*
صدر عن دار المدى حديثا كتاب (غزليات حافظ شيرازي) برواية عباس كيارستمي وترجمه عن الفارسية ماهر جمو، الذي قال عن الكتاب انه: يسعى إلى محو الهالة الأسطورية الضبابية عن حافظ وتقديمه على انه كائن ارضي أولا ، وهو يحاول الكشف عن الحكم التي تزخر بها هذه الأشعار وتقطيعها بشكل يمنحها البريق الذي تستحق والذي يرى كيارستمي انها كانت قد حرمت منه ضمن الديوان الأصلي لـ(حافظ)بفعل الموسيقى والقافية.
وكان الكتاب قد صدر في طهران عام 2006م عن دار (فرزان روز) فأثار جلبة كبيرة في الأوساط الأدبية الإيرانية . انه (حافظ) مرة أخرى ، حيث تطفو الى السطح مسألة المساس بقدسية أشعار هذا الشاعر الكبير الذي يعتبره الكثير من الإيرانيين واحدا من ابرز رموزهم المقدسة.
المخرج السينمائي عباس كيارستمي، الشاعر، المصور، الرسام والموسيقي، يعمل منذ مطلع السبعينات على توطيد أسس جمالية خاصة يرتكز عليها فنه، قوامها الصفاء والشاعرية والبساطة، وهو يطرح في أعماله أسئلة جريئة ومقلقة تتعلق بالحياة والوجود من دون الخوض في مغامرات ما ورائية غيبية، مسلطا النور على أدق المشاعر الإنسانية واشدها كتمانا وعلى مشاهد قد تبدو هامشية وسطحية للوهلة الأولى لكننا نكتشف فيما بعد مدى أهميتها وعمقها.
وفي جرأة لم يسبق لها مثيل بين كل الأعمال التي تناولت ديوان شاعر الفرس العظيم (حافظ)، دراسةً وشرحا وتصحيحا ، يقدم كيارستمي كتابه الى القارئ الإيراني المعاصر ليقرأ بطريقة مختلفة كل الاختلاف عن الطرق المألوفة في قراءة الشعر الكلاسيكي الفارسي متسلحا بمقولة (رامبو) الشهيرة (ينبغي ان نكون حداثيين بشكل مطلق) التي تصدرت مطلع الكتاب.
يقوم كيارستمي بانتقاء اشطر معينة من أشعار حافظ ويقطعها بشكل يبعد الكلمات عن الإيقاع والموسيقى وعن ذاكرتها التي كانت تملكها ضمن سياقها الأول، ليغير بذلك طريقة قراءتها، وتأملها بشكل مختلف ومن زوايا تمنح رؤية اكثر صفاء وحكمة، وهي طريقة تشبه الى حد ما طريقة أشعار الهايكو اليابانية التي ينحو كيارستمي اليها بشكل كبير في أعماله.
_________
*(المدى)