مقطع من رواية ” نازك خانم”


لينا هوايان الحسن *

( خاص ب ثقافات )


( النساء معجبات بالثعالب، وعبر القبعات اردن ان ينتحلن مواهب الثعالب. . نازك كانت تبرر لمجيب شان ولع النساء بجلود الثعالب:
مع خريف 1967 حذر خبراء الموضة، من مكر المرأة في ذلك الشتاء. حين تربعت الثعالب “الحقيقية” المحنّطة على رؤوس النساء. وقتها لجأ مصممو الأزياء في باريس إلى استخدام وجوه الثعالب المحنطة في عمل القبعات للسيدات. . قررت المرأة أن تكون من أعوان الثعلب: سارق، متجرئ، متسرب، متسلل، زاحف، وبسرعة زرعت التشوش في رؤوس الرجال وهم يراقبون الانثى الجديدة التي تمتلك مزاياها الموروثة كأنثى وأخرى مكتسبة تنتحلها من كائنات فريدة: جميلة وخطرة ومخيفة، كالثعالب والنمور والثعابين. . وغدا أي رجل يخشى من اي امرأة قد تأتي لحظة مباغتة وتستثمر كنوز القوى التي جمعتها من أخطر كائنات الطبيعة وارتدتها.

المرأة تتحرر، وتسكنها لهفة التعذيب، ” نازك ” تعتمر قبعة مزينة برأس ثعلب، وتتدثر بمعطف من جلد نمر، وتحتذي جلد الثعبان، وتضع أغراضها الشخصية في جلد تمساح.
وتجزّء قلبها، وتقسمه، إلى غرف سرية. أصبحت المرأة “محبوبة” تحتمل كل الأسماء، لا استكانة، لا غبن، طموحات كبيرة وبعيدة. ورغبات متأججة كشف عنها الميني جوب وأمال بكعوب عالية. 
ومثل آلهات العالم القديم اللواتي كن يكشفن عن رؤوسهن وأثدائهن والركبتين. 
مع الميني جوب لم تستدن حقوقها أو تستعيرها مؤقتا من الرجل أوالتاريخ. إنما أخذتها منتصرة ومصرّة، ولم تلق بالا لعيون التقاليد المتوسلة . .
نازك لم ترضخ دائما للموضة، تمسكت دائما باللون الأحمر الصريح رغم أن ذلك اللون اختفى عدة سنوات خلال الستينات، ولم يعد إلى لائحة الموضة إلا مع بداية السبعينات، اختفى تقريبا منذ عام 1962 لصالح ألوان أخرى للشفاه جميعها فاتحة. وقتها توفر في سوق النساء ما يقرب ثلاثة وثلاثين لون من أحمر الشفاه دون أن يكون اللون الأحمر الصريح بينها، وثمانية عشر درجة من بودرة الوجه، وثمانية ألوان من بودرة الخدود اقتنتها جميعها نازك. لكنها لم تستخدم غير اللون الأحمر لمكياجها. مع بداية السبعينات أضافت إلى خزانة ثيابها، دون أن ترتديه، البني المحروق، الذي اكتسح ذلك الموسم. وأحذية كعبها مربع لم يرق لنازك ذلك الكعب المربع لكنها الموضة. . واستبدلت سجائر أستور بسجائر فيليب مورس الفاخرة وقضت سهرة رأس السنة في ملهى لوردز في منطقة راس بيروت ووافقت مجيب شان على إعجابهم بما يقوله صناع أفلام جيمس بوند الذين يرون أن (المرأة أقدر من الرجل على أن يكون لها وجهان) وبينها وبين نفسها كانت قد جربت عما لا يقل عن سبعة وجوه تماما كأرواح القطط.. 

* مقطع من رواية ستصدر قريبا عن منشورات ضفاف والاختلاف
* روائية وصحفية من سوريا تعيش في لبنان

شاهد أيضاً

لا شيءَ يُشبه فكرَتَه

 (ثقافات)  نصّان  مرزوق الحلبي   1. لا شيءَ يُشبه فكرَتَه   لا شيءَ يُشبه فكرتَه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *