مجد يعقوب *
( ثقافات )
(الحياة كما هي ) رواية ظبية خميس التي استطاعت أن تجسدها في عنوان يتناغم تماماً مع المحتوى الذي سرد الحياة كما هي دون قيد أو شرط .
هي قصة (مهرة بنت عبيد) طفلة الحب والتي كانت ولادتها في عام استثنائي كما وصفته أمها . سنة الطهف … تلك السنة التي هبط فيها الثلج والبرد في عز الصيف في دبي .هذه الأم التي شكلت عبر مورثاتها جينات البحث الدائم عن الحرية والانعتاق من أي قيد عند ابنتها مهرة بنت عبيد الطفلة التي عشقت الطيران دوماً خارج حدود المكان والزمان .
مهرة بنت عبيد المراهقة التي خبرت حيوات أخرى بعلاقتها بجدها الربان وتنقلاتها المتكررة بين الدوحة وأبو ظبي ودبي .
مهرة بنت عبيد التي عرفت معنى الحرية بإصرار أمها للبحث عن حياتها كما ترغب ، مهرة التي لم تفرح بمشاغبات المراهقة مع ابن الجيران والتي غادرت وطنها صغيرة بعد تفوق دراسي ملفت إلى بلاد الحرية والديمقراطية بدأت هناك تكتشف ذاتها وتتبلور شخصيتها شيئاً فشيئاً ، تلك البلاد التي لم تجردها من أصالتها ولم تقطع جذورها على الرغم من هول المتناقضات والأحداث التي صادفتها إلا أن التأثير على شخصيتها المتمردة والثابتة كان صعبا للغاية .
بين أنديانا والقاهرة والبلاد الآسيوية تكونت مهرة بنت عبيد الناضجة بكثير من التجارب التي صقلتها ولم تستطع أن تشرخ بهاء روحها .
ولم تكن ذات الوقت بعيدة عن مصائب عروبتها ولم تسرقها بلاد الحرية والديمقراطية من ذاتها فتقرؤها تتألم لكل حدث يلم في الأمة: سقوط بغداد بكل معانيه يشكل حالة صمت وذهول عند مهرة، محمد الدرة والانتفاضة … حالة قلق /تأمل المشهد تسقطه على القضية الفلسطينية بشكلها الشمولي .
تقلدت مناصب عديدة ….. وحيث ما كانت تعمل دوماً على كشف المستور والتنقيب بين السطور …تزداد ألماً لصور الخراب والدمار والقتل ، فلا تجد إلا ورقة وقلما تفرغ عليها كل شحناتها . بعد أن توقفت عن المشاركة في المظاهرات وبعد أن بح صوتها .
(مهرة بنت عبيد ) الناضجة المتبلورة تقرؤها في (الحياة كما هي ) أنموذجاً جديراً بالإعجاب للمرأة وما يجب أن تكون عليه.
مهرة بنت عبيد / المرأة المحبة – الباحثة عن المعرفة – العاشقة للترحال – المتأملة لأدق التفاصيل – المتألمة بصمت وكبرياء – المجنونة الصارخة الرافضة لكل قيد يكون عائقاً أمام رحلة طيران إلى أجواء عديدة وزخمة ، كثيفة ومتنوعة .