‮ ‬مويان الحائز على نوبل .. يتحدث أخيراً


*‬مرفت عمارة‮

في مقابلة نادرة،‮ ‬وأول حوار طويل له منذ فوزه في الخريف الماضي وجه الفائز بجائزة نوبل للأدب مويان اللوم للنقاد الذين نبذوه بسبب اتهامه بالتقرب الواضح من الحكومة الصينية،‮ ‬متهما إياهم بالحسد ومحاولة تشويه المعاني الموجودة في أعماله،‮ ‬أخيرا تحدث من‮ ‬يعني إسمه حرفيا‮ »‬لا‮ ‬يتحدث‮« ‬عن عدد من القضايا التي وصفها المترجم إبراهامسن أنها ربما تكون‮: “‬اقرب إلى الإعتراف الشامل حول موقفه السياسي في الصين وهو ما لم‮ ‬يحدث من قبل‮”.‬

وكان قد تم توجيه العديد من الانتقادات المتوالية لمويان من المنشقين الصينيين ومنهم الفنان الشهير آي فيوي الذي وصفه بأنه‮: ‬يتبع بوضوح مسار الحزب،‮ ‬كما أظهر في مواقف عديدة عدم احترامه إستقلال المثقفين،‮ ‬علاوة على رفضه التوقيع على عريضة تطالب‮ ‬بالإفراج عن المسجون الحاصل على جائزة نوبل للسلام ليو كسيابو،‮ ‬مما دعا الكاتبة هيرتا ميلر الحاصلة على نوبل إلى التعليق على فوزه بنوبل بأنه‮: ‬صفعة على وجه‮ ‬جميع الداعين إلى الديمقراطية و حقوق الإنسان‮.‬
نوبل للأدب‮ ‬غير مخصصة للأدب
إلا أنه في حوار مع الصحيفة الألمانية دير شبيجل نشرته الجارديان مؤخرا وجه خلاله مويان الانتقاد إلى آي بأنه أيضا متقرب للسلطة متسائلا‮: ‬من بين المثقفين من‮ ‬يمكنه إدعاء تمثيل الصين؟ أنا بالتأكيد لا أدعي ذلك،‮ ‬وهل آي‮ ‬يمكنه أيضا؟ أولئك من‮ ‬يستطيعون بحق تمثيل الصين‮ ‬يحفرون التراب و‮ ‬يمهدون الطرق بأيديهم العارية،‮ ‬كما رد الضربة أيضا لزميله الكاتب الصيني لياو‮ ‬يوي الذي نعته العام الماضي بكاتب السلطة الذي فشل في الحفاظ على المسافة بينه وبين الحكومة قائلا‮: ‬أعلم أنه‮ ‬يحسدني على تلك الجائزة،‮ ‬وأتفهم ذلك،‮ ‬إلا أن انتقاده لي‮ ‬غير مبرر على الإطلاق،‮ ‬وأضاف مويان لدير شبيجل أنه منذ فوزه بجائزة نوبل ومنتقديه‮:« ‬يستخدمون النظارات المكبرة للبحث عن عيوبي،‮ ‬لدرجة أنهم حرفوا بعض أشعاري‮”‬،‮ ‬و القصيدة التي هاجمها لياو على وجه التحديد،‮ ‬كما‮ ‬يقول‮: “‬لا تمدح حزب رسمي موصوم بل في الحقيقة تتهكم عليه‮”.‬
وأشار مويان إلى أنه بينما‮ ‬يعرب علنا عن أمله أن‮ ‬يتم الإفراج عن ليو‮: “‬إلا أنهم أعادوا انتقادي مرة بعد أخرى حول نفس الموضوع‮ .. ‬مما ذكرني بطقوس التكرار خلال الثورة الثقافية،‮ ‬إذا قررت الكلام فلن‮ ‬يمنعني أحد،‮ ‬و إذا قررت الإمتناع عن الكلام،‮ ‬فلن أجبر على الكلام حتى لو وضعوا السكين فوق رقبتي‮”.‬
يقول إيراهان مسن وهو مترجم سابق لأعمال مويان ومؤسس منظمة الترجمة الأدبية‮ “‬بيبر‮ ‬ريبابليك‮” : ‬بما‮ ‬يقصد قوله هو أغربوا عن وجهي جميعا،‮ ‬كل من‮ ‬يحاول إجباري على قول شيء و ظللت صامتا،‮ ‬ووضعت كل ما أريد قوله في كتبي،‮ ‬فهو بالأساس‮ ‬يحفر تحت عقبيه‮!”.‬
في حين‮ ‬يقول مويان أنه‮ ‬يكن إعجابا لأدباء مثل‮ ‬جونتر جراس ممن‮ ‬يعبرون عن رأيهم ضد حكوماتهم،‮ ‬إلا أنه في ذات الوقت‮ ‬يبدو‮ ‬غير راغب في الانضمام إليهم قائلا‮: “‬لا أحب الإدلاء بالتصريحات السياسية،‮ ‬أنا كاتب سريع،‮ ‬لكنني أفكر مليا،‮ ‬حين أتحدث علنا،‮ ‬وعلى الفور أسأل نفسي إن كنت قدمت نفسي بوضوح،‮ ‬أو كانت رؤيتي السياسية‮ ‬غاية في الوضوح،‮ ‬فقط عليك أن تقرأ كتبي‮”.‬
قال الأديب ذلك باعتباره عضوا في الحزب الشيوعي الصيني الذي انضم اليه سنة‮ ‬1979‮ ‬حين كان ملتحقا بالجيش،‮ ‬كان مدركا كما صرح لجريدة دير شبيجل‮: “‬إن الثورة الثقافية كانت خطأ فرديا للقادة،‮ ‬وهو أقل مما‮ ‬يجب بالنسبة للحزب نفسه‮”‬،‮ ‬مضيفا‮:« ‬بلا‮ ‬يوجد هناك تناقض في رأيي السياسي حين انتقد بقسوة مسئولي الحزب في كتبي،‮ ‬لقد أكدت مرارا و تكرارا أنني أكتب نيابة عن الشعب،‮ ‬وليس الحزب،‮ ‬وأمقت المسؤولين الفاسدين‮«”،‮ ‬وقد وصف إبراهامسن ذلك بأنه شيء‮ ‬غاية في الجرأة‮ ‬يمكن قوله،‮ ‬و”ليس هناك أي شك فيما‮ ‬يعتقد وأين‮ ‬يكمن ولاؤه و إلى أي مدى تصل معاييره الأخلاقية،‮ ‬حين‮ ‬يقول أنه‮ ‬يقف في صف الشعب و ليس الحزب،‮ ‬في المناقشات الصينية لايوجد تمييز بين الإثنين،‮ ‬أي شيء تقوله‮ ‬يجعل الأمر‮ ‬يبدو كما لو كان هناك فصل بين الإثنين في الحقيقة‮ ‬غير مقبول سياسيا‮” ‬مضيفا‮: »”مويان لن‮ ‬يخرج ليقول لا،‮ ‬أنا لست حرا،‮ ‬نعم،‮ ‬أنا خاضع للرقابة،‮ ‬ذلك الحوار قريب من إمكان قوله ذلك،‮ ‬لقد كان مباشرا عن أي وقت رأيته فيه،‮ ‬إذا كنت صينيا معتادا على قراءة مابين السطور،‮ ‬فإنه حرفيا‮ ‬يشرح ما‮ ‬يفكر به،‮ ‬لقد تأثرت‮”.‬
تم تناول هذا الموضوع بالرغم من أن الكاتب كان ضمن مائة شخصية أدبية صينية تم إختيارهم لكتابة نسخة بخط اليد من خطاب لماوتسي تونج سنة‮ ‬1942،‮ ‬إلا أن مويان صرح لديرشبيجل أنه الوحيد الذي انضم لهذا المشروع لأنه كان‮: »”عديم الفائدة لدرجة إغتنامه تلك الفرصة للتباهي بخط‮ ‬يده‮«”،‮ ‬و أضاف‮ : “‬هذا الخطاب وثيقة تاريخية لها حتى الآن منطقيتها أو ما‮ ‬يبررها،‮ ‬إلا أن لها أيضا حدود،‮ ‬عندما بدأت أنا و أبناء جيلي من الأدباء في كتابتها،‮ ‬قمنا بمد تلك الحدود خطوة تلو الأخرى إلى أن اجتزتهم،‮ ‬في الحقيقة من كان‮ ‬يقرأ أعمالي في تلك الفترة،‮ ‬ولديه ضمير،‮ ‬لا‮ ‬يمكن إدعاء أنني‮ ‬غير متفق مع قواعد النقد النزيه،‮ ‬بصراحة،‮ ‬كان مشروعا تجاريا،‮ ‬وكان رئيس تحرير دار النشر صديقا قديما لي،‮ ‬جاءته الفكرة،‮ ‬وكان قبل هذا قد استطاع بالفعل إقناع مائة كاتب،‮ ‬وعند حضورنا جميعا مؤتمرا سنويا،‮ ‬طاف علينا وفي‮ ‬يده كتاب وقلم،‮ ‬طالبا مني نسخ فقرة من خطاب ماوتسي تونج،‮ ‬فسألته ماذا‮ ‬يجب أن أكتب؟ فقال الفقرة التي إخترتها لك‮”،‮ ‬وأضاف أن أحدا لم‮ ‬يعترض حول منحه لقبا فخريا،‮ ‬كنائب لرئيس جمعية كتاب الصين إلى أن فاز بنوبل قائلا‮: “‬هناك من‮ ‬يعتقدون أن جائزة نوبل للأدب‮ ‬غير مخصصة للأدب،‮ ‬أو لأي شيء كتبه أحد‮”.‬
علقت على ذلك إيزابيل هيلتون رئيس تحرير موقع شاينا ديالوج قائلة‮: »‬أشعر ببعض التعاطف مع الأدباء الذين‮ ‬يرفضون الكلام،‮ ‬فهناك أدباء أعتبرهم حيوانات سياسية،‮ ‬مثل ماريو فارجاس‮ ‬يوسا،‮ ‬هم عادة لا‮ ‬يجيدون السياسة،‮ ‬لكن على مايبدو اننا نتوقع من أدبائنا لاسيما في حالات مماثلة له،‮ ‬أن‮ ‬يكونوا مفوضين في حالة الإحباط السياسي،‮ ‬وهو شيء‮ ‬غاية في الصعوبة بالنسبة لشخص مثل مويان لديه مثل تلك الظروف السياسية،‮ ‬وتلك الشخصية،‮ ‬وعدم رغبته أن‮ ‬يكون شخصية عامة‮.. ‬المشكلة أن نوبل تحولت إلى ساحة‮ ‬معركة لجميع أنواع القضايا في الصين‮”.‬
____________
*(أخبار الأدب) 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *