وليام فوكنر يسقط في أول اختبار بدار للمزادات


*
 من التصوّرات الثقافية أنّ الغربة في الوطن قدر المبدع العربيّ وحده، وهي تصوّرات تدعمها أحوال أغلب مبدعينا، غير أنّ دار سوذبيز للمزادات كشفت عن أنّ مفردات شخصية لكاتب أميركي جاوزت شهرته حدود وطنه، لم تجد تجاوبا من قبل ابناء بلده، إذ أعرضوا عن اقتناء رسائله ونسخ أصلية من كتبه. وليام فوكنر (1897 – 1962)، من أشهر الروائيين الأميركيين، وواحد من أعظم شعرائها، اعتبره النقاد من أكثر الكتّاب تأثيرا في القرن العشرين. ولد في نيو ألباني بولاية مسيسيبي، وقضى معظم حياته في أكسفورد.

إلا أن هذه الشهرة وهذا النجاح لم يشفعا له في مزاد أقيم مؤخرا في نيويورك، حيث تم عرض مجموعة له من المخطوطات والبطاقات والرسوم للبيع، لكن وحسب المختصين لم يحقق هذا المزاد التوقعات عندما لم تجد القطع من يشتريها. والمجموعة التي قدمتها دار سوذبيز للمزادات على أنها “أكبر مجموعة مقتنيات خاصة بفوكنر تعرض للبيع” كانت قد عرضت الأسبوع الماضي في باريس. ومن بين القطع غير المباعة نص كلمته عند تسلمه جائزة نوبل للآداب الذي كان سعره مقدرا بين نصف مليون ومليون دولار.

• الأميركيون يتنكرون لابن الجنوب

فوكنر حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1949، وعلى جائزة بوليتزر في عام 1955 عن “حكاية خرافية”. كما نال الجائزة ذاتها عام 1963 عن عمله الموسوم بـ “الريفرز”، إلا أن هذه التتويجات لم تجد لها صدى يذكر في هذا المعرض، حيث مُني المنظمون بخيبة أمل كبيرة، خصوصا أن أغلب التخمينات ذهبت إلى تحقيق أرقام خيالية، نظرا لشهرة الكاتب الأدبية ومكانته العالمية المرموقة، لكن الواقع جاء عكس ذلك.

وتتميز أعمال فوكنر بتنوع في الأسلوب وطرافة في طرح الفكرة وخصوصية في الطابع. وعرفت مجموعة من 16 بطاقة بريدية وجهها الكاتب الأميركي إلى والدته من فرنسا المصير نفسه بينما كان سعرها مقدرا بين 250 و350 ألف دولار، فضلا عن 25 مخطوطة مطبوعة على الآلة الكاتبة يقدر سعرها بين 300 و400 ألف دولار. وقد بيعت 24 قطعة فقط من أصل 39 كانت معروضة للبيع من بينها النسخة الأصلية لرواية “ذي ساوند أند ذي فيوري” (1929) التي بيعت بسعر 81.250 دولارا.

وعرف فوكنر بميله إلى نقل واقع محيطه وبيئته الجنوبية، ناقلا عاداتها وتقاليدها، حتى لقبّه البعض بكاتب الجنوب (نسبة إلى ولاية ميسيسبي الواقعة جنوب أميركا). عدّه المطلعون على الأدب من أعظم الروائيين في التاريخ، رغم تعدّد أسماء الأدباء الأميركيين مثل توماس وولف ومارك توين وروبرت بين وارين وترومان كابوت وهاربر لي وفلانري أوكونور وتينيسي ويليامز. وكان فوكنر قليل الشهرة قبل فوزه بجائزة نوبل للأدب، بالرغم من أن أعماله نشرت منذ 1919، وفي عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

• التاريخ خلده والوقع رفضه

من رواياته ”أجر الجندي” (1926) ، و”الصخب و العنف” (1929) ، و”النزع الأخير” (1930) ، و”أبشلوم أبشلوم” (1936). وقد هوجمت أعماله من قبل النقاد، الذين رأوا في رواياته، خصوصا “الملاذ” إفراطا لما فيها من قتل واغتصاب، عدّ تجاوزا للمعقول. وتناول فوكنر في أعماله أيضا مسألة السود والبيض في عدّ أعمال منها: “الضوء في أغسطس″ عام 1932، و”أبسالوم” عام 1939م و”اغْرُب ياموسى” عام 1942.

ويعرف فوكنر في جلّ رواياته بالنفس الحزين المأساوي، رغم أنه ورث روح المرح عنده من مارك توين وكُتّاب سابقين آخر. أما الجزء الثاني من مزاد “أعلام الأدب في القرن العشرين” فمقرر في لندن اعتبارا من العاشر من يوليو/تموز مع مخطوطة “مورفي” أول كتاب للروائي الأيرلندي صامويل بيكيت (1906-1989) و”تايفون” للكاتب الأنكليزي من أصل بولندي جوزف كونراد (1857-1924).
________
*(ميدل ايست أونلاين)

شاهد أيضاً

جاسم خلف إلياس: التّـنظير الذي يَخلو من التّطبيق ناقصٌ، ولا يُمثل الكلية النّقدية

(ثقافات) جاسم خلف إلياس:  التّـنظير الذي يَخلو من التّطبيق ناقصٌ، ولا يُمثل الكلية النّقدية حاوره: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *