أكاديمية نهج السرد وغرف الإبداع التونسي


*ابتسام القشورى

( ثقافات )

واصل مختبر” نهج السرد” الذي أطلقه ويديره الروائي التونسي كمال الرياحي نشاطه في لمّ شتات المبدعين التونسين من عشاق الأدب والكتابة السردية باقتحام ثان لغرفة كافكا، إذ حضر المختبر عدد كبير من المبدعين والمتابعين والإعلاميين للمشاركة في النقاشات والاستماع إلى النصوص الجديدة التي كتبتها جماعة نهج السرد ومنهم منير العرقي وجمال المداني وحسين مصدق وغيرهم.
افتتح الرياحي اللقاء بالإصدارات الجديدة وتضمن لقاءا سريعا على طريقة كرة الطاولة مع الشاعر شوقي البرنوصي بمناسبة صدور مجموعته الشعرية الاولى “ كسرت المرآة بأجنحتي” عن دار كارم شريف للنشر، وتجدر الإشارة إلى كون شوقي البرنوصي واحد من أعضاء نهج السرد ومن صالون ناس الديكامرون الذي أطلقه ويديره الرياحي وتأتي هذه الاستضافة ضمن الإعلان عن منجز من إنجازات صالون ناس الديكامرون. حيث دار الحوار الذي كان مرحا حول أسئلة الكتابة عند البرنوصي وتيمة الطفولة والسيرذاتي في النص الشعري، كما تطرق الحوار إلى المعجم الجديد الذي أدخله الشاعر على النص الشعري من خلال استدعائه لعالم الميكانيكا وهو مهندس الميكانيك العام بإحدى معاهد التكوين بتونس.
ثم وزع عددا من النصوص القصصية على الحاضرين هي بعض قصص زكريا ثامر ومنها “نبوءة كافور الاخشيدى” و”عنترة النفطى”، كان الرياحي قد اختارها صحبة الناقد نبيل درغوث لتُقدم كمثال لاستدعاء الشخصيات المرجعية في تراثنا واستغلالها لكتابة قصص قصيرة جديدة ، فقد استدعى زكريا تامر شخصيات المتنبي وكافور الإخشيدي وعنترة وعبلة لكتابة نصوص قصصية حداثية، وهو مثال على اقتحام غرف الأعلام والإقامة بها : مشروع مختبر نهج السرد. ثم قدّم الرياحى بشكل برقيّ بعض الإصدارات التونسية الجديدة كرواية”حارة السفهاء “لعلى مصباح; الكاتب التونسي ومترجم أعمال نيشه للعربية.
و ختم هذه الإصدارات بالتركيز على كتاب توفيق بن بريك” كلب بن كلب”الذى تميز بطرافته حيث كُتب باللهجة العامية التونسية ولم يكتف المشرف على تقديمه شفويا وإنما وزّع فصل تحدث فيه بن بريك عن مفهومه للكتابة على لسان الشخصية الرئيسية” سعد كوبوي” وتبريره لاختياره اسلوب الكتابة بالعامية كخيار متعمد ومسؤول. إذ ركزّعلى مفهوم” الكتيبة ” بوصفها عمل عضلي وذهني ومثابرة ونزع عنها ما لحق بها من أوصاف ميتافيزيقية وسحرية متعلقة بالشياطين والإلهام ليعيد أنسنة الكتابة باعتبارها نشاطا ابداعيا انسيا لا شياطين فيه ولا جان.كما أكد الرياحى على اهمية الكتابة بالعامية وأعطى بسطة على قيمة العامية في كتابة الأدب في المشرق والمغرب وارتباط الرواية كجنس أدبي بالعامية في نشأتها ومن العامية جاء تجنيسها، فكلمة” رومان” جاءت من اللهجة الرومانية بفتح الراء وتسكين الميم وليس الرومانية بالمد وهي الدارجة اللاتينية وهذا ما جعلها مذمومة ومهجوة من منظري الشعر والشعراء أمثال بوالو في كتابه “فن الشعر” والذي اعتبرها مفسدة للأخلاق وكتابة من درجة ثانية ، وبين الرياحي كيف أن بن بريك يعيد الرواية إلى أصولها بكتابة نصه بالعامية في شكل حكائي بلغة صادمة وجريئة .ولعل ما يبرّر هذا الاختيار أنّ المشرف على نهج السرد جعل من أهداف هذا المختبر الانفتاح على الكتابة بالعامية الى جانب اللغة العربية .
هذا المدخل الذي أثار بعض النقاش الممتع هيأ المجموعة الحاضرة لقراءة النصوص الجديدة ، فقرأت القاصة الشابة ليلى النصراوي نصا بعنوان “وقت قليل” ” وليلى هداجى “حدث ذات ليلة” سلمى الشعلالى “للموت اسم آخر” سامى مزوغى “افكار همجية” وأخيرا السيدة سهام كردوس” الماكينة “.. 
وقد تركز النقاش في هذا اللقاء على أشكال كتابة اليومي أدبيا.وتوقف المشرف خاصة عند بناء الشخصية فى القصة وكيفية رسم ملامحها الفيزيولوجية والنفسية وأكدّ على ضرورة الاعتناء بالفضاء الزماني والمكاني كما تركز تدخله أيضا على الاعتناء باللغة السردية المستعملة ومنها الابتعاد عن اللغة الشاعرية المبالغ فيها، الابتعاد عن التخفى وراء الاستعارات ،وأهمية التركيز على الجمل القصيرة والمعبرة و تكثيف النص قدر المستطاع .
تجدر الإشارة ان هذا اللقاء كان محل متابعة من التلفزة الوطنية الثانية حيث تابع برنامج” بانوراما ثقافية “مختلف فقراته وكان الكاتب التونسي كمال الرياحى ضيفا من ضيوفه تحدثّ فيه عن هذا الإنجاز الثقافى الجديد وعن أهدافه.
____________
قاصة وصحفية تونسية

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *