زاويةُ المقهى


*سرحان النمري

( ثقافات ) 

تَنسَابُ مع الصُبحِ الموجوعِ أغانٍ فضّية لقطٍ أعمى 
وطبّالٍ فقد سبّابَتَهُ الأنثى
مِنْ سَراديبِ الوجعِ المَرصودِ 
تحتَ عَبائَةِ قمرٍ أنهكَهُ التجوالُ فَشيّدَ صَومعَةً وعريشةْ. 
الرّياحُ سيدةُ الفراغِ
تتَمايَلٌ في هودَجِها 
تَغيبُ بينَ وَصيفاتِها
ولا تأتي إلّا إذا انتَهَرهَا الشَبقْ
عَرفتُ أيضاً أنَّ الليلَ والنهارَ
توأمانِ يتوالدانِ من العتمةْ.
عِندَ الأشتِهاءِ !
يَذوبُ الّلسَانُ
وَتنهَضُ الهواجِسُ كالعصيانِ 
فَتتَخمّرَ الأوجاعُ في ثوبِ غانيَةَ
تَكبَحُ شَوقَها… فَتَتمَنّعَ
وَتلبَسَ ثوبَ الطُهرِ 
يَتلوّى الجُوعُ على أوراقِ خَواصِرِهَا
وَتَحبِسُ أنفاسَها حتى يهداءَ البُركانُ
فَتهزَّ البيعةُ نَشوتَها 
وَينقَضي عَويلُ التّحدّياتِ
في جَداوِلِ أبناءَ المُغيّبين.
تبدّلُ الطُيورُ أجنِحَتَها بالزَعانِفِ
فَتصيرَ آلهةٌ للضَواري
وَيَبتلَ بطنُ الحَاناتِ 
حينَما يسيلُ الماءُ نَقيعاً في لعابِ المَيسورينْ 
هُنالِكَ في زاويةِ المقهى نِسيتُ لُغةَ العُشاقِ
حَجبتُ اندِفاعي،
تَركتُ حُرّيتي،
بَاركتُ الأتّصالَ بإدماني، 
وَفقدْتُ في غيّي مفاتيح القرار.
هي وأنا والنادلُ الفِرعوني وَقهوتُنا المسائيّةُ 
نجومٌ تبحثُ عن مَداراتِها 
وكأنّها فقدتْ أطرافَ الحبلِ النّازلِ من شَجرةِ حَوْر
لا تُنْجبْ ثمراً
تُقاومُ الضِياءَ 
فَتُبدّدَها الأعاصيرُ.
أيّها الكُرسيُّ المتخثُر بأوجاعِكَ 
يَتّكيءُ النزيفُ على نُصوصِ عاداتِكَ السّيّةِ
يحاولُ تأخيرَ المسَاء في طريقه إلى الهلاكِ!! 
ويُؤبِّنُ شِريانَ العِشقِ المَيّتِ في رَحِمِ المقهى
يتسألُ هل هذة قدمي؟ 
أم لتمثالٍ روماني
أضاعَها في دَهاليزِ الزمان؟.
لولا شَمسُ تمّوزَ 
واحتِباسُ الماءِ في عُروقِ الغارقينَ في الضّياعِ
لَتَجمّدتْ زفَراتُ الروّادِ على زُجاجِ النّافذة.
الشّقاءُ حينَ يَهجُرُكَ النّعاسُ 
وَتشتَغلُ الطّواحينُ في صِدْغيكَ مِثل كسّارَةِ بُندْقْ 
لا تُفرّقْ بينَ الزُّرقةِ وماءِ الحَنين. 
ثَوانٍ وَيبداءُ السّهرْ. 
ليتَني 
أُعاوِدُ الكَرّة َ
فأعودُ إلى رُشدي. 
________
* شاعر من الأردن

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *