من “أزهار” بودلير


* ترجمة: محمد سالم سناد

عطر مسافر

حين أغمض عيني في عشية خريفية ساخنة

أتنفس عبير جوانحك الدافئة

تلوح لي ضفاف سعيدة

تُبْرد نار الشمس المقيتة
جزيرة غافية

حيث تعطي الطبيعة أشجاراً فريدة

وفواكه لذيذة

ورجالاً أجسامهم ناحلة قوية

ونساء يأسرن بنظرات فاتنة

يقودني عبقك إلى مناخات خلابة

فأرى مرسى يعج بالأشرعة و الصواري

التي لاتزال متعبة من موج البحر

بينما عطر الأشجار الهندية الخضراء

الذي يسافر في الهواء

ويملأ أنفي

يمتزج في روحي

مع أغاني البحارة السعداء

حلق بعيداً

فوق العلالي

فوق الأودية

فوق الجبال

فوق الغابات

فوق الغيوم

مجتازاً طوق السماوات

مجتازاً حدود الأفلاك المرصعة بالنجوم

تتنقل يا عقل برشاقة

مثل سابح ماهر ينتشي من جلال اليم

يجوب الأعماق الهائلة في جذل و سرور

في لذة يعجز عنها التعبير

حلق بعيداً عن هذي الأبخرة النتنة المَرَضِية

تَطهر من هذي الأوحال في الأجواء العالية البهية

واشرب النار المضيئة التي تملأ الفضاءات الشفافة

كخمرة أزلية نقية

خلْفَ الغيوم والكآبات الشاسعة التي تثقل بغبشها الكون المظلم

سعيد من يستطيع بأجنحة قوية

أن يرتمي في الحدائق المشرقة الهادئة

سعيد مَنْ أفكاره أمثال طيور القُبر

تندفع صباحاً طليقة نحو السماوات

صافات أجنحتها فوق الكائنات

سعيد مَن يفهم دون عناء

لغات الزهور

والأشياء الصامتة

* من مجموعة “أزهار الشر”
______
* ملحق(الخليج) الثقافي

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *