا لمشاهد حياة حاضرة وحياة عبرت.
بينما على الصعيد المحلي فيأتي الحدث اﻷهم هو استضافة مسقط ﻷكثر من 60 كاتبا وأديبا عربيا أحيوا فعاليات على هامش اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب. وأرى أن فوز القاصة الكندية “أليس مونرو” بجائزة نوبل للآداب بصفتها سيدة القصة القصيرة المعاصرة.
هذا الفوز أعاد اﻻنتباه للقصة القصيرة بعد أن تدارى وجهها في العقود اﻷخيرة. وأهمّ الكتب التي قرأتها هذا العام هما: رواية “مملكة الفراشة” لواسيني اﻷعرج و”ساق البامبو” لسعود السعنوسي. وأرشح اﻷديب العماني أحمد الفلاحي ليكون شخصية هذا العام على المستوى الثقافي نظرا لعطائه الكبير ودعمه اللامحدود للثقافة وللمثقفين العرب حيث حافظ على توازناته في علاقاته مع سائر اﻷطياف الفكرية والثقافية، فكان المحجّ والمقصد.
* خليفة سلطان العبري قاص من سلطنة عمان
_______________
استشراس التطبيع مع الكيان الصهيوني وتبعاته الثقافية
الحدث الأبرز برأيي هو انحسار الفعل الثقافي الفلسطيني المقاوم بشكل عام، وتصاعد وتيرة تهويد مدينة القدس الشريف، وكذلك أسرلة التعليم في القدس، وعرض الآثار العربية والإسلامية للبيع في فلسطين المحتلة تمهيدا لمصادرتها وتغيير معالمها، مثال “خان العمدان” بمدينة عكا المحتلة.
أما الجديد في الثقافة العربية خلال هذا العام فهو استشراس التطبيع مع الكيان الصهيوني وتبعاته الثقافية.
وكتاب العام -والذي قرأته- هو “الفضائيات الإخبارية العربية بين عولمتين”، للكاتبة الأردنية حياة الحويّك عطية، وكتاب علي محافظة الموسوم بـ”حروب الخليج في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين”. وأرشح الشاعرة والناقدة الأكاديمية الفلسطينية الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي شخصية هذا العام على المستوى الثقافي عربيا وعالميا.
* أماني أبو رحمة باحثة من فلسطين
______________________
غياب اليساريين
الحدث الأبرز على مستوى غرفتي في رام الله وفي منطقة “سطح مرحبا” هو انزلاق منازل مستوطنة “بزيغوت” حتى تكاد تلامس حدود حديقتي الفقيرة. وهذا مؤشر على “الترانسفير” العميق..
أما على مستوى المدينة فالحدث الأبرز هو الجواب التقليدي: الاحتلال. أما الجواب غير التقليدي هو عبء الآدمية على المواطن الفلسطيني وفرط ثقل الضرائب وارتفاع المعيشة إلى حدّ رخص المواطن الفلسطيني.. آخر حدث كان هو إعدام فتى قبل يومين من “مخيم الجلزون” الواقع قرب رام الله بدم بارد أشبه بدم الجراذين.. القدس ما عادت منزل الله ولا موئل ملائكة وقدّيسين.. القضية الفلسطينية لم تعد تحظى بالدّور الأول على مستوى العالم..
أما على المستوى العربي فهو بورصة بيشماركة السماء من سلفيين وإخوانيين.. فرحت لسقوط إمبراطورية المرشد في مصر وحزنت على تفقيس جماعات أخرى أشدّ وطأة ومكرا منهم.. ويدخل في الحدث الغياب التام لليساريين العرب.
والطامة الأكبر أن الثقافة العربية في تراجع مُزر.. لا يوجد سبق في الثقافة العربية لم ألحظ أيّ اختراق للثقافة العربية في حياتنا.. كأنّ الأدب العربي لم يعد صاحب قضية واضحة وهذا ما قاده إلى ما أسلفت للأسف.
مثقفونا صامتون لا أثر لهم ولا حراك ولا مشاركة إنهم غثاء كغثاء السيل في ظل الأزمات العاصفة التي تهب رياحها على أوطاننا العربية
عالميا الأحداث تتسارع نحو أقطاب عدّة.. الكولونيالات القديمة كفرنسا وبريطانيا تعدو بوجه جديد لتأخذ دورتها.. مسألة القطب الواحد بدأت تذوب نوعا ما. صدقا لا أخفي الأمر.. لم يكن لي نصيب في الكتب هذه السنة ولم يكن معي ما يكفي من المال لأشتري كتبا كعادتي.. الحياة هنا تلمّع مخلبها وتشحذه على عظامي.. شأني شأن أيّ فلسطينيّ لا يملك سوى اسمه.. لقد جنحت إلى الموسيقى.. سماع الكونسيرتات، وذهبت إلى موسيقى “ناس الغيوان” في المغرب العربي وإلى الموسيقى الأفريقية..
كما عوضت عن قراءة الكتب بالفن الإبصاري والتشكيلي فغصت في مشتغلات “رودان” الفرنسيّ.. كانت هناك درر من المنحوتات “الرّودانية”، وغصت أيضا في “أونري ماتيس″ رائد ومؤسس المدرسة التوحّشية وإلى “مونيك” وأسماء جديدة في عالم الفن التشكيلي لأنها متوفرة لديّ عبر مشاهدتها على الشبكة العنكبوتية..هذا ما لديّ الآن وما احتفي به في حقبة الشظف التي أعيش..
على المستوى العربي سأختار شخصية ثقافية أعطت لأجيال شحنة كونية في نشيدها الداخلي وأيضا أختاره تكريما له ولنضاله ولحياته المديدة بعد موته.. سأختار الشاعر أحمد فؤاد نجم. أما على المستوى العالمي سأختار الروائي العالمي أيضا (وإن كان متوفيا).. هنري ميللر صاحب “مدار السرطان” و”مدار الجدي”.
* طارق الكرمي شاعر من فلسطين
_______________
لغة شوارعية
الحدث الثقافي الأهم على المستوى المحلي، هو ما قدمته دار النشر “راية” التي أسسها قبل عدة سنوات الشاعر بشير شلش، من إصدارات هذا العام. ولقد استطاع شلش أن يقوم بنقلة نوعيه بنشر المؤلفات الفلسطينية، وذلك بعكس التيار القائم من نبذ للأدب وابتعاد القارئ العربي والفلسطيني على الأقل عن الكتب بشكل عام وعن الشعر بشكل خاص، وقيام دار النشر بإصدار عشرات الكتب سنويا، ونتيجة للتعتيم الصهيوني والعربي المفروضين علينا كأقلية في وطننا، يجعلانني أحتفي به وبإنجازه.
أما بخصوص الكتاب الأهم لهذا العام، فلن أراوغ وأحدثك عن قراءات لم أقم بها، عندما راجعت الكتب التي قرأتها هذا العام باللغة العربية لم أجد أي كتاب صدر في العام 2013 سوى ديواني الشعري الذي ألّفته وعنوانه “حلم ليلة خوف”، رغم أني قرأت العديد من الكتب -الروايات تحديدا- إلا أني بشكل عام أفضل كتابا قديما ومضمونا على كتاب جديد مستواه غير معروف.
وهذا ربما التفسير الأسهل ولكن السبب الأهم هو الانقطاع الجزئي عن الكتب المطبوعة باللغة العربية ووصولها متأخرة إلى فلسطين المحتلة. تجدر الإشارة إلى أنّي قرأت العديد من النصوص الشعرية والأدبية عبر -الشبكة العنكبوتية- المكتوبة في العام 2013، وقد لفت نظري الكتاب: إبراهيم جابر إبراهيم، ورائد وحش، وعبود سعيد، الذين تعرفت عليهم عبر موقع “الفيسبوك”، وأعتقد أن ظاهرة عبود سعيد وكتابه الذي نشر وقرأت الكثير منه على صفحته، لأن الكتاب غير متوفر ورقيا، عبود يجذبك بلغته “الشوارعية” التي يبدو لك بأنها ركيكة وسطحية لأول وهلة، لتكتشف أنه يضرب تحت الحزام وكأنه ضرب قنبلة يدوية داخل عقلك ليجعلك تعيد النظر في الكثير من المسلمات. شخصيا أختار الكاتب والشاعر الفلسطيني المذهل إبراهيم جابر إبراهيم ككاتب هذا العام.
* رشيد الحاج عبد إغبارية شاعر من فلسطين
___________
* (العرب)