اغتيال الأزهر ونهش الذبيجة


* فاطمة ناعوت

لابد من ضرب الأزهر! لأنه الحصنُ المجتمعىّ الأخير، الذى يقف حجرًا عثرًا أمام تمكين الإخوان من «فريستهم» مصر، وغرس بقية أنيابهم فى أوصالها، تمهيدًا لشّل حركتها على نحو كُلىّ، ثم البدء فى نهشها فالتهامها. الجماعةُ وعدت الأهلَ والعشيرة فى قطر وإيران وحماس والسودان، بوليمة دسمة على جسد مصر فى القريب العاجل. والطهاةُ فى المطبخ، أعدّوا القدورَ فوق المواقد، وأشعلوا النار فى انتظار الذبيحة، كما أعدّ السفرجية الصحونَ فوق السُّفرة العربية التى يتحلّق حولها الآن المتلمظون الجوعى، ينتظرون أن يدقَّ مرسى جرسَ بدء الوجبة.

الخُطّةُ تسيرُ فى إتقان ونظام، نُحيى مكتب الإرشاد عليه، بدءًا بصفقة بيع مصر من المجلس العسكرى للجماعة، حينما كانت دولة لم تزل، وتسليمها تسليم مفتاح. ثم البدء فى تفكيك مؤسسات الدولة الثلاث: التشريع والقضاء والتنفيذ: انتزاع مجلس الشورى، الإطاحة بالدستورية والوعد «بتسريح» ٣٠٠ قاض وتثبيت نائب عام ملاكى، استبدال وزير داخلية ينحاز لمرسى، بوزير انحاز للشعب. وقبل هذا كتابة دستور فاشى وضع مقوَد مصر فى يد مرسى الآثمة، فجعل نفسَه ظلَّ الله على الأرض، والمعارضةَ شياطينَ مردة.
فى مرحلة ذبح الذبيحة، كان ثمة «شاطرٌ» يُقطّع المفاصلَ «ويُسلِّك» الأوردة والشرايين والضلوعَ، و«يُستّفها» فى صحنه الواسع طبقاتٍ دسمةً فوق طبقات: صكوكًا ومؤسساتٍ وشركاتٍ وبنوكًا وثريدًا ولحمًا وشحمًا، وثمة «عريان» يثغو ويلغو فى بوقِه، بتصريحات بلهاء تشغل المصريين (أصحاب الذبيحة الأصلاء) عما يفعله المرسى والشاطر بتخطيط المرشد. لكن ثمة نبهاءَ شرفاءَ جسورين، كانوا منتبهين للنهيبة. على رأسهم مؤسسةُ الأزهر، والإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، الذى وقف فى وجه «الغول الإخوانى» ورفض الصكوك الحرام. فكان لابد من إسقاطه وتشويهه تمهيدًا لاختراق تلك المؤسسة العريقة التى حافظت على وسطية الإسلام الشريف فى مصر لأكثر من ألف عام. لكن المصريين الأذكياء، مسلمين ومسيحيين، توحدّت يدُهم؛ فساندوا هذا الرمز، وسوف يمنعون سقوطه، حتى وإن وضع الغولُ الأشِر رجلاً اسمه: «عبدَ الرحمن البر»، (قال إن لا إسلامَ بمصر، والمصريون يعيشون عيشَ الجاهلية الأولى) على رأس جامعة الأزهر.
وكان لابد كذلك من تشويه رموز أزهرية وطنية مثل الشيخ «مظهر شاهين»، خطيب الثورة، باستخدام أسلحة مضحكة يرنُّ صليلُها بخواء أمخاخهم وقلوبهم. الشيخ مظهر، يا للهول، حضر حفل افتتاح مجلة تنويرية، لؤلؤة، ضمن ٣٠٠ شخصية مصرية عامة رفيعة القامة والمقام! وجلس، يا للهول، جوار كاتبة صحفية تنويرية ترتدى، يا للهول، فستانًا أحمرَ بسيطًا مما كانت أمهاتنا يلبسنه فى الصباح، وهن ذاهبات إلى أعمالهن.
لن يسقطَ الأزهرُ، وليت مسلمى مصر جميعَهم، أزاهرة.
________
* شاعرة وأديبة من مصر (المصري اليوم)

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *