( ثقافات )
طلبت مترجمة “عزازيل” إلى اللغة العبريّة “بروريا هارفيتز” من مؤلف الرواية الدكتور يوسف زيدان التعامل مع ترجمتها، كعمل فني محض ليس له أي علاقة باعتبارات سياسية وخلافات بين الناس أينما كانوا.
وكانت المترجمة الإسرائيلية كتبت رسالة إلى الدكتور زيدان في صفحة تحمل اسمه على “الفيس بوك” قبل أسبوع، بعد أن نشر غلاف النسخة العبريّة من “عزازيل” التي وصلته –كما قال- عبر “الإيميل” الإلكتروني، موضحا تفاصيل صدور نسختها العبريّة، وموقفه الرافض للخروج عن إجماع المثقفين العرب والمصريين، بخصوص مقاطعة إسرائيل ورفض التطبيع، رغم يقينه بأن المسألة العربية -العبرية، برُمّتها، تحتاج إعادة نظر.
المترجمة بروريا: “أنت أديب بارع”
وفي تفاصيل الحوار، كتبت هارفيتز:
“من المترجمة إلى السيد زيدان المحترم:
إنني أومن كل الإيمان أن الممارسة الفنية بما فيها الأدب تعلو فوق كل الاعتبارات والخلافات السياسية. حسب رأيي أنت أديب بارع تعرض على القارئ بلغة بديعة لفظا ومعنى شخصية إنسانية رقيقة القلب متسامحة ألا وهي شخصية الراهب هيبا. ومن خلال تصويرك لهذه الشخصية أتصور شخصيتك وطبيعتك بأنهما لا تختلفان عن شخصية هيبا وطبيعته. لذلك أرجوك أن تتعامل مع ترجمة روايتك الرائعة عزازيل إلى العبرية، وهي لغة أخت للغة العربية, كعمل فني محض ليس له أي علاقة باعتبارات سياسية وخلافات بين الناس أينما كانوا.
مع خالص التقدير والاحترام”
زيدان: “الخلاف السياسي بيننا أشهر من أن يُشار إليه”
وأشار الدكتور يوسف زيدان في ردّه إلى ما تعرض له من حرب شنّتها عليه صحف ومواقع إسرائيلية بعد أن نسبت صحيفة “الأسبوع المصرية” إليه أنه وضع الترجمة العربية الأولى لـ”بروتوكولات حكماء صهيون” في فاترينة الكتب السماوية بجوار التوراة، مدعيّة أنّه صرح لها بأن هذا الكتاب أهم من التوراة، حيث كتب موجها حديثه إليها:
“إلى المترجمة ، من الكاتب:
قلتُ بوضوح إنه لا خلاف عندي مع اللغة العبرية في حدّ ذاتها، لكن الخلاف السياسي بيننا أشهر من أن يُشار إليه، ولعلك تذكرين ما فعله قومك معي أيام الزوبعة المفتعلة بصدد كتاب(بروتوكولات حكماء صهيون) -يمكنك مراجعة ذلك فى موقعي على الإنترنت، باب : يهوديات- .
والذى ضايقني ليس ترجمة الرواية، وإنما طريقة نشرها وصدورها فى إسرائيل، وليس لندن.
ولا يسعني فى النهاية إلا تحية شجاعتك ومبادرتك بالكتابة لي يا حفيدة السموأل.”
دار النشر البريطانية تتّفق مع ناشر إسرائيلي (من الباطن)
مصادر إعلاميّة مصريّة نشرت على لسان الروائي ودكتور الفلسفة قوله- تعليقًا على ترجمة روايته للعبرية-، إن موقفه من التعامل مع إسرائيل هو الرفض ولأسباب معلنة، ولكنه يعلم جيدًا أنه سواءً قبل أو رفض ترجمة الرواية فإن اليهود لن يمنعهم شىء من ترجمتها ولهذا :”خليهم يقرووا”.
كما روى إنه تلقى اتّصالاً من رجل أعجمي اللكنة من رقمٍ لم يظهر على شاشة التليفون، متحدثا معه بعربيةٍ متكسّرة إنه من إسرائيل!، ويريد أن يُجري معه حواراً بمناسبة صدور الترجمة العبرية في إسرائيل”.
وأضاف:”هكذا قال الصحفي وهو يتّكئ على الحروف. قلتُ له إنني لم أر هذه الترجمة، ولم يكن من المفروض أن تصدر في إسرائيل. قال إنها صدرت في غلاف أنيق وطبعة فاخرة، وهم مُهتمّون بها، ولذلك يريد أن يُجري الحوار.
قلت مؤكّداً ما تعمّد أن يتجاهله:” ما كان المفروض أن تصدر الرواية في إسرائيل، إذ جاءتنى ثلاثة عروض من هناك، فرفضتها، وتدخّل وكيلي الأدبي”أندرو نورمبرج” فى الأمر مُقترحاً أن أُعطي حقّ الترجمة إلى العبرية لناشري الإنكليزي (أتلانتك بوكس) وهو يتولى إصدارها بالعبرية في لندن. فقلتُ له ما ترجمته:” لا بأس في ذلك، فلا خلاف عندي مع “اللغة العبرية” لكنني لن أتعامل مع ناشر إسرائيلي للأسباب المعروفة.”
وتم تغيير عقدي مع الناشر الإنكليزي، ليتضمّن حقّ الترجمة إلى اللغتين الإنكليزية والعبرية. مضيفًا: ولكننى فوجئتُ بدار النشر البريطانية تتنازل عن حقّ الترجمة إلى العبرية لناشر إسرائيلي (من الباطن) ومن دون إخطاري بذلك!، وتابع “زيدان” عاد الصحفي الإسرائيلى للقول، بعربيته الكسيحة:” ولكن ما حدث حدث، والآن نريد أن نُجري حواراً معك!” قلتُ: “لا، لن أخرج عن إجماع المثقفين العرب والمصريين، الذين توافقوا على عدم التعامل مع إسرائيل. فقال الصحفي الإسرائيلي:”هذا موقف غريب!”. قلتُ: “ليس عندي المزيد لأقوله لك”، وقطعتُ المكالمة معه، مع أننى موقن بأن المسألة العربية العبرية، برُمّتها، تحتاج إعادة نظر. لكن وقتنا العصيب غير مناسبٍ لذلك.
رواية “عزازيل”
عزازيل هي رواية من تأليف الدكتور يوسف زيدان، صدرت عن دار الشروق سنة 2008، وفازت بجائزة البوكر العربية سنة 2009، كما حصلت على جائزة “أنوبي” البريطانية لأفضل رواية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية.
أثارت جدلا واسعا؛ نظرا لأنها تناولت الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول طبيعة المسيح والسيدة العذراء، والاضطهاد الذي قام به المسيحيون ضد الوثنيين المصريين في الفترات التي أضحت فيها المسيحية ديانة الأغلبية المصرية.
وأصدر سكرتيرالمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأنبا بيشوي-وقتها- بيانًا اتّهم فيه مؤلف الرواية بالإساءة إلى المسيحية.