*باولو كويلو
بعد سنوات طويلة من العمل والتأمل في أفضل كيفية لعبور نهر يتدفق سريعاً وعميقاً أمام بيته، عمد رجل إلى بناء جسر على هذا النهر يتألف من جذع شجرة واحدة يمتد بين ضفتي النهر ذاك. ونادراً ما كان أبناء القرية التي يسكنها هذا الرجل يقدمون على عبور الجسر بسبب تقلقله وخطورته.
ذات يوم بديع، أقبل مهندس وكأنما من المجهول، فشيد بالتعاون مع أبناء القرية جسراً علوياً يعبر النهر، في يسر وسهولة، الأمر الذي أثار حنق الرجل الذي بنى الجسر المؤلف من جذع الشجرة المتقلقلة. ومنذ ذلك الحين، شرع يحدث كل من يكترث بالإصغاء إليه بأن هذا المهندس أساء إليه، ولم يبد نحوه ما يستحق من الاحترام والتوقير والإجلال.
كان القرويون يبادرون بالرد عليه بشكل فوري: «..لكن الجسر المؤلف من جذع الشجرة لا يزال يمتد عبر النهر، وهو بمثابة صرح تذكاري لجهدك وتأملك».
كان الرجل يرد في عصبية: «لكن، ما من أحد يستخدمه».
ولم يتأخر القرويون في الإجابة بهذا الخصوص: «أنت مواطن محترم ونحن نحبك، إلا أن الناس يعتقدون أن الجسر العلوي أجمل وأكثر نفعاً من ذلك المؤلف من جذع الشجرة، فما الذي يمكننا القيام به؟».
قال الرجل: «ولكنه يعبر نهري، ألا ترون ذلك جلياً للجميع؟».
فرد القرويون: «ولكن سيدي مع كل الاحترام والتقدير الذي نبديه لك شخصياً، ولعملك المتمثل في تشييد جسر جذع الشجرة، فإننا نؤكد أن هذا النهر الممتد أمام بيتك ليس ملكاً لك بحال من الأحوال، ويمكن عبوره سيراً على الأقدام، أو باستخدام قارب، أو اجتيازه سباحة، أو بأي طريقة شئنا. وإذا كان الناس يؤثرون عبوره باستخدام الجسر العلوي، فلماذا لا نحترم إرادتهم؟ وفي نهاية المطاف.. كيف يمكننا أن نثق في رجل ينفق جل وقته في انتقاد الجسر العلوي، بدلاً من أن يحاول تحسين جسره المبني من جذع شجرة؟».
________
*(البيان)