زادي سميث تطرق أبواب جائزة المرأة للرواية مرة أخرى


* ترجمة / أحمد فاضل

مرة أخرى تخوض الروائية الإنكليزية زادي سميث صراعا للفوز بجائزة المرأة للرواية التي ستجري في الخامس من يونيو / حزيران من هذا العام مع نخبة تضم 20 من ألمع كاتبات إنكلترا وأمريكا وكندا ، سميث سبق أن فازت بتلك الجائزة عام 2006 عن روايتها ( الأسنان البيضاء ) ، الجائزة كانت تسمى وقتها الأورنج قبل أن يتغير اسمها إلى جائزة المرأة للخيال الأدبي والتي وصفها النقاد بعد فوزها الأول بأنها احتفاء حقيقي بالواقعية المجنونة وبسببها أصبحت واحدة من وجوه الأدب البريطاني الحديث ورمزا كبيرا في المملكة المتحدة ، لاتمثل فقد الجيل الحديث من الكتاب في بلدها بل تمثل إحدى الظواهر في عالم الأدب الإنكليزي اليوم ، هي ظاهرة الكتاب الإنكليز الذين تأتي أصواتهم من المستعمرات القديمة وتجري في عروقهم دماء مختلطة فوالدتها من أصول جامايكية ووالدها بريطاني كانا حافزا ومشجعا لها كي تقف صفا إلى صف المتألقات هيلاري مانتيل، باربرا كنجسلوفر، كيت أتكينسون، فلين جيليان وغيرهن من الروائيات اللاتي يحظين بشهرة واسعة ، وقبل أن يلوح العام الجديد ازدادت الشكوك كثيرا في ما إذا ستكون الجائزة لها وجود بعد أن تحولت إلى عنوان آخر وتوقف تمويلها من قبل الشركة البريطانية الراعية لها لتنطلق بعد أربعة أشهر من الشد والجذب حتى استقرت أخيرا بعد ثمانية عشر عاما على تأسيسها وسوف تحصل الفائزة على 30000 جنيه إسترليني أي ما يعادل 45000الف دولار أمريكي .
رواية زادي سميث ( أن دبليو ) وهو العنوان الذي يشير إلى الجهة التي تدور فيها أحداث الرواية شمال غرب مدينة لندن صدرت عن دار بنجوين وتقدمت بها لتخوض المسابقة وهي الرابعة بين رواياتها ” الأسنان البيضاء ” و ” رجل الأوتوغراف ” و ” عن الجمال ” ، تلقي فيها الضوء على مكان نشأتها الأولى حيث تتبع فيها خطى أربعة شباب وشابات من لندن هم ليا ، ناتالي ، فيلكس ، ناثان ، هؤلاء يجربون الخروج من بيئتهم الضيقة الطفولية العالقة بهم ومن خلال أحداثها تكشف الرواية عن المدينة التي يجري فيها العقاب على كل من يحاول الخروج من جذوره بفقدانه هويته والمجتمع في لقاء معها عبر الإنترنت أجرى المحرر الأدبي لمجلة ” جرانتا ” الشهيرة تيد هودجكيسون حوارا معها أجابت فيها على أسئلته المختلفة خاصة ما يخص روايتها المعروفة أن دبليو والتي ترشحت لخوض مسابقة المرأة للرواية :
– لندن التي تصورينها هي تجمع لمنظومات اجتماعية منفصلة أكثر مما هي بوتقة دمج ثقافية ، لماذا برأيك تتجه المقاطعات لأن تكون أكثر انعزالا وذات انتماء ضيق ؟
– لقد تلاشى الإيمان بالدولة وبالفكرة المحددة للمسؤوليات الجماعية ، هذا يعود جزئيا للتحول الإيديولوجي ، ومن ناحية أخرى بسبب ما بعد العقلنة لاسيما بعد الانهيار الحالي للنظام الاقتصادي حيث ببساطة أصبح الأغنياء أكثر والفقراء أكثر فقرا .
وعند سؤال آخر يخص روايتها أن دبليو التي قدمت لمحات بارعة حول شكل العمل وبنيته :
– هل هذه النواحي التجريبية أتت من إعجابك بكتاب مثل ديفيد فوستر والاس وجورج ساندرز ؟
– لا ، ليس كذلك ، كلاهما لم يقوما بعمل كبير خاصة في موضوع الشكل أو حتى البنية ، تركزت إبداعاتهما بشكل كبير على النبرة ، على أي حال أعتقد أن علينا الحذر عند تسمية تقنيات محددة أنها ” تجريبية ” وكأنها مجموعة من الأدوات نلتقطها ونبدأ باستخدامها ، أنا أكره هذه الفكرة وكل ما أفعله هو محاولة الاقتراب مما هو واقعي كما أختبره ، وكلما اقتربت أكثر من حقيقة التجربة كلما توجب عليّ العمل أن يبدو أكثر غرابة على الورق وفي النطق لأن تجربتنا الحقيقية لا تأتي معلبة وجاهزة في بنية واحدة ، بالنسبة لي جيمس جويس هو الكاتب الواقعي الأهم ، لقد حاول أن يوصل لنا كيف تكون التجربة ، وقد وجد أنها ذات حساسية خاصة بحيث اقترح لها لغة جديدة وكل ما كنت أريد فعله في أن دبليو هو أن أقوم بإخباركم عن أكاذيب المجتمع التي يمكن أن تزيد أو تقل عن المرة السابقة ، وهكذا خرجت الرواية بشكلها الحالي ، أنا لست متشائمة في الكيفية التي انتهت إليها أحداث الرواية ، الحياة لاتنتهي مع حالة ليا وناتالي ولديهم الإمكانيات التي باستطاعتهم تغيير مسارات حياتهم وهو ما اعتقد بوجوده لدينا جميعا .
– واحدة من الشخصيات المركزية في الرواية هو زيتون كلب العائلة الوفي الذي ينتهي إلى نهاية مأساوية وذلك بقتله فتغرق العائلة في حزن كبير ، هل لهذه العلاقة بين الإنسان والحيوان تأثيراتها على الواقع الاجتماعي الذي تعيشه شخصيات رواية أن دبليو ؟
– حسنا ، قد يؤخذ هذا السؤال على محمل الجد إذا ما عدنا أربعمائة سنة إلى الوراء لنشاهد أن علاقة الصداقة بين الإنسان والحيوان مازالت قوية لحد الآن ما يعطي نتيجة أن الحقوق التي تم تعيينها آنذاك لم تتغير مع أننا نشاهد منذ ذلك التاريخ تغير الكثير من القوانين الأخلاقية بما فيها الجنسية المنحرفة وسوف ننظر بقوة إلى تلك العلاقة مع ما حدث من مسخ في علاقات أخرى بين البشر أنفسهم .
– الرواية تستكشف مجموعة من السجالات والتأثيرات بين ما يسمى بالتقنيات التجريبية في الكتابة كنمط أكثر تقليدية من القص نفسه ، وهذا هو ربما يكون واحدا من الاحتكاكات التي تنشط الكتابة لديك ؟
– ليس بالضبط ، بل كل شيء موجود بالقص ، ولكن اعتمادا على الكيفية في استحصال التأثيرات المختلفة بدلا من التقليدية ، هنا دائما ما أود أن أستخدم الشيء المألوف وذلك لأن الواقع هو الشكل المهيمن على الرواية مع أنها غارقة في الخيال ، وهناك طرق أخرى تشعرك أن الرواية تتناسب مع أمزجة مختلفة لمتلقيها في صيرورتها الذاتية مع ابطالها .
– منذ صدور روايتك الأولى قبل ثمان سنوات وخلال هذه الفترة كنت قد دأبت على كتابة المقالات النقدية بانتظام مع مجموعة أخرى من كتاباتك طغى عليها الخيال وبرامج للإذاعة والتلفزيون ، الأعمال هذه جميعا هل نعتبرها بحد ذاتها جزءا من خصوبة الكتابة لديك ، أم هي بمثابة من يتحدى غيره للوصول إلى مثل هذه الجوائز ؟
– شعوري أنها عملية نضج لوعي حياتي وفكري على السواء ما جعلني أكتب لكل هذه التفرعات دون أن أفكر أن أمنح جائزة عليها مع ما أستحقه فعلا منها ومع ما جاهدته وعاقبت نفسي مرات عديدة بحرمانها من كل ما تحب للوصول إلى النجاح الذي أنشده ، مع أنني أعترف هنا أن كثيرا من الاستعجال قد غطى بعض المساحات من أعمالي حاولت التغلب عليها لأنها تشكل خطرا حقيقيا عليها واتخذت قرارا وقتها أن كل ما سأكتبه يجب أن يكون طازجا حتى من ناحية اللغة أو الشكل وحتى في الأفكار المراد تجسيدها وهو أمر لم يكن ليتحقق بسهولة .
____________
كتابة / تيد هودجكيسون
عن / مجلة جرانتا الأدبية لندن

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *