* جميل عمامي
( ثقافات )
بريق
النجمة التي يعلقها الليل كل صباح
على بابها ويختفي
النجمة التي تطرق جمجمتي قبل فنجان القهوة
كلما غفوت على صدرها المرمري
النجمة التي ظلت لسنين تلعق خدي
مثل أصابع نحات اغريقي لا يملّ
النجمة …تلك النجمة
كم يعذبني بريقها
تذكر
الرجل المسنود إلى جذع شجرة الخروب الواقفة منذ الأزل
الرجل الذي يحنو على الجذع الخرب المثقوب
الرجل الذي ينفخ في الثقب تلو الثقب
ليمر الضوء وصفير الريح …بين خلايا الجذع
جذع تلك الخروبة
ذاك الرجل المتكوّم لم يكن ميتًا
….ولا نائمًا
إنّه فقط يتذكر
خلف الباب
يظل أيامًا خلف الباب لا يغادر
ذلك النور المندفع من ثقب الباب
عند الفجر هو كل صلته بالعالم
هو لا يرغب أكثر من ذلك
فقط بعد قليل سيدخل موج وجوه
عليه أن يعد مقاعد فارغة للجُلاس المرتقبين
هكذا يحدث معه
أن يظل أيامًا خلف الباب لا يغادر .
شــــــــــــــاعــــــر
الشوارع التي بلا أشجار
الأغاني البدوية التي لا يرددها أحد
الحقول البعيدة التي لا تحب الفصول
القصائد النثريّة التي لا تكتمل أبدا
النوافذ المفتوحة على الأبديّة التي لا تصدق الفضاء
الأنثى التي طالت أظفارها من فرط ما انتظرت
لأجل هذا و أكثر ثمّة “شاعر” يكتب.
صفير
كل الغابة أيتها الشجرة
هي هذه الوردة التي تسقط الآن
قرب رأسي و أنا متكئٌ إلى جذعك
ذات خريف ستسقط ورقة هنا في مكاني
حينها لن أكون حاضرا
فقط سيعلو من صدري صفير يملأ كل الغاب .
سقوط
وأنا أعبر شارع المحطة إلى شارع لا أسميه
يحدث أن تسقط مني نظرة شاردة بين العربات
وأنا أفتح علبة سجائر ملكية قاتلة
يحدث أن أتذكر يوم أهديتني أجندة وقلما فاخرا
يومها كنت سعيدا رغم أن النهار كان غائما
قلتِ يومها ‘ليتها تمطر في حضرتك’
لم أسمع كل ما قلته لكنني فهمت ذلك
من حركة الفستان المتموج أعلى الساقين
ها أنا كل يوم أعبر الشارع الذي لا أسميه وحدي
منذ أن سقطت مني تلك النظرة.
يحدث أن أحيا
قبل أن أدسّ المفتاح في الباب بدفء أصابع زرقاءَ
أسلّم على قطتي التي تطلّ عليّ من شرفةٍ وراء الستار
قبل أن أغلق الباب في وجه يوم متْعِبٍ
أشيح بنظرة بعيدة نحو الأفق المعلّق رُغما عنه
قبل أن أتكوّم تحت حمّام ماءٍ فاترٍ
أغمّس قطعةً من الجبن الأصفر في شريحة خبز
أمضغه على مهلٍ كمن يتذكر
أكْرعُ كوبًا من بيرةٍ مثلجةٍ بلهفةٍ غريزيةٍ
قبل أن ألج حياة كاملة من الإكراه .
________
* شاعر من تونس