سعيدة تاقي *
( ثقافات )
للحزن، حين يغمرنا متدفِّقاً من أقاصٍ نجهلها، نكهةُ حنينٍ إلى توازن أضعناه ذات انسلال نحو المجهول..
ذاك الغريبُ الجديدُ البعيدُ الذي أغوانا بمفاتن الدهشة، و أَنْـكَـرَ منّا لاحقاً، حين امتطينا شهابه، كلَّ هذا الانجراف..
أكلّما هدَّ الاجتياحُ مخزونَ العتـاقة فـينا.. شدا بالشجن إكـليلُ الجبل الذي وضعناه هناك في الزاوية، مندسّاً خلف خيط أبيض عساه يذكِّـرنا بأرجوحة بيت الجدة القديم..
.. عجباً للأماسي.. لا تُقبل على غروبٍ توهّمناه لأحزاننا، إلا بلـفحِ انبساطٍ يغرينا ثانيةً، بالغوص عميقاً في انبجاس وجعٍ جديد..
كم يلزمنا من ألـمٍ كي نـنسى أنّنـا هنا زِنادُ الألـم…
قطعاً لا يملُّ منّا الانتظار.. يتركنا دائماً على أهبة الاستعداد، مخافة مروق اللحظة دون أن تمتطينا.
لم تكتمل بعد متاهة الحزن و الفيء بعيد بعيد..
للسواقي انطلاق مشبوه بالمرح.. و للروابي سكون اعتقال الياسمين..
لم يذْكُرني الغياب حين انتحَلْـتُه.. نكايةً بلهفتي..
أشتاق إليك أيها الشامخ..
حين يغريني الشوق بالعودة إلى مدارجَ للعشق هجرتُها مكرهَةً كي لا يحرقـني لهيـبك، أغـبط الماء على صفاء هو له.. و أغرقُ فيك أكثر، و أنا ألعن حبِّي لك..
فكلّما شذّبتُ جنوحي فيك نحو الجنون، يحملني الوجع إلى آثار أمـقتُ انفلاتها، توهّمتُها انزاحت يوم رحلْت بغروركَ المشاكِس..
.. في القلب شوق لا تخـمُد نيرانه أبداً..
و أنت على مسافة سفر.. هناك، أكتوي بلفح غيابك، و أخرِس أنيني بنبرات صوتك أقتنصها خلسةً من هاتفك الذي يمعنُ في نسياني..
.. كم أحبّك.. لو تدري..
و أنت على مرمى قبلةٍ.. هنا، يهزمني كبريائي فأغوص عميقاً في حضورك، و أنسى الوعد السرّي الذي أزهر متكتِّماً في انتظارك..
.. لو أحبّك.. فحسب كمّ ما تدري…
_______
*شاعرة من المغرب