عائشة بلحاج*
الكاتبة، تلك الأنثى التي تلاعب الحرف، وتطوعه لتنسج ألف كلمة وكلمة، لتخرق جدار الصمت المطبق، حول قضايا شائكة تتناولها من عدة زوايا. كفرد يعيش في مجتمعه ويعايش كل مظاهره، والإشكاليات المطروحة فيه. وكأنثى تدرك مشاكل بنات جنسها في مجتمع ذكوري بامتياز. وككاتبة تحس بثقل الواجب المفروض عليها بنقل حساسيات وتفاعلات المجتمع بسلبياته وايجابياته.
الكاتبة، مبدعة كانت أو صحفية، خلال خرقها لجدار الصمت.. تواجه صعوبات جمة وعراقيل عديدة، بعضها يشبه ما يتعرض له شقيقها الكاتب، وبعضها الآخر ‘تختص’ به كأنثى تحمل قلما. في مجتمع ينظر إلى الأنثى كجسد يثير الغرائز، أو كعقل ناقص يحتاج لوصاية الرجل حتى يكتمل نقصه.
الكاتبة في رحلتها لاكتشاف ذاتها وتعرية الواقع، تواجه نظرة المجتمع إليها وتُلفت إليها الأنظار. خصوصا إذا كانت أفكارها المبثوثة عبر نصوصها تعتبر متحررة للبعض، فتواجه سخطهم،واتهامات بالجملة إما بالخروج عن الدين، إن هي دافعت عن حقوق شقيقاتها اللواتي يلتحفن رداء الصمت جبنا أو خنوعا، أو بالثورة على العادات والتقاليد التي تكرست حتى أصبحت من المقدسات، خصوصا في مجتمعات محافظة كالمجتمعات العربية.
كما أنها تواجه التحرش أيضا، فهناك من لا يصدق نفسه حين يرى أمامه أنثى تحمل القلم، حتى يراودها بشتى الطرق، ويعتبرها هدفا سهلا. ففي نظره رغم ما تحمله في جعبتها من أفكار وثقافة، إلا أنها تبقى أنثى تبحث لها عن ‘ذكر’ يسترها، وكأنها عورة لا تستر إلا بظل رجل.
ففي الغالب تسود تلك النظرة عن الكاتبة، بأنها إما عانس لم تجد لها زوجا ‘ يلجمها’ كأي فرس جامحة بحاجة للترويض، أو زوجة ناقمة تحاول الانتقام من زواجها الفاشل بالتهجم على الرجال كافة. باحثة عن ما تكمل به النقص الذي تعيشه في حياتها.
من هذا المنطلق سألت عدة كاتبات عن رأيهن بالموضوع، وطرحت عليهن الأسئلة التالية:
هل يقرأ المتلقي ما تكتبه المرأة بشكل مختلف عن ما يكتبه الرجل؟
ترى القاصة حياة عمر خطابي، الحديث عن علاقة المرأة بالممارسة الإبداعية، هو حديث بالضرورة عن تلك الإكراهات التي تواجهها المرأة لتفرض نفسها باعتبارها فاعلة ومنتجة للإبداع، بعيدا عن كل الضغوطات التي يمارسها عليها المجتمع، بدءا من النظرة الدونية التي توجه إليها من جهة وإلى إبداعها من جهة أخرى، ومرورا بتعرض المبدعة للانتقاص لكونها أنثى، ووصولا إلى كون المتلقي يعمد إلى إسقاط مضامين إبداعاتها على حياتها الخاصة . هنا نتساءل عن قدرة هذا المخلوق على الإبداع والكتابة في سياق كل مسببات الإحباط التي تحيط بها من عراقيل وأسوار وضغوطات وقمع وتهديد وإهانات واستهانة بإبداعها، لاسيما إذا اتسم بنوع من الجرأة في طرح بعض المواضيع الحساسة . حينئذ قد يصل الأمر إلى تجريم المرأة وانتقاد لشخصيتها لكونها سيدة متحررة بأفكارها، تطرقت للمسكوت عنه في أعرافنا وفي الثقافة الشائعة لذوي العقول المتحجرة. فتكون النتيجة هي أن تثار شخصيتها في المناسبات والمقاهي ، وتلوك الألسن سمعتها، فتنعتها بكثير من القصور في النظر وعدم وضوح في الرؤية بأنها امرأة معقدة تعاني من فراغ عاطفي تارة أو عانس تارة ثانية، أو مطلقة حاقدة تارة أخرى..
وتؤكد القاصة والصحفية فاطمة الزهراء المرابط أن المبدعة تعاني من نظرة المجتمع الذي لا يقبل جرأة المرأة في تناولها لبعض المواضيع، مما يقيد عطاءها ويحد من انطلاقها الإبداعي، فهي محاصرة دائما في قفص الاتهام بسبب تجربتها الإبداعية، لذلك نجد أن المبدعة تعاني من محدودية المجالات التي تتطرق إليها في كتاباتها، وهذا أكبر تهميش تعانيه المرأة المبدعة فهي تخشى كلام الناس، ورأي القارئ، ونظرة المجتمع، وكذا الاتهامات التي يمكن أن توجه إليها مع كل عمل أدبي.
بينما تذهب الكاتبة الصحفية سلوى ياسين، إلى أن الكاتبات اليوم بسبب اختياراتهن الجريئة يواجهن عنفا وإقصاء لا مثيل له، بمجرد أن يخضن في الطابوهات أو المحرمات. ويتعرضن للهجوم والتجريح إذا سمحن لقلمهن بتهجي حروف الجسد، وتخطي الخطوط الحمراء التي لم ترسم على ما يبدو سوى أمام الإبداع النسائي. وبسبب هذه الرقابة التي يصنعها المجتمع أو تلك التي تصنعها المرأة المبدعة بنفسها، لا تنطلق المرأة داخل عوالم الجسد لأن القارئ المغربي والعربي لم يتعودا أن تصدر من قلم نسائي. بالرغم من أن الحديث عن الجسد الصريح، يتواجد بكثافة أعمال إبداعية لم تجد حرجا في استثمار جسد المرأة دون قيود. بل بالعكس من ذلك، يُرحب بالكاتب الرجل، الذي يتفاخر بعبوره للجسد النسائي بحرية تصل أحيانا حد الوقاحة. بينما للأسف، مازال هناك الكثيرون من الذين يرون أن المبدعة أو الكاتبة يجب أن تبق حديثها عن الجسد، وعن مواسمها العاطفية والجنسية حبيسة كتاب مذكراتها المغلق، تضطر إلى تهريبه من مكان لاخر مثل وثيقة سرية لا داعي لكي يخرج للمتلقي.
وتتفق معها القاصة خديجة المسعودي، التي تقول إذا كان إبداع الكاتبة جريئا وبضمير المتكلم. فأكيد لن تجد مفرا من التأويل والإسقاط الذين يورطان الإبداع بالحياة الشخصية للمبدع. لن ننكر أن الرجل المبدع قد يتعرض لنفس المشاكل لكن قطعا ليس بنفس الحدة. وحجم علامة الاستفهام أمام المرأة يكون أضعاف الأضعاف فالرجل المبدع الجريء لن يواجه النظرة التحقيرية التي قد تتعرض لها المرأة المبدعة وهي تتطرق لمواضيع تم إقحامها داخل خانة الطابوهات وهي لا تتجاوز أشياء عادية نمارسها يوميا. ولن يُنظَرَ إليه من منظار ضيق الأفق والتفكير.
القاصة السعدية باحدة تذهب أبعد من ذلك، ففي نظرها هذا التحيز الذي تعيشه المرأة الكاتبة لا يطال كتاباتها فحسب،بل يتجاوزها إلى جزئيات وتفاصيل صغيرة،تعيشها المرأة يوميا، كمعاناتها من وصاية الآخر على مالها وفكرها،وضغوطات المجتمع التي تفرض عليها الاستسلام والانهزامية، وكثير من المواقف السلبية،التي قد تساهم المرأة نفسها في تكريسها سواء عن وعي لتفادي الاصطدام مع المجتمع ومع الآخر الذي يشكل نصفها الثاني، أو عن غير وعي ظنا منها أن الطاعة بند من بنود العائلة السعيدة،فتضحي بحقوقها عن طواعية،وترتكن إلى الصمت وتنزوي في منطقة الظل، بحكم ما تلقته من تربية من طرف مجتمع يمجد الذكر وينوه به، ويحتقر المرأة ويرى أنها عورة يجب أن تُستر وتصمت وتغض الطرف .
الشاعرة هاجر بلحاج تقول أن المرأة تكتبُ عن الحب فيُقال أنّها ناقصة عاطِفة وحنان..عن الحرية فيُقال أنها سجينة أهل، أو قيد قد فرض على اللّسان.. عن الزواج فيُقال أنّها عانس ترتجي إعجاب رجل يأتيها فوقَ بُراق الأمان..عن السياسة فيقال أنها دخلت معمعة ليست بالقادرة عليها وبأنّ عاطِفتها ستُخسر الحكم والميزان..عن الدين فتُذكر بأنّها ناقصة عقل ودين. وبأنّ صوتها عورة، وجِنسها لعنة وبأنّها حبذا لو تصمتُ، كي لا تحصد سخط طاقم السفِينة والرّبان..
القاصة مريم لحلو تغرد خارج السرب وتقول لا فرق بين ما تواجهه المرأة و ما يواجهه الرجل، في نظري أخطر المشاكل هي التي تهدد الحياة الأسرية/الزوجية.
بينما ترى القاصة فاطمة الزهراء الرغيوي أن الإشكالية هي أن الكاتب الرجل إذا أعلن أنه يكتب سيرته وقد يكون فيها ما قد تؤاخذ به امرأة لو كتبته، سيقابل غالبا بالتصفيق والتهليل. إذن المتلقي هنا، مستعد لمحاكمة الكاتبة فقط لكونها امرأة، وهذا انتقاص لإنسانيتها ولإبداعها أيضا.
هل تجد المرأة الكاتبة رقابة من القارئ؟ وكيف تواجهها؟ هل تستسلم وتقبل برقابة ذاتية تغنيها عن رقابة القارئ؟
خديجة المسعودي ترى أنه إذا كانت المبدعة مؤمنة بشاعرية قلمها بقوة تغنيها عن أراء من حولها.. ولا تسمح لأي كان أن يقف حجر عثرة في مسيرتها الإبداعية، حينها، لا يمكن أن نضمن ما قد يحصل. فقد تدفع ضريبة إصرارها على الكتابة..
بينما تقول فاطمة الزهراء الرغيوي أن هناك ما نسميه بالرقابة الذاتية، التي حتى وإن حاولنا التملص منها نقع فيها أحيانا. في تجربتي الشخصية في الكتابة، لا أضع لنفسي قيودا في الكتابة الإبداعية، لكني مثلا لا أستعمل إلا بعد تردد كبير ونادرا كلمات يمكن أن تعتبر حادة و’خادشة للحياء’. في المقابل، في كتابنا المشترك أنا وأحلام بشارات (إذا كانت تراودني فهي مجرد أفكار)، فإن ما قيل عن جرأة مراسلاتنا فيه وتطرقنا لمواضيع ‘حساسة’ في حياتنا الخاصة، لم يرق بالتأكيد إلى طموحنا أنا وأحلام. لأننا كنا نعي تماما أننا لم نفصح عن كل شيء وفق ما كان يمكن أن نتحدث به مثلا. في هذا الكتاب تحديدا، كانت الرقابة الذاتية حاضرة بالتأكيد.
تضيف سلوى ياسين إن نقص التجربة في حياة المرأة في مجتمعاتنا تجعل أغلب كتابات النساء تتغذى على الذكريات الشخصية، أو تستمد حكاياتها من تجارب محدودة لا تبرح عوالم مغلقة متكررة. وحتى وإن اتخذت المرأة الكاتبة من حياتها الشخصية والعائلية والزوجية موضوعا لإبداعاتها، فهي في نفس الوقت تضطر إلى الاختصار والسطحية، احتراما للالتزامات الاجتماعية، التي تضغط عليها وتمنعها من الكتابة بشكل مفتوح وصريح. في تعارض واضح مع شروط الإبداع الذي يحتاج إلى جرعات مكثفة من الحرية والانطلاق.
بينما تؤكد مريم لحلو، بالنسبة لي الكتابة لم تخلق لي مشاكل تذكر…رغم أن النوع الذي كتبت فيه سابقا مثير فعلا للمشاكل أقصد اللوحات الساخرة…إذ تلقيت بعض التعليقات الجارحة خصوصا عندما كتبت عن المدرس والمفتش، وغالبيتها أو كلها كانت بأسماء مستعارة..فلم أعرها كبير اهتمام لأني وطنت النفس من البداية، على ذلك وتلك هي ضريبة الكتابة فرغم أنه لاقى استحسانا من الكثيرين إلا أنني كنت لا أسلم من السهام الطائشة خاصة أن كتاباتي نقدية ساخرة لبعض الظواهر الاجتماعية… ولكن على العموم لم تخلق لي مشاكل خاصة عائلية أو زوجية كما هو الشأن عند بعض الأديبات.ولا أخفيك سرا إذا أخبرتك أنني ‘نكتب ونقَيَّس′ إشارة إلى حكاية القنفذ والذئب في البستان وحكايتهما مع صاحبه.
وتخلص فاطمة الزهراء المرابط إلى أن المبدعة الحقيقية المؤمنة بقلمها وإبداعها، تمكنت من كسر هذه الحواجز للكتابة بكل حرية وقناعة في مختلف القضايا الاجتماعية المسكوت عنها، متحدية كل الآراء والانتقادات الموجهة إليها.
فاطمة الزهراء الرغيوي تؤمن بأنه على النساء الكاتبات ألا يعشقن حالة الضحية حد تقمصها،فليكتبن بشكل جميل، ووفق قناعاتهن وسيتكفل التاريخ بغربلة الجيد. وفي المقابل، القارئ الذي تنقصه أدوات قراءة النص، يعتبر أن الكاتبة تكتب سيرتها الذاتية مرارا وتكرارا، وهو ما ينفي قدرتها على الإبداع الذي لا ينحصر طبعا في الكتابة عما نعرفه وما اختبرناه.
حياة عمر الخطابي تؤكد أن المرأة المبدعة كانت وما تزال ضحية على الدوام لشيء ما: الواقع والقوانين والأسرة والمحيط والمجتمع والسلطة. وذلك مهما كان مستواها ومهما كان إبداعها. هي الضحية الأولى لمن يحركهم الجهل والأمية والتخلف. هي أيضا ضحية للثقافة السائدة التي تكرس العادي والمألوف، وتضع المرأة المبدعة في إدانة أخلاقية ما لم تتماه مع الثقافة الرائجة.
وترى خديجة المسعودي بأن الكتابة بالنسبة للكثيرين عمل تافه ومضيعة للوقت. لكن هذا الأمر يكون أكثر ألما، إن كان أقرب الناس إليك يجدون أقدس ما تفعله مجرد سخافة لا يستحق أدنى تشجيع. والأغلبية الآن تبحث عن عمل يدر دخلا يسد الأفواه. لذلك فلا تنتظر من أهل المبدعة أو زوجها أن يشجعوها على ممارسة الكتابة إلا نادرا.
وتخلص السعدية باحدة إلى أنه رغم ما تساهم به الصورة التي تروجها وسائل الإعلام من تمويه بأن المرأة العربية قد حققت بعض المكاسب؛ تعلمت، وخرجت إلى سوق الشغل، وشغلت مناصب مهمة في المجتمع، وصارت منافسة للرجل في كثير من الأمور التي كانت في السابق لا تستطيع أن تشتركها معه،وبدأت تعلن مواقفها بجرأة غير مسبوقة… إلا أن الحقيقة المرة أن المرأة لا تزال تعاني من الاستغلال بأساليب مبطنة، وتمارس عليها ضغوطات ناعمة تارة للتغرير بها، وعنيفة طورا من أجل إخضاعها لرغبات الرجل،الذي لا يرى فيها غير المتعة.ما دامت الصورة الإشهارية، التي يربى عليها الأجيال؛والتي تروج للسلع وحتى للثقافة أحيانا، لا تجعل من المرأة سوى سلعة جذابة ومغرية، تلعب على والوتر الحساس للمشاهد الهش، فيحمل الصورة في ذهنه ليتعامل من خلالها مع أخريات في الشارع ،أو العمل أو في مجالات الاحتكاك بالمرأة.
ما الحل؟
بنظر حياة عمر الخطابي فهذه الثقافة التي تعامل المرأة باعتبارها مجرد أنثى خلقت لخدمة الرجل لا لتنافسه في مجال يعتبره ذكوريا محضا؛ مما يقذف بالمرأة إلى الهامش الاجتماعي ويجعل كل منتجها الثقافي محض هراء. لاسيما حين تكون الكاتبة غير مساندة من قبل مؤسسة اجتماعية أو ثقافية أو إعلامية كأن تكون صحافية أو منتمية لاتجاه سياسي وازن، أو تدعمها جمعية ثقافية لها ثقلها، أو زوجة لمسؤول ميسور الحال … ولعل هذا المأزق هو السر في كون كثير من المبدعات تتفنّنّ في إبتكار الأقنعة أو في نشر إنتاجهن تحت اسم مستعار.
وتضيف، برأيي إن هذه النظرة الدونية للمرأة الأديبة ينبغي أن تقوي إصرارها على التعبير عن آرائها والسعي إلى فرض شخصيتها وإثبات مكانتها العلمية، ولكن دون أن تقع في فخ الغضب الذي يعمي بصيرتها ويدفعها إلى أن تزداد جرأتها شراسة، فتقع في الطرح الرخيص الذي يخل بأنوثتها وبمبادئها.أرى أن للمرأة الحق في البوح وفي التعبير عن مكنوناتها، ولكن عليها أن تتحاشى الانعتاق السافر في التعبير والطلاقة المتحررة من كل قيد في البوح. عليها أن تتأدب في بوحها، أن تستنكر الوقاحة في ما يستبيح تجاوز الحدود وهدم القيم والصراخ بأعلى صوت. بكل بساطة: عليها وهي ترسم المشاعر والأفعال أن تصوغها بحروف حية جميلة، لكن بكل ما في حياء المرأة وجمال روحها من قوة.
وتؤكد هاجر بلحاج أن المرأة حين تكتب، تنهال عليها الأحكام من كل الاتجاهاتِ ..وتُقدح بشتى الصفات … ولهذا فإن البعض منهن يئدن الحلم ويخترن الصمت بدل البوح. لكن بالمقابل فمنهن من يمسكن القلم، ويشرِطن موضع الألم ويقفن فِي وجه الظروف، والمجتمع، والأعراف، والتقاليد. ويتمردن ويصرخن : ‘نحن هُنا’ ..فإن ألغتنا دولتكم و قواعدكم العنصرية، وأعرافكم الغبية. فإن دولةَ القلم قد شرعت لنا الأبواب، واحتضنتنا واعترفت بـ’وجودنا’ ومنحتنا ‘الوجودية’ و’الأزلية’..!
وجهة نظر الكاتب
يرى الشاعر عبد الرحيم الخصار، أن الأدب هو الشيء الوحيد الذي يجب أن يربط الكاتب بالقارئ، بغض الطرف عن الجانب الفيزيولوجي لمن يقف وراء هذا الأدب، أو بصيغة أخف لا يجب أن يكون هذا الجانب الفيزيولوجي موجها للأدب أو دعامته الوحيدة. ويضيف أنه ليس من الهين الحديث عن تقييم ما لطريقة تلقي الأدب الذي تكتبه المرأة في المغرب، لأن تلقي الأدب في المغرب عموما ضعيف سواء أكانت تكتبه امرأة أم رجل. الرجل العربي غالبا ما يبحث عن المرأة في كتاباتها، لذلك يستطيب في غالبيته الأشياء الحميمية التي تكتبها المرأة، ربما لهذا السبب فطنت أحلام مستغانمي إلى طريقة خاصة في الرفع من قيمة قرائها حين وضعت على كتابها نسيان كوم’ عبارة ‘ممنوع على الرجال’، تتصيد القارئ الذي تغريه كلمة ‘ممنوع′ و حين تذهب الكاتبة نفسها مثل هذا المذهب فهي تساهم في جعل علاقة القارئ بما تكتبه المرأة علاقة سيئة.
وبرأيه فأخطر أشكال الرقابة هي الرقابة الفردية التي تسكن في قرارة الكاتب وفي لاوعيه لأسباب لها علاقة بالتربية الاجتماعية وبظاهر المجتمع لا حقيقته والمرأة التي تختار الكتابة في المغرب يجب أن تكون واعية بهذا الاختيار، ويحيّي كل كاتبة مغربية تملك قسطا كبيرا من الحرية في مجتمع مستعد للنقد قبل قراءة العمل، من الصعب جدا أن تكتب المرأة رواية أو قصة أو قصيدة تعبر فيها بصدق عن تجربتها في الحياة داخل شعب يستطيع أن يتحول الواحد فيه بسرعة وبقدرة قادر من منحرف في خلوته إلى واعظ أمام الجماعة.
الكاتب عمر بنعمر يلاحظ أن ردود أفعال القراء تختلف حسب جنس الكاتب. فالمتلقي يقرأ للكاتبة بعين أخرى، وبنظره فالسبب يرجع للطرفين معا، الكاتبة والقارئ. فالملاحظ أن جل الكاتبات تكتب بصفتها امرأة، ولا تريد نزع هذا الجلباب لتعبر عن أفكارها دون ربطها بأنوثتها. بينما في الأدب الغربي المرأة تكتب بقلم دون جنس.وكذلك القارئ المشبع بثقافة مجتمع ذكوري، ينظر إلى المرأة الأنثى بصفتها مخلوقا آخر. لذا على جل الكاتبات التحرر من هذه العقدة، فهن غالبا يكتبن من منطلق أنثوي. لذا هن يتحملن نصف المسؤولية.
*شاعرة واعلامية