( ثقافات )
منذ قيام الحركة الصهيونية في أوروبا نهايات القرن التاسع عشر، وتحرّكها لتأسيس مشروعها الاستعماري الاستيطاني في فلسطين بمساعدة القوى الاستعمارية بدايات القرن العشرين، ونجاح مسعاها في إعلان “دولة إسرائيل” في العام 1948، تلك الحادثة التي شكلت نكبة كبرى للفلسطينيين والعرب والانسانية بمذابحها وتهجيرها وظلمها الذي ما زال جاثماً حتى الآن، ما تزال منطقتنا ترزح تحت وطأة العسف اليومي الذي يمارسه هذا المشروع ودولته المفبركة على الأساطير الدينية والقائمة على الانغلاق والعدوانية والتوسّع والهيمنة.
نحن الآن في القرن الحادي والعشرين، و”إسرائيل” ما تزال دولة استعمار استيطاني، ما تزال دولة قائمة على سجن الناس في معازل وجيتوهات خلف جدران اسمنيتة عالية، وهي الدولة الوحيدة تقريباً التي تجاهر بأنها دولة دينية في زمن تُحتقر فيه الانعزالية، ويُدان فيه التمييز على أساس الدين، ويُسخر من أولئك الذين يدّعون بامتلاك تفويضات إلهية… إلا “إسرائيل”
إن قيم العدالة والحريّة والانفتاح هي قيم أساسية في الابداع…. وهي لا ولن تتحقّق في دولة استعمار استيطاني، تقتل وتذبح وتقصف وتعتدي وتُصادر بشكل يومي. أي شخص، وخصوصاً في أميركا الوسطى والجنوبية التي عانت سابقاً من مثل هذا الأمر، يعرف أن الاستعمار الاستيطاني يعيش ويستمر على الهيمنة الشاملة، وعلى التدمير الممنهج للسكان الأصليين والمجتمعات والثقافة المحليين، وتزوير التاريخ، وانعكاسات ذلك على الانسانية ككلّ.
هل هذه مقوّمات للاحتفاء الثقافيّ والأدبيّ؟ هل هذه مقوماتٌ للتكريم واعتبار مرتكبها “ضيف شرف”؟ أي شرف في هذا؟ أي شرف هو ذاك الذي يربّت على كتف الظلم والعنصريّة والهيمنة والاستعمار الاستيطاني والدولة الدينية؟
إننا، ككتاب ومثقفين متحدّثين بالعربية، ندين قيام معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك، وهو المعرض الذي يعتبر نفسه أهم وأكبر معرض للكتاب في أميركا اللاتينية، باعتبار “إسرائيل” ضيفة شرف في المعرض لهذه السنة 2013، بما يمثله ذلك من دعاية وترويج مجانيين للقيم المناهضة للابداع والثقافة: قيم الظلم والتطهير العرقي والعنصرية والاستعمار، وندعو كتّاب العالم من كل الخلفيّات إلى التضامن معنا، والاحتجاج على هذا الموقف المُخزي.