* صلاح أبو هنود
(ثقافات)
لا أدري كيف استطاع ذلك البائع المتجول في الصحراء أن يقنع ليلى العامرية أن تقبل عرضه بأن يُحضِر رسَّاما عالميا مشهورا ليرسمها في لوحة كبيرة وبألوان زيتية تخلِّد جمالها مقابل قطعة صغيرة من مضارب والدها الشاسعة ينشئ عليها بيتا ليستقر فيه فقد انهكه التجوال والبعد المتكرر عن الزوجة والأولاد،، وسيتكفل هو بكامل التكلفة مع كافة الملابس ومتطلبات الزينة لها. وهذا ما كان ، فقد حضر الرسام وبدأ عمله بمهارة عالية وتفرغت ليلى للجلوس أمامه واتخاذ الأوضاع المناسبة لإنجاز اللوحة التي لن يكون مثلها في البلاد ، وخلال فترة إنجاز اللوحة التي استغرقت وقتا طويلا استطاع ذاك الرسّام الأشقربعيونه الزرق كالبحر، أ ن يتغلغل في أعماقها حتى أغواها.
حين نظرت ليلى العامرية في اللوحة المرسومة باحتراف شديد رُجَّت رجَّاً كبيرا، كيف استطاع هذا الجنّي الأشقر اللعين أن يبرز كل تفاصيل جسدها وهذا الطوفان من الشبق الذي يتدفق من عينيها . .
لم يكن هكذا الأمر مع قيس قالت متعجبة،!! كان شاعرا خياليا يصعد بها الى السماء بكلام في كلام حتى أنه في ليله صحراوية صيفيه أقنعها أن تمشط اشعة النجمة وتصنع لها جدائل .
ويح قيس لماذا لم يكتشف ما لدي من كنوز؟؟
حملت صورتها وانطلقت بكل جموحها وألقتها أمام قيس وقالت دون أن تنظر في وجهه : هذا ما لم تره يا غافل، وقفلت راجعة الى الرسّام ،
ما الذي حدث لأنثى صميم الحب ؟؟ سأل قيس ولم يجد لذلك جوابا ، وظل متسمِّرا امام اللوحه الى أن جاءت سيارة اسعاف وخرج رجلان منها ،ألبساه معطفا أبيضَ ونقلوه الى جهة غير معلومة.
عن الحارث عن ابن أبي الحطب أن جارا لقيس كان يدعى مروان بن العبد ،روى لنا ، أن قيسا أطال التحديق في صورة ليلي فتحولت الوانها الى بحر أزرق في عينه، وفيه رأى قاربا و رجلا أشقر يحضن ليلى ويقبلها بنهم ويناديها ” كارمِن ” وهي تبتسم مع نوع غريب من الغنج لا تعرفه نباتات الصحراء مما جعل قيسا يصرخ صوتا كادت السماء منه أن تنفطر، ومنذ ذلك الوقت صار يقول شعرأ باسم ” كارمن ” وبقي على ذلك حتى وافاه الأجل في مستشفى المجانين الواقع بين الماءٍ والماء حيث كانت مضارب قبيلته منذ الأزل .
___________
* مخرج وأديب من الأردن