«موسم العظم» رواية قادت كاتبة مبتدئة إلى النجومية


*ليندا خضر

تبدو الأنظار في بريطانيا والعالم أجمع، مشدودة نحو الكاتبة سامنثا شانون، ذات الواحد والعشرين ربيعاً، بعد صفقتها الكبيرة، التي تقدر بنحو 20 مليون جنيه استرليني، مقابل نشر سلسلة روايتها (موسم العظم) التي يتوقع الناشرون البريطانيون، أنها ستزيح «هاري بوتر» ومؤلفته الشهيرة:

جي كي رولينغ، عن عرش التشويق، لتتربع عليه شانون، بكامل طموحها وخيالها. وذلك كما حدث وتبوأت أخبارها، صدارة صفحات الصحف البريطانية. وكان لافتا، التصريحات والاحايث الصحافية، الاخيرة، لسامنثا. إذ قالت فيها: “(جي كي رولينغ) الثانية.. أنا (سامنثا شانون) الأولى.
قبل عامين كانت سامنثا شانون، مجرد فتاة بريطانية في التاسعة عشرة من العمر، تعمل مجانا في دار نشر (ديفيد غودوين) لكسب الخبرة. وفي أحد الايام، كانت تجلس اثناء استراحة الغداء في حديقة (كوفنت) الموجودة في منطقة سفن ديلز، حيث تعمل، حين قفزت الى رأسها فكرة الرواية، ولم يكن معها ما تكتب عليه فكرتها فاشترت دفترا صغيرا من مكتب البريد في طريق عودتها الى العمل.
وبدأت في خربشة الأفكار التي ظلت تدور في رأسها، واستمر الامر على تلك الحال، طوال بقية يومها، الى ان وصلت بيتها مساء، إذ شرعت خوض غمار الكتابة لساعات متواصلة، حتى أنهت الجزء الأول من عملها، والذي يشمل على 480 صفحة. وفي اليوم التالي، أطلعت شانون أساتذتها في الجامعة، على كتاباتها، فنالت إعجابهم. كما شجعها زملاؤها في دار النشر التي تعمل بها، على الاستمرار في الكتابة.
..إلى دائرة الشهرة
لم تمض عدة اسابيع حتى بادرت دار «بلومزبري» الى شراء الرواية، فمن المتوقع أن تحقق مبيعات ضخمة، وتعيد وهج النجاح الذي حققته سلسلة “هاري بوتر”، التي باعت اكثر من 400 مليون نسخة حول العالم..
وتكفلت بحقوق نشرها ودفعت للكاتبة مبلغا مقدما من المال، قدره 100.000 جنيه استرليني. كما وقعت الكاتبة عقدا مع شركة (ذا ايماجيناريوم)، التي يمتلكها الممثل آندي سركيس، لتحويل أحداث الرواية إلى فيلم سينمائي من المقرر أن يوزع في عشرين دولة.
حقل رحب مفضل
طالما احبت الكاتبة الشابة سامنثا شانون، قصص الخيال العلمي، وفضلت الكتابة في هذا المجال لاعتقادها أنه يمنح الكاتب الكثير من الفرص والعديد من الاحتمالات، لتحويل قصة عادية معاصرة الى خيال قادر على كسر الجدران، شريطة ان يمتلك كاتبها نظاما متماسكا يكون قابلا للتصديق، يحكم عناصر الرواية على امتداد احداثها.
تأثرت سامنثا، في بداياتها، بالكاتبة مارغريت أتوود.. وبالعديد من الشعراء، أمثال: جون دون وإميلي ديكنسون. وأثناء دراستها في جامعة اوكسفورد، تعمقت في أعمالهما التي تحوز وجهة نظر مثيرة في ما يتعلق بالحياة والموت. وهكذا، جعلها تعمقها في هذا الجانب من الأدب، ميالة الى الخيال، والى الوجه المروع للأشياء جميعها.
رؤية ونهج
تعتزم سامنثا مواصلة رفد روايتها “موسم العظم”، بأعمال أخرى متتابعة، كسلسلة في السياق، إذ إنها تمثل، بالنسبة لمشروعها الروائي في الصدد، الجزء الأول من أصل سبعة، لم تنته من كتابتها بعد. وبالرغم من أنها تمتلك رؤية عامة، عن ما تريد تحقيقه في كل كتاب، وكذا عن فكرته الأساسية، إلا أنها لا تحب.
كما تقول، التخطيط الصارم للأحداث، كونها ترى أن الخطط المسبقة تُفقد الكاتب متعة القفز في عالم الخيال المنتشر بين فصول الرواية. ومن وجهة نظرها، فإن شخصيات القصة، هي التي تكتب الأحداث بنفسها، في بعض مراحل العمل.
2010
لم تكن “موسم العظم” الرواية الأولى للكاتبة، إذ كانت قد خاضت تجربة فاشلة، قبلها، ذلك مع كتابتها رواية «أورورا» عام 2010، التي رُفضت من قبل عشر دور نشر. وهو ما أثر فيها إلى حد بعيد، إذ تعرضت بفعل ذاك، كما تؤكد، الى الحرج الكبير في محيطها. ولكنها لم تستسلم للإحباط.
وهكذا حولت فشلها الى اصرار على النجاح، أثمر في النهاية انجازها رواية (موسم العظم)، التي تمتعت بحظوظ كبيرة سلطت عليها الأضواء قبل نشرها. وغذا الجميع بانتظار معرفة ما إذا كانت الرواية تستحق تلك الضجة ام انها فقط، صورة او انعكاسا لسعادة الحظ وابتسامتها، احيانا، في وجه المبتدئين.
خيال علمي منتصف القرن 21
تعد رواية “موسم العظم” من روايات الخيال العلمي. وتدور أحداثها في العام 2059. إذ تحكي عن قصة فتاة في التاسعة عشرة من العمر، تدعى (بايج ماهوني ـ بطلة العمل)، تشتغل في مجال علم الجريمة الجنائية في لندن، لصالح شخص يدعى (جاكسون هال). وتمتلك تلك الفتاة، المقدرة على النفاد الى دواخل وأفكار البشر، عن طريق الاستبصار.
اختطاف فتشويق روائي
تتعرض بطلة الرواية، في أحد الأيام الماطرة، للاختطاف، وتؤخذ إلى سجن في مدينة أكسفورد، التي تظهر في العمل على أنها كانت قد بقيت مخفية عن الأنظار طوال 200 عام. ومن ثم تخضع (الفتاة)، لسيطرة مخلوقات غريبة لديها قدرات خارقة، كما تفترض الرواية. ومنذ ذلك اليوم، تتغير حياة بايج كليا، وتعيش داخل جدران السجن تحت سيطرة حارس عيّن ليكون مسؤولاً عن رعايتها وتدريبها.
وفي تلك الاثناء، تدرك بايج مسبقا، أنه كي تنال حريتها، يتوجب عليها أن تتمرن جيدا.. وتحاول التعلم من طريقة التفكير والدوافع الغامضة التي يمتلكها الحارس، باعتباره مدربها وعدوها الطبيعي، في الوقت ذاته.
اختفاء مدينة
تصوغ سامنثا في روايتها، صورة أو نسخة خيالية عن اكسفورد، عندما كانت تعيش هناك. ونجدها وضعت، بشكل ما، شيئا من شخصيتها في تفاصيل سمات وشخصية بطلتها. إلا أنها حررتها من بعض صفاتها، كالخجل وحب العزلة. وقدمتها كامرأة قوية شجاعة، محبة للرياضة، وأكثر تهوراً. لكن الكاتبة، ترى، حسب تصريحات كثيرة لها، أنه هنالك قواسم مشتركة بينها وبين بطلة روايتها، ذلك الى درجة يمكن معها أن تصنف هذه الشخصية، كأخت متمردة قليلا.
“موسم العظم” تقدم بين صفحاتها، نموذجا لامرأة شابة تظهر كبطلة قاهرة، تعلمت كيف تسخّر قواها في عالم سلبها كل ما تملك، لذا تناضل لاستعادة ما كان لها ولديها، بذكاء وحنكة. وأيضا، تقدم على أرض الواقع، كاتبة شابة استثنائية، مفعمة بالخيال وتحوز طموحا تجاوز حدود الرواية الواحدة، ليصبح العمل هيكلا عظميا، تستند اليه سبعة اجزاء، تنوي سامنثا كتابة البقية منها (ستة اجزاء)، خلال السنوات القادمة.
«فوح العزلة»
كانت سامنثا شانون، في الخامسة عشرة من عمرها، حين بدأت الكتابة. إذ كانت تنعزل في غرفتها ساعات طويلة، يوميا، لهذا الغرض. وكثيرا ما اثارت عزلتها قلق والدتها، التي لاحظت عليها التعب، ولمست ابتعادها عن محيطها. ولكن محاولات الأم لإقناع ابنتها بضرورة الخروج، لم تفلح أو تثن شانون عن العمل بجد وتصميم ومثابرة في عوالم الأدب.
وها هي تشرع، مبكرا، في حصد ثمرات دأبها وتركيزها في رحاب الادب والفكر، ذلك بعد الشهرة الكبيرة، والشعبية للافتة لروايتها الاخيرة( الثانية): “موسم العظم.
_________
*(البيان)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *