قصائد من الشاعر الجزائري محمد ديب


*ترجمة:أحمد عثمان

محمد ديب (1920 – 2003) شاعر وروائي جزائري بارز يكتب بالفرنسية، يعد واحداً من أشهر الكتاب الفرنكفونيين في القرن العشرين، إلى جانب ايميه سيزير وسنغور . تعلم في وطنه الأم قبل أن ينتقل إلى مدينة وجدة الحدودية مع المغرب . بعد دراسته اشتغل في العديد من الأعمال : موظفاً، نساجاً، صحافياً ومترجماً . ترك الجزائر إلى فرنسا في النصف الثاني من الخمسينات، مصطحباً معه زوجته الفرنسية، حيث أقاما في عدد غير قليل من المدن، قبل أن يستقرا في باريس منذ 1959 .

كان مولد محمد ديب الأدبي عام 1952 حين صدرت له أول رواية وهي رواية “البيت الكبير”، وقد نشرتها مطبوعات “لوسوي” الفرنسية، ونفذت طبعتها الأولى بعد شهر واحد، ثم رواية “الحريق” التي تعلن إرهاصات الثورة الجزائرية . والغريب في الأمر أنه بعد ثلاثة أشهر من نشرها انطلقت ثورة الفاتح من نوفمبر/تشرين الثاني 1954 في الجزائر .
نتاجه الأدبي في غاية الأهمية، ليس على مستوى صعيد الفرانكفونية فقط، بل تعداه إلى الصعيد العالمي . في بادئ الأمر اقترب من السوريالية، وفي خضم الثورة الجزائرية كتب روايته “صيف إفريقي” 1959 .
كانت كتاباته الأولى ذات أسلوب شعبي، ومنذ عام ،1962 ركز على التعمق في غياهب النفس البشرية .
نال محمد ديب عام 1963 جائزة الدولة التقديرية للآداب، كذلك كان أول كاتب مغاربي يحصل على جائزة فرنكفونية، وذلك في عام ،1994 حيث تسلمها من الأكاديمية الفرنسية تنويها بأعماله السردية والشعرية وقبلها جائزة “مالارميه” في عام 1998 . توفي محمد ديب في 2 مايو/أيار 2003 في “سان كلو” إحدى ضواحي باريس .
من نتاجه الروائي والقصصي: “في المقهى” (1955)، “صيف إفريقي” (1959)، “من يتذكر البحر” (1962)، “الطلسم” (1966)، “سيد الصيد” (1973)، إضافة إلى نتاجه الشعري: “ظل حارس” (1961)، “صيغ” (1970)، “أومنيروس” (1975)، “نار، نار جميلة” (1975) .
الكلمات
تقول كلمات .
ينفخ الصبي أعلاها .
تكرر قول الكلمات .
تتمدد الكلمات على الأرض .
لا أحد يجمعها .
ليست هناك كلمات أخرى .
ينهض الطفل .
يتجه نحو الساعة الدقاقة .
يجابهها .
تقول كلمات .
ينفخ الصبي أعلاها .
تكرر قول كلمات .
الذئاب
تمدد على الفراش . 
ولكن الباب .
رأى الصبي
أنه مغلق .
فتحه سريعاً .
اتجه سريعاً إلى الفراش .
رفع سريعاً الأغطية .
ثم انتظر الموت .
أخذ يحتضر وعيناه مغلقتان،
حلم بامرأة ترتدي الرمادي .
جاءت توقد ناراً .
فجأة دخلت ذئاب
وجلسوا قبالة النار .
والرائحة الحزينة تتصاعد .
المغنون
أكثر من مئة، أكثر من ألف .
نراهم من على بعد كيلومترات .
يغنون في الليل .
يغنون ويرحلون .
وطالما كانت الطرق خالية
ينشأ الطفل يغني بمفرده .
الصمت
بالقوة
توقفوا .
قدموا
ولكن من هم؟
رحلوا .
لا صياح .
لم يكن سوى الصمت .
أو الظل في أثرهم .
لم يكن سوى ساكن
حتى بالنظرة ذهبوا .
لا شيء .
في موكب
ذهبوا .
ذهبوا .
اللحظة
في هذه اللحظة
وفي اللحظة التالية
لا حرب ولا موتى .
حينما يفتح الناس
الأعين وينامون .
أو تتفتح الورود .
نحاول أن نحبها .
جمال قريب، جمال بعيد .
لم يغيروا من نظرتهم .
الصحراء
على قدم
من الممكن أن يناموا .
العصفور يمضي في الأعالي .
صحراء، كل الصحراء .
يستيقظ أحد ما .
يبدل القدم .
ظلالهم في الصمت
يهجرونه كلهم .
كل الظلال تتشابك
كل الظلال ترحل .
ينامون على قدم .
الطير الجارح يعود .
الزائر
وصل .
حيا،
وزهوره في يده،
كنت راقداً هنا .
قال الطفل .
ولكن متى؟
وضعها .
جلس .
قال، سأعود .
قال، البيت .
لا ليس بعيداً .
رجع، وضعها ثانية .
رجع .
وضعها ثانية .
قال: طوال الليل
من سيرافقني؟
تطلع حوله .
قال: هذه الزهور .
القمر
القمر لا يدخل .
في الداخل تسود العتمة .
لا يرى الطفل إلى أي شيء .
يعرف أنه موجود هنا .
يحلم بالمياه .
يقول :
العتمة قوية هنا .
القمر لا يدخل .
ظل القمر في الخارج .
ويحلم بالمياه .
كل شيء يجرى في الفناء .
كل شيء .
في الداخل تسود العتمة .
ويحلم بالمياه .
من يبحث عنها؟
القمر لا يدخل .
__________
*(الخليج)الثقافي

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

تعليق واحد

  1. سلام عليكم أنا بحاجة إلى ديوان آه لتكن الحياة لمحمد ديب وشكراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *