قفَّار الأثر


زهران القاسمي *

(1)

استيقظي أيتها الكلمة
ثمة من ينجرفون في الوديان
ثمة من يَضيعون في الهدير
تعذّبهم التعاويذ..
استيقظي أيتها الكلمة
رحمةً بهم.

(2)

في غفلةِ حنجرةٍ ما
نسيتُ موتي القديم
كنّا معاً نلعب الغمّيضة
تحت سوار جدتي الفضّي
وهي تحيك قصصها الحزينة.

(3)

«هل ألبِّي سلامَ قطيعي؟»..
يسألني النسر.

(4)

الوهن شهياً نغترفه
من ملامح البارحة.

(5)

قدمايَ تقتفيان في البُعْدِ
قُفَّارَ أثرهِا الغائبين.

(6)

أنفثُ فقري
أعترفُ بغربتي.. طافحة.

(7)

كخلوةٍ خيالية لقارّةٍ من عدم..
أعترف بالمجداف لأصابعي
ولا أعطيه ساحلاً.

(8)

كلّ خطوة تحيلك شاطئاً
توقظُ فيّ رغبةَ المشي.

(9)

الصمت
لحافي المنشور
في طرقات أطفالي الحفاة
الهابطين بسحاباتهم الرمادية
على ظهورهم الرهيفة.

(10)

فجأةً
تسطع أحلامنا
فلا نستطيع الرؤية.

(11)

ذاكرةُ هذا الصباح
تُفقدني أرصفةً وشوارع
كنتُ أغْريها الليلةَ المنصرمة
بالنوم في جيبي
كأقلام الرصاص.

(12)
طعنة.. هي الشمس،
والجبالُ
ترتكز
على دورانِ ملاكٍ رزين.

(13)

المطر
يبتعد عن عريشِنا ساعةَ القيظ
ننشد تحته عباءةَ المكان.

(14)

صوتُكِ زادي
يا حورية تسكن خمرةً معتّقة
يا لؤلؤةَ الضياع
أفارقُ موتي لألتقيه
على مشارفِ ابتسامتِك
فهل تسلبين عزائي
الذي أكتنزهُ خشيةَ طواغِيتكِ.

(15)

تتشتّت ساعاتي
تنضج هشاشتي أكثر.

(16)

لم تعد أقدامكَ من رحلتها
ما بين ألواح الحرب المحفوظة
فإلى مَن هذه التحيات
التي تجمع حيرتَكَ
فوق مِنضدة
يا وعلاً.. يغتصب القممَ وعواصفها؟!

(17)

انتبهوا جيداً
قد تمرّ نجمةٌ ما
قد تفرّ زهرةٌ بعطرها
قد..
قد.
وقد
أحيكُ حولَكم حبائلَ
تُوقِعُكم في أنفسكم.

(18)
فقدتُ ما بقيَ لي من عمر
ما بقيَ لهذا الصمت
من هراء.

(19)
لأننا عَقلْنا
استقرّت فينا صخرةُ الحياة.

(20)
لأنهم طافوا حول عمره
سبعاً
تاهَ في الأرض.
(21)

لأنه استيقظَ من ظلّه الحزين
غفرَ نسيانَهُ الآثم.

(22)

لأنها تريد أنْ تقولَنا دفعةً واحدة
تتردد أصواتٌ أبدية
في ذاكرتها.

(23)

لأنني سقطتُ كثيراً
مات أبنائي في البقاع
بلا شاهدةٍ تحرسهم
من الحيوانات الضالّة.

(24)

لأنكِ هناك
تقرعين طبولَ الحرب والحب
أنا هنا
جائعٌ ومتْعَب.

(25)

الدرب الذي سلكناه ذاتَ صباح
أكَلَتْهُ أقدامُ
مَن جاءوا بعدَنا.

(26)

أيّها الفلق
ابْتلعْ رونقَ موتي.

* شاعر من عمان
* مما صدر له في الشعر: «أمسكنا الوعل من قرونه» (2006)، «الهيولى» (2007)، «أغني وأمشي» (2007)، «الأعمى» (2011)، «موسيقى» (2012) و «رحيق النار» (2013

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *