الرواية الغريبة في بلدها


مريم الحيدري *

( ثقافات )


حصل مؤخرا الروائي الإيراني المخضرم محمود دولت آبادي على جائزة “يان ميخالسكي” الأدبية في سويسرا لعام 2013 عن روايته “الكولونيل” وقد تم إحداث هذه الجائزة عام 2007، ومنذ عام 2009 شرعت تمنح جائزتها السنوية التي تبلغ أربعين ألف يورو لكتاب أدبي متميز قصصيا كان أم شعريا أو بحثيا. أما محمود دولت آبادي فهو من أشهر الروائين الإيرانيين وصاحب “كليدر”، أطول رواية فارسية تتكون من 10 مجلدات في ثلاثة آلاف صفحة، ولد عام 1940 وبدأ الكتابة منذ ستينيات القرن المنصرم، وتجري غالبية أحداث رواياته بين الطبقات الفقيرة وفي القرى أو الأحياء الشعبية في إيران. 
وقد كتب دولت آبادي رواية “الكولونيل” في بدايات الثمانينيات وتجري أحداثها أيضا خلال هذا العقد، وتتحدث عن ضابط جيش سابق يعيش مع عائلته المكونة من خمسة أولاد في عهد الشاه الإيراني، ولكل من هؤلاء الأولاد صلة بالسياسة بشكل أو بآخر. 
في منتصف ليلة يطرق أحد باب بيت الكولونيل، فإذا برجلين يقفان هناك ليقودا الضابط لاستلام جثمان ابنته التي فقدت منذ شهرين وقتلت على يد رجال السلطة. ثم هناك ابن له يقتل خلال أحداث الثورة الإسلامية في إيران في نهايات السبعينيات ويلقى ابنه الآخر حتفه خلال الحرب العراقية -الإيرانية في الثمانينيات. 
وما عدا حديث الرواية عن أهم الأحداث التي مرت بها إيران منذ عهد الشاه، مرورا بالثورة والحرب، وما تركت هذه الأحداث من آثار على الأرواح والعلاقات الإنسانية، إنها حكاية التلوث بالسياسة والغرق في وحلها الذي يلتصق بجلود أصحابها وبأرواحهم، ولا يكتفي بذلك وحسب، بل يلوث أيضا من له علاقة برجالها؛ السياسات المعقدة وغير الطبيعية والقذرة التي طالما عانى أبناء بلادنا منها صغيرا وكبيرا، ونساء ورجالا. 
وقد قام الكاتب الإيراني المقيم في ألمانيا “بهمن نيرومند” عام 2009 بترجمة الرواية إلى اللغة الألمانية وصدرت عن دار “يونيونز فرلاج” في سويسرا، كما أنها ترجمت إلى لغات أخرى، إلا أن الغريب في الأمر أن هذه الرواية تعرضت، على رغم قيمتها الأدبية للإجحاف، وضرب ستار من التعتيم عليها في بلدها الذي ينبغي أن يحتفي بها، فرغم مرور سنوات على كتابتها إلا أن وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران لم تعط الإذن بنشرها. 
كان من المقرر أن تصدر الرواية من قبل دار نشر “جشمه” في طهران، غير أن الدار أيضا منعت عن العمل منذ العام الماضي وتنتظر إعادة التصريح لها لاستئناف العمل. 
رشحت الرواية، حتى الآن، لعدة جوائز عالمية مهمة منها جائزة الأدب العالمي التي تمنحها دار الثقافة العالمية في برلين وجائزة أفضل كتاب مترجم إلى الأنكليزية في أميركا، كما أن مؤلفها دخل قائمة جائزة بوكر الأسيوية لأكثر من مرة.



* العرب 
( شاعرة ومترجمة من إيران )

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *