ماهر الكيالي ابن الأسرة الفلسطينية المناضلة، مدير عام المؤسسة العربية للدراسات والنشر التي أسسها شقيقه الشهيد عبد الوهاب الكيالي عام 1969 قبل أن تغتاله يد الغدر في مكتبه ببيروت سنة 1981. وقد واصل ماهر إدارة هذه المؤسّسة باعتبارها جزءا من مشروع أخيه الثقافي والفكري والسياسي تجاه قضايا الأمة وخاصة قضية فلسطين.
“العرب” التقت بالناشر ماهر الكيالي في فرع المؤسسة بعمّان للحديث عن شجون وشؤون النشر والناشر في الأردن وفي الوطن العربي بشكل عام.
تسلم ماهر الكيالي إدارة المؤسسة التي استمرت وما تزال أربعة عقود ونيف في ألقها وتميزها محافظة على سياستها العربية في خضم الهزال والتشتت والفوضى التي تسود عالم النشر في الوطن العربي، مستقطبة أسماء أهم الكتاب والمفكرين العرب على مدى عشرات السنين.
عقلية خلاقة
حول سر تمكن ماهر الكيالي من المحافظة على سياسة المؤسسة خلال تاريخها الطويل في غمار التغيرات الرهيبة في العالم والمنطقة العربية، وفي الزمن الذي تسرب فيه مَن لا علاقة لهم بالكتاب إلى دور النشر بحيث لا يتورع بعضهم عن تقديم المنتج الفاسد ثقافياً من أجل المال، يجيب الكيالي قائلا: “ينبغي القول إن المؤسس الشهيد عبد الوهاب الكيالي، هو الذي أسس دعائم المؤسسة ووضع سياساتها وحدد مسارها في مختلف جوانب عملية النشر.ففي المدة التي قضاها على رأس المؤسسة وهي لا تزيد عن 12 عاماً (1969 – 1981) استطاع برؤيته الفكرية ورأيه واجتهاده وعقليته الخلاقة أن يخط لها طريقاً سهل لي وللعاملين في الدار المحافظة على سياسة المؤسسة عبر مسيرتها الطويلة على مدار أكثر من 4 عقود.
كان لنا المرشد دوماً في وطنيته وفي تحديد دور الكلمة في مجابهة التحديات، وكان واضحاً وصادقاً في تعامله مع الآخرين، فكان قدوة لنا بحيث حاولنا أن نسير على خطاه وأن نكمل مسيرته في خدمة الثقافة العربية.
ونحن نستمر في النهج القائم على نشر الجديد والمفيد، فلدينا في كل عام خطة طموحة في النشر مبنية على إصدار نحو 100 عنوان جديد في الحقول المختلفة الأدبية والفكرية والسياسية وفي أدب الرحلة.
ونشارك بنشاط وانتظام في معارض الكتب العربية والعالمية. ويستمر التعاون مع مؤسسات عربية في مجال النشر المشترك مثل دار السويدي في أبو ظبي وقطاع الثقافة في مملكة البحرين”.
الرقابة والبيروقراطية
وحول رأيه في سوق الكتــاب الــذي أصبــح يعتبر سلعة كمالية في العالم العربــي حيث يكاد المواطن لا يجد قــوت يومــه، وتأثــر هذه السوق بـ”اتفاقية تيسير انتقال الإنتاج الثقافي” التي أقرتهــا اللجنــة الدائمــة للثقافة العربية بجامعة الدول العربية بالقاهــرة عــام 2011 والمتضمنــة إعفــاء المنتــج الثقافــي من الرسوم الجمركية ومنحه أولويــة النقل ضمن الدول العربية بالإضافــة إلى تمتعه بتعريفات نقل مخفضــة، أفاد الكيالــي بقولــه: “الأسواق العربية تشهد حالــة من الانحســــار والارتباك، وبالطبع ثمة أسواق خرجــت من دائــرة السوق بسبب أوضاعها الأمنية وحالة الاضطراب السياسي والاقتصادي، الأمر الذي ينعكس على تردي القوة الشرائية للمواطن العربي.
وحتى الأسواق التي تشهد استقرارا سياسيــا تعاني من سلبيــات أخــرى كالرقابــة الصارمــة على الكتب والبيــروقراطيــة التي تســود حركــة تــداول الكتاب وعبــوره إليهــا.
فهناك دول ما زالت تفرض رسوماً جمركية على الكتب ولكنها قليلة على غرار المغرب و مصر، وقد تأثرت هذه الأسواق إما بسبب ضعف القوة الشرائية كما في المغرب أو بسبب عزوف القارئ نتيجة اضطراب الأوضاع الأمنية والسياسية كما هو الحال في مصر. وبالرغم مــن دخول عنصر جديــد على الساحة وهو تــداول الكتاب الإلكتروني، إلا أن أثــره يكاد يكــون محدوداً لاعتبارات عديدة”.
التتويج والمسؤولية
وفيما إذا كان يعتبر أن عضوية اتحاد الناشرين العرب بصفة رئيس لجنة العلاقات العربية والدولية في 2013، وعضوية مجلس أمانة جائزة البوكر، هما تتويج لمسيرة من العطاء أم بداية جديدة لمسؤوليات أكبر بالنسبة إلى ماهر الكيالي، يجيب بقوله: “في ما يتعلق بعضوية اتحاد الناشرين العرب فهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها انتخابي لمجلس إدارة الاتحاد، فسبق أن انتخبت في العام كأمين عام مساعد في المجلس الذي ضم الأديب الراحل سهيل إدريس والمعجمي الراحل خليفة التليسي وغيرهما.
أما عن اختياري في مجلس أمناء جائزة البوكر لمدة 3 أعوام، فإنني أنظر إليه لا تتويجا لمسيرة من العطاء المتواصل في ميدان النشر، وإنما كبداية لتحمل مسؤوليات جديدة بالتعاون مع نخبة من الأكاديميين وأصحاب الاختصاص للنهوض بمهنة النشر عموماً، والرواية العربية على وجه الخصوص”.
عناوين متجددة
العلمانية، سوريا، الثورة، الربيع، التحديات… كانت هذه بعض مفردات عناوين الكتب التي نشرتها المؤسسة مؤخراً وبالتالي يتبدى جلياً أثر الحراك السياسي الجاري في العالم العربي على منشوراتها وقد صرح لنا الكيالي بأن: “أي دار نشر جادة ومواكبة للأوضاع السياسية والاقتصادية والتطورات الراهنة التي تحيط بالعالم العربي لا بد أن تعكس هذه الوقائع في اتجاهات النشر.
وفي هذا السياق قمنا بنشر عدد من العناوين لكتاب معروفين منهم، صقر أبو فخر وماجد كيالي وعبد الحي زلوم وعبد العزيز المطوع وشاكر النابلسي وغيرهم. ومن هذه العناوين “أعيان الشام وإعاقة العلمانية في سورية”، و”الثورة المجهضة”، و”الربيع العربي”، و”الربيع الأسود”، و”تحديات الثورة العربية”.
ويذكر أن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ومن مبدأ حرصها على نشر الوعي والثقافة في العالم العربي ولإيمانها بضرورة جعل الكتاب سلعة متاحة لا تقف أمامها حدود جغرافية ولا يحجبها عن العقول ضيق ذات اليد أحياناً، أتاحت للمهتمين التحميل الإلكتروني المجاني لمنشوراتها الأدبية والعلمية والسياسية وغيرها”.
– العرب