*
لم يفتقد صوت الفنان مارسيل خليفة ساحات مهرجان بعلبك المفتوحة وانساب مع لحن عوده كالحرير، في أرجاء معمل الحرير التراثي في الضاحية الشمالية لبيروت- الذي تقام فيه استثنائيا حفلات المهرجانات الدولية- فقدم باقة من الأغنيات التي طبعت مسيرته وذاكرة جيل بكامله، مطعمة بأغنيات جديدة تعرّفها الجمهور للمرة الأولى.
وشاء الفنان الستيني مساء السبت ألا يكون وحيدا مع عوده على المسرح، فاختار آلة وترية أخرى غربية لترافقه هي التشيلو، التي تولى العزف عليها ابن شقيقه ساري خليفة. وبين أوتار العود الشرقي وأوتار التشيلو الغربي، عزف مارسيل خليفة وغنى على أكثر من وتر، من السياسة إلى الحب مرورا بالدين.
وبعد مقدمة موسيقية، بادر مارسيل في بداية الحفلة جمهوره بكلمات الشاعر محمود درويش قائلا “عندما يذهب الشهداء إللى النوم أصحو وأحرسهم من هواة الرثاء، وأقول لهم تصبحون على وطن من سماء ومن شجر، من سراب وماء”.
وأضاف “فلنقف دقيقة صمت تحية لأرواح شهداء مجزرتي بيروت وطرابلس”، في إشارة إلى التفجير الذي وقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية في 15 أغسطس/آب الجاري، والتفجيرين اللذين وقعا في مدينة طرابلس (شمال لبنان) يوم الجمعة.
وفي تحية إلى بعلبك التي لم يقم فيها المهرجان هذه السنة نظرا للأوضاع الأمنية، أنشد خليفة “بغيبتك نزل الشتي” للشاعراللبناني ابن “مدينة الشمس” طلال حيدر. وقال خليفة “كنا نحب أن نكون في بعلبك ونحيي حفلة هناك غدا، لكن بسبب الأوضاع الصعبة تعذر ذلك. أهلا وسهلا بكم وستغني السنة المقبلة في بعلبك”.
الحب والسياسة
وقدم خليفة مجموعة من الأغنيات الجديدة التي نالت استحسان الحضور. وفي أبرزها أثار واقع التوريث السياسي في لبنان والعالم العربي، فتهكم على “لوك” (مظهر) “ملك الملوك” الذي فيه “20 توك” (أي 20 عيبا)، مخاطبا إياه “واجب الواجب علينا نشكر اللي خلفوك”، وقبل أن تمسكني برقبتي أمسكني أبوك”، ولم أقل له يوماً “تروك” (أي أتركني
)”وقال قبل أن يؤديها “هي أغنية تحية إلى كل السلاطين والوزراء والنواب الموجودين وحين ينتهون يأتي دور أولادهم وأولاد أولادهم”. وقال خليفة إن المضمون السياسي للأغنيات “موجه إلى جميع السياسيين، من المحيط إلى الخليج”.
وأضاف “لا أستثني أحدا، وأولهم سياسيو لبنان”. لكنه أشار إلى أنه لا يريد أن يحمل هذه الحفلة إسقاطات. “فيها زهد وسلام داخلي وعودة إلى الذات والإنسانية.. المهم ليس الأم أو الحبيبة أو من ننتقد، المهم هو الداخل، كيف نصرخ وكيف نبوح”.
وأهدى خليفة أغنية “أنا يوسف يا أبي” من كلمات الشاعر محمود درويش إلى الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي الذي أطلقته السلطات السورية اخيرا بعدما اعتقلته في 18 يوليو/تموز مع رفيقيه توفيق عمران وعدنان الدبس، القياديين في حزب العمل الشيوعي المعارض. وذكر خليفة بأنه حوكم على هذه الأغنية ودخل قصر العدل “في بلاد الإشعاع والنور”، قبل أن يبرئه القضاء اللبناني.
وعزف ساري خليفة مطلع “يا مريم البكر” ثم دخل عود مرسيل ليزيدها حنانا وضخامة، بتوزيعه الجديد ورؤيته الخاصة، كما قرأ خليفة قصيدة من ديوان شعر “سرير الغريبة” للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش كتب موسيقاها للتشيلو الذي عزف عليه ابن شقيقه ساري خليفة.
وأرضى مارسيل خليفة جمهوره وألهب حماسه، حين غنى باقة من أغنيات بداياته التي ساهمت في نجاحه ورسخت حضوره الفني، ومنها “منتصب القامة أمشي” و”ريتا” و”يا بحرية” و”أحن إلى خبز أمي” و”أخاف من القمر وغيرها”.
________
*( الجزيرة)