حاوره : ماهر منصور
لم يسبق محمد سيف الأفخم إلى موقع الأمين العام للهيئة الدولية للمسرح عربيٌّ آخر، وفيما ظلّ هذا المنصب مدعاة فخر الدول الأوروبية والآسيوية التي وجدت فيه تشريفاً للبلد الذي يتمّ انتخاب أحد أبنائه فيه، استطاع محمد سيف الأفخم دخول هذه المنظمة عبر بوابة “مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما”، المهرجان الدولي الأبرز في المنطقة العربية، وهو المهرجان الذي يتولّى الأفخم إداراته، ويستعد للدورة السادسة منه، التي ستنطلق من 20 – 28 يناير (كانون الثاني) 2014.
تستعدون للدورة السادسة من مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، ما خصوصية هذه الدورة، والجديد فيها؟
في كل دورة نستعد لها، نقف أمام استحقاقين اثنين، هما: كيف نحافظ على ما أنجزناه من قبل، وما الجديد الذي سيجعلنا نتقدم خطوة وأكثر عما قدمناه، وهو أمر يشجعنا عليه، ويمدنا بالقوة والإرادة على تنفيذه رعاية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ حمد بن حمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وولي عهده سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، والمتابعة المستمرة من قبل سمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، الذي ما انفك يدعونا إلى التحضير الجيد للخروج بالدورة بأبهى صورة وعلى نحو لايقل عن مستوى التميز الحاصل في الدورات السابقة للمهرجان.
في هذه الدورة نعمل لترسيخ واحد من أهداف المهرجان، في كونه الملهم للمسرح الإماراتي، ومنصة للممثل المحلي على العالم، لذلك ستشهد الدورة السادسة من المهرجان مشاركة أكثر من عرض مونودراما من الإمارات، بينها إنتاج مسرحية خاصة للمهرجان تمثل الدولة سيتم إنتاجها بالتعاون مع جمعية المسرحيين الإماراتيين.
ونسعى خلال هذه الدورة لتعزيز التشبيك بين المهرجان وأبناء الفجيرة، والخروج من مسارح العرض المحددة للعروض، إلى فضاء أوسع من التفاعل الجماهيري، حيث ستشهد الدورة المقبلة عروضاً صباحية لأعمال مختارة من عروض المهرجان، ولاسيما الأجنبية منها، في الجامعات والكليات ومدارس في مدينة الفجيرة، وذلك انسجاماً وما نريده من المهرجان بوصفه حالة شعبية، بقدر ما هو مظهر فني دولي، وهذا اتجاه تتبعه الدول العريقة في الفنون، ومن مظاهره مسرح الشارع وسواه.
شكّل حفل الافتتاح في كل عام، واحد من العلامات الفارقة في المهرجان. مع اقتراب موعد الدورة السادسة، هل اتضحت الملامح الكاملة فيما يخص الحفل؟
سيقام حفل الافتتاح، هذه الدورة، على شاطىء العقة، عبر تقديم أوبريت استعراضي وطني من كلمات الشاعر جريس سماوي وألحان الفنان عبدالرب إدريس، وإخراج ماهر الصليبي.
وماذا عن النشاط الموازي للعروض؟
كما قلت لك، إضافة إلى خروج العروض إلى الجامعات والمدارس، سنخصص الندوة الرئيسية للمهرجان لمناقشة إشكالية “الكتابة للمونودراما بين النصّ والتشخيص” بمشاركة نخبة من النقاد والمسرحيين العرب والأجانب، إضافة إلى الندوات التقييمية الخاصة بالعروض، وندوات تكريمية خاصة وعدد من الفعاليات الأخرى.
أعلنتم مؤخراً عن نتائج مسابقة النصوص العربية للمونودراما. ما تقييمكم للمشاركات هذا العام؟
مسابقة النصوص العربية أصبحت حاضرة بقوة عربياً، ودولياً، من خلال النصوص التي تترجم إلى الإنجليزية. تطوّرت المسابقة ولقيت أهتماماً قياسياً، فتضاعف عدد المشاركين في المسابقة من 80 نصاً في الدورة السابقة إلى160 نصاً من 14 دولة عربية خلال الدورة الحالية، وبعد أن كنا نحثّ الدول على المشاركة، اليوم انتقلنا إلى حثّ بعض الدول التي لم تشارك في المسابقة بعد، وهي دول أقل من أصابع اليد الواحدة.
المسابقة نقلت النص المسرحي العربي إلى العالم أيضاً، وفي هذا السياق نشكر الهيئة الدولية للمسرح في مقرها بباريس والفجيرة، ولهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وجهود سمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي لدعم إصدارات الهيئة وترجمة بعضها إلى العربية، ودعم التعاون المشترك بين الجهتين، ولا سيما خلال مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، كما أودّ أن أشكر جهود لجنة التحكيم العربية، والحياد التام فيما يتعلق بأعمال اللجنة.
رفض بيتر بروك معظم الدعوات التي وردته من العالم العربي لتكريمه، ووافق على اقتراح مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما وهذا له قيمة اعتبارية للمهرجان. من ستكرمون مجدداً؟
حينما قابلنا بيتر بروك قال لنا بما معناه، “سمعت عنكم، لقد حققتم في الإمارات جسراً ثقافياً غير مسبوق بين الشرق والغرب، ولأجل هذا أحييكم على ما قدمتم”، كان كلاماً كبيراً يختصر رؤية سمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام للفجيرة كعاصمة ثقافية دائمة.
اللقاء مع كبار فناني المسرح العالميين لم ينته عند بيتر بروك، فنحن نعمل على دعوة الفنانة الفرنسية الكبيرة أريان مينوشكين صاحبة فرقة مسرح الشمس منذ ما يزيد عن نصف قرن، وحصلنا على موافقة مبدئية منها، ولكن نسعى لأن نوجد بيئة فنية لائقة نقدمها من خلالها.
كيف هي علاقتكم مع المسرحيين في الامارات، هل هناك تنافر أم تجاذب؟
نحن نؤلف لوحة فسيفسائية واحدة، وكلنا نعمل تحت علم دولة الإمارات العربية المتحدة، ليس هناك أي تنافر بل على العكس، بيننا تعاون مستمر، سيتجلّى هذا العام بعرض بأسم الإمارات مع جمعية المسرحيين، كما أن معظم الأعمال التلفزيونية يتم تصويرها بالفجيرة، ونحن نقدّم خدمات مفتوحة لكل الفنانين الإماراتيين، ناهيك عن لقائنا بهم في كل المناسبات التي نقيمها في الفجيرة. هم على رأس القائمة، وسيظلون كذلك دائماً في قلوبنا وعقولنا.
الأمين العام للهيئة الدولية للمسرح، مدير مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، مدير عام بلدية الفجيرة، وألقاب عديدة أخرى تسبق اسمك، إلى جانب مهام أخرى تتولاها. أي منها الأقرب إليك؟
اللقب الأقرب إليّ، هو المواطن محمد سيف الأفخم، ابن إمارة الفجيرة، ابن دولة الإمارات العربية المتحدة، فهو الأكثر رسوخاً في حياتي، واللقب الذي أطمئن بأنني أحمله وأشعر بالفخر تجاهه. وإن كانت المهام التي أقوم بها، جميعها تنطوي تحت عنوان التكليف لا التشريف، فأنا أنظر إلى اللقب مواطن، بوصفه تشريفاً وتكليفاً بآن معاً، إذ لطالما، شعرت بالاعتزاز أنني ابن الفجيرة، وأنا أرى الإمارة تمضي قدماً في ركب الحضارة الإنسانية والفنون والعمارة وتكنولوجيا العالم، وأقدامها موغلة في التاريخ.
تلك المناصب أتشرّف بحمل مسؤوليتها، وما نقدمه نحن جمعياً في مواقع المسؤولية، هو جزء من جهد حكومي، يتضافر لخدمة الشعب وتلبية متطلباته وتعزيز الخدمة الاجتماعية.
شخصياً أعتبر نفسي محظوظاً بأنني توليت مهام لأعمال أحبها بالدرجة الأولى، وأجد فيها المجال الرحب وربما الأسهل لأعبر عن ذلك الحب الكبير الذي يجمعنا في الدولة على نحو عام، وفي الفجيرة على نحو خاص، فسواء في رامسار أو في الهيئة الدولية للمسرح وحتى كرسي إدارة بلدية الفجيرة، أجد نفسي في موقع المسؤول نعم، ولكنني في الوقت ذاته أجد نفسي في موقع العاشق الذي منح الفرصة ليعطي حبيبته ما يشاء. إحساسي كمواطن، مقسوم بين التشريف والتكليف، فما بالك حين أصير كمواطن مسؤول؟ بلاشك سيزداد هاجسي بالتكليف، ولكن المواطن فيّ سيشعر أيضاً بالتشريف. ذلك التشريف المضاعف الذي منحته له الدولة والفجيرة، مرتين، مرة بمواطنته، ومرة أخرى بتكليفه بممارسة دور في الوطن ومن أجله.