*ماجد الحيدر
(1)
أغنية الطفل الأبدي
الموت أخي الكبير الذي
غادر البيت
ساعة ولدتُ أنا
ولم يعد من يومها
..
قيل لي
انه ترك لي رسالة
لأقرأها حين أكبَر قليلاً
لكنني لم أكبَر.. لم أكبَر أبداً
..
أحيانا أراه في المنام.. أخي الكبير
وأركض الى حضنه
وأحك خدي بخده الخشن
ولحيته النافرة
وأقول له:
لماذا تأخرت؟
..
مرارا طالبت أمي وأبي
بصورة له
لكنهم يشيحون
يتمتمون:
لا.. لا صورة له في البيت
..
مرارا سألتهم عن شكله
وعمره الحقيقي
وموعد إيابه
فلا آخذ منهم حقا
ولا باطلا!
..
وأغضَب أحيانا،
أرفع صوتي:
أليس ابنكم
ألا تريدونه أن يعود
فيشحب أبي
وتضمني أمي لصدرها:
أسكت.. أسكت يا صغير!
..
ربما يخشون عودته
ربما ندِموا على تركه
ليقطع المجاز الحجري
ويبلغ الباب الخشبي القديم
وربما يصدقون الخرافات
لكنني
سأظل ألعبُ وأغني
في “الطارمة” الظليلة
قريبا من عباءة أمي
وحين يأتي
سأعرف طرقته
وسأركض اليه بالتأكيد
وأحك خدي بخده
وأتركه..
ليرفعني عالياً
عاليا في الهواء العجيب
تماما كما في الحلم!
(2)
الى الطين اهرعي يا أم
الى الطين اهرعي يا أماه.
إطلي كل شيء
العباءة
والجبين
والوجنتين
والرأس الأشيب
واتركي فقط
هاتين العينين
بم تبكين إن غطاهما الوحل
وكيف –لولاهما-
سأعرفك يا أماه؟
أصرخي يا أم
مثل ذئب جريح
أيقظي ذاك الحارس
النائم في علاه
عله… يفتح لي.
سبعة أيام مضت
وأنا واقف
عند باب السماء.
دثريني أماه
وأطعميني كسرة
من خبزك الأسمر الشهي..
أنا وصحبتي..
قد تجمدنا من البرد.
أنا وصحبتي..
جائعون يا أماه ؛
سبعة أيام مضت
منذ ألقونا
على جانب الطريق.
الى الطين اهرعي يا أم
الى حنّاء عرسي الصامت!
_________
* شاعر وقاص ومترجم من العراق (العالم)