*د. أسماء غريب
ثقافات)
ـ الموت سيد الحروف كلها
“الحرف والغراب” هو الديوان الجديد الذي صدر مؤخرا للشاعر أديب كمال الدين عن الدار العربية للعلوم ناشرون (بيروت 2013)، ويمكن اعتباره خلاصة مُعتّقة لما سبق للشاعر الحروفي أن قدمه طيلة السنوات الماضية وعبر 14 ديوانا شعريا، وليس هذا فحسب، فهو بخلاصته هذه يقدم للقارئ مفاتيح جديدة لأبواب كانت تبدو قبل هذا الديوان مستحيلة الولوج، وخاصة فيما يتعلق بالحرف الأديبي الأكبر، والذي أخذ من الشاعر سنوات طويلة من التفكير والتأمل، ويقصد بهذا الحرف: الموت.
والموت هو الوجه الآخر للحياة، وقد حاول الكثير من الفلاسفة والأدباء والحكماء فكّ طلسمه العجيب، لكن هيهات هيهات، فالفشل كان دائما النتيجة المحققة التي شرب من كأسها الجميع، فمن ذا يستطيع مسايفة الموت أو مغازلته؟ إنه باب مغلق لا يلجه إلا من خمدت النار الغريزية في جسده، باب ألقى الخالق بمفتاحه في بئر بدون قرار ولم يعطه حتى للموت نفسه! لكن هذا لم يمنع أهل الفكر وبخاصّة الشعراء من محاولة الاقتراب على الأقل من معناه أو بالكاد محاذاته، وأديب كمال الدين عبر ديوانه الجديد هذا، يُعدّ واحداً من أهمّ الشعراء الذين خَصّصُوا لإشكالية الموت نصوصاً عديدة تحدّثت عنه بشتى أشكاله وتجليّاته وتمظهراته العجيبة، ليس بهدف محاذاة معناه أومحاولة فك رموزه فقط، ولكن أيضا بغرض فضح خواء العالم ولا مبالاته تجاه الغير من البشر. لذا تجد الشاعر وهو يتحدث عن الموت في مواطن عديدة يكتب بالسكّين بدل القلم، لِمَ لا وهو الذي اختار لموته أسئلةً من طين، ومرايا تفضحُ أجساداً من قطن؟ لِمَ لا وهو الذي يناورُ في تدبيجِ مقالاتٍ تتسترُ في إخفاء هزائم الكلمات كي يخرج محتفلاً والناس سكارى يرتجفون؟ لِمَ لا وهو الذي أقام بقلبه لأنكيدو وكلكامش حفلا ساهرا وأجلس فيه الأول على كرسي الاعتراف، وتقاسم فيه مع الثاني بعضا من أسرار حاء الحياة وخيبات لا عدّ لها ولا حصر من ميم الموت؟ بل لِمَ لا وهو الذي صوّر كيف يتظاهر الموت بالنوم وهو يتقاسم مع الناس أسِرّتهم، وكيف يستقبل العالم حدث الموت، بين أناس باكية وأخرى ضاحكة أو راقصة؟ إنه الموت الذي لا تقهره سوى القيامة. هو الموت ولا أحد غيره، يستطيع أن يلبس ألف رداء ورداء ويتقنّع بألف قناع وقناع، لكنه وحده قناع الكشف أو العري الذي يليق به، ما دام الموت لا يحبّ إلا العراة وما دام العري هو وحده القادر على تسليط الضوء على ما في هذا العالم من ارتباك وعبث وتناقضات. قناع العري هذا الذي تجده حاضرا في نصوص تخترق سكينها حجب الظلام، كي تصرخ وتتأوه على ألسنة شخصيات تركت بموتها أكبر الأثر في نفسية الشاعر. فها هي صورة “لوركا” (1) تزور بشمسها قلبه، وها هو “جان دمّو” (2) يداعب بسخريته السوداء والمريرة قلمه، وها هي عفيفة إسكندر (3) توقظ بداخله شمعة الألم والأسى على رمز كبير من رموز الفن والأغنية العراقية جنى عليه الإهمال والجحود ونكران الجميل ولم يجد من يد رحيمة تواسيه في سنواته الأخيرة سوى يد الموت التي سقتها كأس النجاة ورحلت بها إلى حيث جنان العدل والرحمة والغفران، وها هي “سيلفيا بلاث” (4) الحمامة التي ضلّت الطريق واتجهتْ صوب البحر العظيم، إلى غير ذلك من الشخصيات التي تحدث الشاعر عنها عبر واقعة الموت.(5)
والشاعر وهو يحاول تقريب صورة الموت إلى المتلقي لم يستخدم فقط الصورة الآدمية بشخوصها التاريخية والفنية والأدبية، ولكنه لجأ إلى الرمز الطيْري، مجسدا إياه عبر الغراب والحمامة، وما من فراغ يحمل أول نص افتتح به الشاعر مجموعته عنوان: “الغراب والحمامة”. فمن يكون الغراب؟ هذا الذي له كل هذه السيادة والهيمنة في الديوان بدءا من غلافه الأسود اللون، ومرورا بلوحته التي رسمها الفنان نور الدين أمين ثم وقوفا عند عنوانه العجيب “الحرف والغراب”.وأخيرا من تكون الحمامة، هذا الطائر الذي كتب عنه الشاعر العديد من القصائد واستخدم صورته المجازية في العديد من تعابيره الشعرية؟ (6)
لن يكون من اليسير الجواب عن هذا السؤال الكبير، ولعلّ الأمر يقتضي الاستعانة بالحرف، وما من عدم تظهر كلمة “الحرف” في عنوان الديوان (7)، لكن محاولة الجواب عن هذا السؤال ستدفع إلى طرح سؤال آخر: أيّ حرف هذا الذي سيكون كاشفا عمّ في الغراب من معنى؟ والجواب سيكون: لا أحد غيره الذي يسميه أهل العلم بالحرف الكاشف. إنه الباء!
ـ الباء كمنظار للكشف عن الغراب
يقول أديب كمال الدين في قصيدته “أنثى المعنى”:
“الباءُ لها شكلُ الأنثى،
شكلُ الحلم السريّ وضوضاء الأمطار.
الباءُ فنار.
(أخرجُ من شيخوخةِ رأسي
في المرآة
كي ألقي القبض على الشاعر فيّ
وأجلسه قربي منتصف الليل، أدفّئه
من بردِ شتاءٍ مقرور.)
تدخلُ في دائرةِ الفعلِ الباء.
///
الباءُ جمال وحشيّ
الباءُ: الليلُ بلا أحداق ونجوم.
الباءُ: فراش مكتظّ بالمعنى.
( أخرجُ من شيخوخة قلبي
وأحدّق في حرفِ الفجرِ وحرفِ الله
فأرى وجهي يتغضّن، والكلماتُ الحقّ
تتوعدني بالمحذور.)
///
الباءُ: البحرُ بعيد: سجّادةُ ألوان غامضة بالطير
الباءُ: الصحراءُ هنا تمتدّ مفاجأةً للهارب
لا ليل سوى الليل الأعمى
والفجرُ بعيداً أقعى..
الأسودُ سيدّ دعوتنا” (8)
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتطرق فيها الشاعر إلى المفهوم الكوني للأنثى، لكنه في هذا النص جعل من الباء دالا على الجانب الأنثوي من روح الوجود، بل جعل من هذا الحرف رديفا لصفة الحلم السريّ وضوضاء الأمطار. فالباء مصباح كاشف، طاقة أنثوية مطلة على المكنون في الغد وما بعد الغد. إنها نوع من الدخول أو الولوج في عملية التحول والتطور والاستعداد إلى استقبال حالة الامتلاء بنور ونار الروح القدس (أخرجُ من شيخوخةِ رأسي / في المرآة/ كي ألقي القبض على الشاعر فيّ/ وأجلسه قربي منتصف الليل، أدفّئه/ من بردِ شتاءٍ مقرور.). إنها نوع من الصلاة هذه التي تدعو إليها الذات الشعرية عبر حرف الباء، صلاة يومية ومتواصلة، بل معراج نحو السماء عبر البحث عن الذبذبة الأنثوية التي تحرك الكون (تدخلُ في دائرةِ الفعلِ الباء).
إن الأمر لا يتعلق بمجهود موجه نحو الخارج، ولكن نحو الداخل، نحو منجم النفس الذي تنصهر في داخله الصفة الذكرية وتتلاحم مع الروح الأنثوية لكل إنسان . والشاعر استعان بالباء هنا كي يكشف عن جزء يسير جدا من تجليات الوجود، أي ذاك الجزء الذي يخص ماهية اللون. فهو، أي الشاعر يقول في هذا النص وفي نصوص أخرى بأن حرف الباء أظهر أن الأسود هو سيد الألوان (الأسودُ سيدّ دعوتنا)، والباء هنا إذ يقوم بدور الفنار فذلك لأن وجود الكون بأسره موقوف عليه، فما بالك باللون؟ وقد جُعلت النقطة تحته لأن صدور الكون من الباء إنما يَظهَر في الجانب السفلي من مقام الباء، فتكون النقطةُ بين الباء وبين الكونِ هي عينُ التوحيد، أو الحاجزُ الذي يَمنع الكونَ من الشِّرْكِ، فيبقَى التوحيدُ معصومًا في الخَلق والأشياء.
يقول أديب كمال الدين في النص نفسه دائما:
“الباءُ جمال وحشيّ/ الباءُ: الليلُ بلا أحداق ونجوم./الباءُ: فراش مكتظّ بالمعنى
الباءُ: البحرُ بعيد: سجّادةُ ألوان غامضة بالطير/ لا ليل سوى الليل الأعمى.”
مازال حرف الباء هنا يتحدث عن الجمال الوحشي، أي البدائي الذي ظهر أول ما كانت عملية التخليق، بكل ما فيها من قوة وعنف واختمار وانفجار، جمال أسود وكأنه ليل معتم لا أثر فيه للضوء، ولكنه مع ذلك فهو سجادة من الألوان الغامضة، وغموضها هذا نابع من كونه لا يُعرف كيف ولماذا خرجت منه ألوان أخرى وجموع من الفراش المكتظ بالمعنى رغم كل هذا السواد والظلام العظيم. إنه حقا سؤال كبير لا يمكن سبر أغواره إلا عبر الغوص في نصوص أخرى من دواوين شعرية أخرى.
ـ لماذا الأسود سيد الألوان؟
في نصه “الحمامة والغراب” (9) يقول الشاعر:
“حين طارَ الغرابُ ولم يرجعْ
صرخَ الناسُ وسط سفينة نوح مرعوبين.
وحدي – وقد كنتُ طفلاً صغيراً-
رأيتُ جناحَ الغراب،
أعني رأيتُ سوادَ الجناح،
فرميتُ الغرابَ بحجر.
هل أصبتُه؟
لا أدري.
هل أصبتُ منه مَقْتَلاً؟
لا أدري.
لماذا كنتُ وحدي الذي رأى
سوادَ الغراب
ولم يره الناس؟
لا أدري.
2.
حين عادت الحمامةُ بغصنِ الزيتون
صرخَ الناسُ وسط السفينةِ فرحين.
لكنَّ الغراب سرعان ما عاد
ليصيحَ بي بصوتٍ أجشّ:
أيّهذا الشقيّ لِمَ رميتني بالحجر؟
اقترب الغرابُ منّي
وضربني على عيني
فظهرت الحروفُ على جبيني
عنيفةً، مليئةً بالغموضِ والأسرار.
ثُمَّ نقرَ جمجمتي
فانبثقَ الدمُ عنيفاً كشلال.
3.
نزلَ الناسُ من السفينةِ فرحين مسرورين،
يتقدّمهم نوح الوقور
وهو يتأمّلُ في هولِ ما قد جرى.
حاولتُ أنْ أوقفَ
شلالَ الدمِ الذي غطّى رأسي ووجهي.
فاقتربت الحمامةُ منّي
ووضعتْ على رأسي حفنةَ رماد:
حفنةً صغيرة،
مليئةً بالغموضِ والأسرار.
4.
هكذا أنا على هذه الحال
منذ ألف ألف عام:
الغرابُ ينقرُ جمجمتي
فينبثقُ الدمُ عنيفاً كشلال.
والحمامةُ تضعُ فوق جمجمتي،
دون جدوى،
حفنةَ رماد!”
أسئلة كثيرة تتدفق في داخل الذهن بمجرد القراءة الأولية للنص: لماذا بدأ الشاعر عنوان قصيدته بالغراب وليس الحمامة؟ أيْ لمَ لمْ يقُل “الحمامة والغراب”؟ ثم إذا كان الشاعر قد صرّح بلون الغراب قائلا بأنه أسود، فما كان لون الحمامة؟ وأخيرا وليس آخرا، لماذا ختم قصيدته بلون الرماد (حفنة رماد)؟
لا شك أن هندسة الكلمات هنا ونظامها بل ترتيبها له معنى خاص ومحدد. فكون الشاعر بدأ بالغراب لا الحمامة فذاك مرده إلى رغبته في التأكيد على أسبقية اللون الأسود ثم بعد ذلك تأتي بقية الألوان الأخرى، لكن لماذا؟
لأن اللون الأسود هو لون التخمر والتحلل البيولوجي والكيميائي للمادة، أيْ لون الولوج في النار أو الحرارة الخارجية التي تتفاعل كيميائيا مع الحرارة الداخلية لأي جسم، والمسؤولة عن كل أشكال “التعفن” البيولوجي، هذا الأخير الذي سيّحول بدوره أيّ مادة حيّة إلى الأصل الذي كانت عليه في البدء. والشاعر إذ يشير إلى هذا المسار العجيب، فإنه يؤكد على فكرة بدأ الإنسان مرحلة الوعي بذاته الداخلية، أي بمنجم نفسه، ذاك المنجم الذي سيستقظ فيه وينتبه إلى نفسه كي يرى فجأة فوق مرآتها جناح الغراب الأسود، ومن هناك سيبدأ في التحلل والتفتت بهدف التخلص من كل الشوائب، والعودة إلى منبع الروح. وهي الفكرة التي عبّر عنها أديب كمال الدين في قصيدته “نوم” قائلا:
“لِمَ تنام؟
النومُ عادةُ السعداء والمُهرّجين
وأصحاب الملايين أيضا.
أما الشعراء فلا ينامون” (10)
والشاعر هنا لا يقصد بالنوم ما اعتاده الناس، وإنما تجده هنا قد أعطى لظاهرة النوم مفهوما جديدا مرادفا للغفلة، أو الخروج والغياب من وعن الذات، أي عدم حضور النفس والروح حتى لحظة النوم العادي، إذن ففي ظهور الغراب فجأة وتعرف الإنسان عليه، أو استيعاب الإنسان لما بداخله من سواد، استيقاظ من الغفلة ودخول إلى تنّور النفس، وحضور دائم وانتباه مُرَكّز للذات وهي في سيرها نحو التفتت والتحلل والتخلص من كل الشوائب. وفي الحديث عن ظهور الغراب، لا يُقصد به أنه لم يكن موجودا سابقا، لكن الإنسان هو الذي لم ينتبه إلى وجوده، والشاعر أديب كمال الدين قد تطرق إلى هذه الفكرة وتوقف عندها بشكل مركز، حينما قال:
“وحدي – وقد كنتُ طفلاً صغيراً-/ رأيتُ جناحَ الغراب،/أعني رأيتُ سوادَ الجناح”
فكون شخصية “الطفل” رأت سواد الجناح، فهذا يعني أن الغراب كان في حركة رفرفة دائمة وسط سديم الكون أو النفس، بل في حالة ذهاب وإياب سريعين ومستمرين (انظر عبارة: ” لكنَّ الغراب سرعان ما عاد”)، هذا يعني حركة الإنسان وتنقله بين الوعي واللاّوعي مستمرة، وإلا ما كان الشاعر ليختم نص “الغراب والحمامة” بهذه الأبيات:
” هكذا أنا على هذه الحال/منذ ألف ألف عام:/الغرابُ ينقرُ جمجمتي/فينبثقُ الدمُ عنيفاً كشلال./والحمامةُ تضعُ فوق جمجمتي،/دون جدوى،/حفنةَ رماد!”
وهي خاتمة تجدها تكررت في نص آخر أسماه الشاعر في مجموعة أخرى ب “قصيدتي الأزلية”، وهذا مقطع منه:
” وإذ كانت النارُ على إبراهيم برداً وسلاماً
فإنها لم تكنْ لي
سوى نارٍ من الألمِ والحقدِ والحرمان
اشْتَعَلتْ
ولم تزلْ تشتعل فيّ
في كلّ يوم
هكذا إلى يوم يُبعَثون!” (11)
محقّ إذن هو الشاعر إذ نعت قصيدته ب”الأزلية”، فأزلي هو هذا المصير العجيب الذي ابتلي به آدم وذريته منذ أول لحظة من لحظات الخلق. لذا فما على الإنسان إلا أن يسعى جاهدا كي يخلص نفسه بنفسه من هذه الانتقالات المستمرة بين حالات الوعي واللاوعي، عليه أن يسعى إلى بناء جسده الكوكبي أولا، بشكل يسمح له بعد ذلك إلى وضع اللبنات الأساس لما يُمكن تسميته بالجسم الخالد والأبدي، أيْ الروح. فالهدف إذن هو معرفة الطريق المؤدية إلى التحول من الوعي، إلى العقل، إلى القلب ثم بعدها إلى الروح.
إذن فالحرف الذي ذكره الشاعر منذ البداية في عنوان ديوانه الجديد يُقصد به “الإنسان” ولا أحد غيره، أيْ الإنسان في رحلته مع غراب نفسه. كيف ذلك؟ الجواب هنا في هذا المقطع من قصيدة أديب كمال الدين الأزلية والتي كان قد كتبها قبل صدور ديوان “الحرف والغراب” بسنين عدّة:
” حتّى إذا هدأت العاصفة
وقيل يا أرض ابلعي ماءك
هبط الكلّ من سفينةِ نوح
فرحين مُبَاركين
إلاّي
وثانيةً صرختُ بنوح:
يا رجلاً صالحاً
يا رجلاً عادَ من طوفانه: الجلجلة
قالَ نوح: مَن أنت؟
قلتُ: أنا الإنسان.
قالَ: مَن؟
قلتُ: أنا المؤمن الضال.
قالَ: مَن؟!
وتركني في المركبِ دهراً فدهراً
حتّى إذا غيّبَ الموتُ نوحاً
تحرّك المركب
تحرّك بي وحدي
لأواجه طوفانَ عمري
في موجٍ كالجبال
أنا الذي لا أعرفُ الملاحةَ ولا السباحة
وليس لديّ حمامة أو غراب.” (12)
إذن فالإنسان الذي يعتبر نفسه اليوم حيّا بعد حادثة الطوفان النّوحي، هو في حقيقة الأمر الواقع ما هو إلا بجسد ميت، منذ أن ذهب عنه نوح وتركه لمصيره الأسود. لكن كيف يمكن القول بهذا، هل يعقل القول بأنه لا وجود اليوم للحياة على سطح هذا الكوكب العجيب؟ والجواب الطامة يوجد في هذه القصيدة، وليست ثمة مساحيق أو ألوان في الكون بأسره يمكنها أن تزين أو تغطي أو على الأقل تلطف من صدمة مواجهة هذه الحقيقة المرة:
” مرّت قرون طويلة
على فراقنا
غرق مركبُ نوح ثانيةً في الطوفان
فصارعلى الناجين
أن يجرّبوا الصبر
من دون نبيّ
واحترقت المدنُ العظيمة
خلف الجبال والزمن والأمطار
واحترقت الاحلامُ كلّها:
أحلامُ العصافير وأحلامُ الطغاة
ولم أزل أنتظر
أن ألتقي بكِ يوماً
لأستعيد معك
قصةَ رحلتنا الأولى مع نوح
مع الأمل
مع الحمامةِ والغراب
لأستعيد معك
ذكرى المدنِ العظيمةِ التي احترقتْ بعيداً
وأستعيد معكِ شيئاً من الحلم
على سريرنا الضيّق
نعم
لم أزلْ أنتظرك
لأقولَ لكِ ما لم يقله أحد من قبل
ولأشير إليك:
بإصبعي الوحيد الباقي حيّاً في كفّي
لم أزلْ أنتظرك
مستمتعاً بانتظارك
مثلما تنتظرُ شجرة وحيدة في الصحراء
صاعقةً أقبلتْ إليها من السماء
مليئةً بالنارِ والموت.” (13)
لذا فسواد الموت الذي غرق فيه الإنسان بعد النبي الصالح المسالم نوح عليه أفضل صلاة وسلام، هو أسود من سواد الاختمار الروحي والتحلّل الداخلي، بل هو أشد سوادا من الغراب نفسه، ألم تسمع الشاعر وهو يقول:
“حين مرّ الغرابُ من فوق رأس الموت
قال: أنا الغراب.
قال الموتُ: ثم ماذا؟
قال الغرابُ: أنا الغراب الأسود!
فضحك الموتُ وقال: أنتَ بالنسبة لي
أكثر بياضاً من الثلج!”؟ (14)
نعم حتى بياض الثلج هنا لم يعد له معنى أمام سواد الموت، بل حتى السؤال عن حمامة نوح لم يعد يجدي بنفع مصداقا لقول الشاعر نفسه:
“قال الطائر،
الطائر الذي ينامُ عشّه فوق الشجرة الوحيدة:
لا تسألْ عن اسمي
سواءً كان اسمي الغراب أو الحمامة
بل اسألْ عن سفينتك:
سفينتك التي غادرها نوح
منذ زمنٍ طويل
ونزلتْ منها الكائناتُ كلّها
فرحةً مستبشرة
وبقيتَ أنتَ فيها وحيداً كالموت
تنتظرُ معجزةَ أن تبحر السفينة
لوحدها من جديد!” (15)
لكن وإن كان لا يحقّ السؤال عن حمامة نوح، فلربما السؤال عن لونها قد يكون شفيعا للتعرف إلى ما تعنيه الحمامة في النص الأديبي بشكل عام وفي قصيدة “الغراب والحمامة” بشكل خاص.
ـ اللون الأبيض
إن وصول الإنسان إلى اكتشاف منجم نفسه، هو في حقيقة الأمر ليس مجرد مسار ذهني أو ثقافي أو حتى تاريخي، ولكنه أولا وقبل كل شيء مسار جواني مفعم بالتفاعلات والانفعالات والأحاسيس البشرية، التي لها قدرة قوية على توجيه المرء نحو مرحلة الاختمار وبالتالي التحلل، هذا الأخير الذي تليه مباشرة لحظة ولادة أو قيامة من الموت، بل انبجاس للنور وسط الظلام الدامس وكأنه حمامة نوح. هكذا إذن يتجلى لك أن اللون الثاني الذي يأتي مباشرة بعد اللون الأسود هو الأبيض.
إذن فكون حمامة نوح بيضاء، ففي هذا ربما إشارة إلى أن السفينة هي رمز للجسد البشري، وماء الطوفان رمز لماء التخليق، إذ بدون ماء لا يمكن أن يحدث اختمار أو تحلل، وسواد الغراب هو رمز لسواد العدم وبداية الكون الغارق في ظلامه الرهيب. وما من فراغ قال الشاعر في ديوان (مواقف الألف):
“أوقَفَني في موقفِ الظلام
وقال: الظلامُ يحيطُ بك
مِن كلِّ صوبٍ يا عبدي.
فَعَلامَ الهرب؟
وَعَلامَ التعب؟
إنْ تصوّرتَ أنَّ للجسدِ شمساً
أو أنَّ للحلمِ ألَقاً
أو أنَّ للذهبِ روحاً
فأنتَ مِن الواهمين.” (16)
لكن على الرغم ما قيل في حق اللون الأبيض باعتباره ثاني محطة يحط بها السالك رحاله وهو في طريقه إلى الخلاص، إلا أن الشاعر يظل يرى في الأسود طمأنينة الألوان كلها. انظر كيف يمدح السواد وهو في مقام الحديث عن البياض:
” قال الطبيبُ الذي يرتدي قميصاً أبيض
وبنطلوناً أبيض
وحذاءً أبيض
– هل كانت طفولتكِ بيضاء؟
• (لا)
– هل كان شبابكِ أبيض ؟
• (لا)
– هل كانت شيخوختكِ بيضاء؟
• (لا)
– قال الطبيبُ: إذن ماذا تنتظرين؟
• قالت: (أنتظرُ الموتَ ليأتي ويأخذني
مرتدياً طفولةً سوداء
وشباباً أسود
وكهولةً سوداء.)
مدّ الطبيبُ يده ذات القفاز الأبيض
إلى الضحية
فأبعدها الموتُ برفق
كان الموتُ يبكي على الضحية بدموعٍ سود.
لكنّ الضحية نفسها
وجدتْ في الأسود،
في آخرِ المطاف،
طمأنينةَ الألوانِ كلّها.” (17)
الموقف هنا رغم البياض الذي فيه موقف موت وعودة إلى سواد العدم والسديم الأولي. والنص فيه ثلاثة شخصيات، كلها أساسية، والذات الشعرية هي محركها الوحيد وفق مخطط معين ومدروس جدا:
الشخصية الأولى
وهي الطبيب لكن حضوره في النص بهذا الشكل يستدعي الجواب عن أسئلة أخرى يمكن طرحها كما يلي:
لمَ الطبيب؟ لمَ اللون الأبيض؟ وما مقامه داخل نسيج متن النص الشعري؟
الطبيب هو القوة النفسية الداخلية لكل إنسان، هذا الأخير الذي بمجرد وعيه بما يحمل من آلام، تقطع نفسه بداخله مسافات هائلة من التحولات والتغيرات كي تخرج من صحاري السواد وتنزل أخيرا في واحات البياض، فيصبح المرء طبيب نفسه، وذلك بهدف تقديم يد المساعدة والنجاة، وبالتالي شفاء جسده وروحه معا من الحزن والارتباك، من الخوف والاحباط، ومن كل المشاعر السلبية كيفما كان نوعها ومصدرها.
أما اللون الأبيض فهو شاهد على هذا التحول من حالة إلى أخرى، وعلى ما يحدث داخل الإنسان من تطور، واتجاه نحو البساطة والنقاء.
أما مقامه ففيه إشارة للسلطة الروحية التي تساعد الإنسان في الاهتداء إلى معالجة نفسه بنفسه، مع تنقية روحه من الشوائب والتأكسدات التي طالتها. وهذه السلطة هي سلطة ملائكية خص بها الله كل إنسان، وغالبا ما تكون مصحوبة ببكاء المرء ودموعه الحرّى وهو في طريقه بعون هذا الملاك إلى أن يصير طبيب نفسه، لذا تجد الشاعر يقول ما يلي في موقف يتحدث فيه عن الدمع والبكاء، موقف لا يبدو أبدا من قبيل الصدفة، أنه أسماه ب”موقف البياض”:
“أوقفني في موقفِ البياض
وقال: أدهشكَ البياضُ يا عبدي
أم أدهشكَ الحرمان؟
أدهشكَ المشهد
أم أدهشكَ اللون؟
أدهشكَ الدفء
أم أدهشكَ الإصبع؟
أدهشكَ الدمع
فكنتَ على سجّادتي تبكي؟” (18)
الشخصية الثانية
لا يُعرف عنها شيئا سوى أن الذات الشعرية تسميها “بالضحية” وتخاطبها بصيغة التأنيث (انظر حركة الجر تحت الكاف أو ضمير المخاطب)، وأن كلّ أجوبتها عن أسئلة الطبيب تنفي كل ما له أيّ صلة بالبياض.
ماذا يعني هذا؟ أو ما الذي يعنيه هذا الإلحاح في التمسك بالسواد؟ “(أنتظرُ الموتَ ليأتي ويأخذني/ مرتدياً طفولةً سوداء/ وشباباً أسود/ وكهولةً سوداء.).
إنه رغبة روح كل مؤمن في العودة إلى سواد البدء، إلى ظلمة السديم، أيْ إلى النقطة الأُمّ، وإلى مركز الكون السابح في ظلام عظيم:
“أنا نقطتك التي هي مركز الكون،
نقطتك السابحة في ظلام عظيم” (19)
الشخصية الثالثة
هي الموت. وهي أعلى درجة من الشخصية الأولى، باعتبار أن هذه الأخيرة تنحّت وانسحبت وتركت لملـَك وسلطان الموت سلطة أخذ الروح والعودة بها إلى مركز الكون:
” مدّ الطبيبُ يده ذات القفاز الأبيض
إلى الضحية
فأبعدها الموتُ برفق
كان الموتُ يبكي على الضحية بدموعٍ سود.”
بقيت كلمة أخيرة لا بد من قولها في حق الذات الشعرية. إذ عبر هذا السفر في رحاب كلمات وبعض معاني قصيدة “ألوان” يتضح أن هذه الذات هي نفسها الطبيب والضحية، والأعجب في كل هذا، هي هذه السعادة والطمأنينة التي شعرت بها بعد أن أسلمت روحها لملك الموت، وكأنها عريس يموت عشقا ويذوب من اللهف والحرقة من أجل لقاء عروسه نقطة الكون ومركزه:
“النقطة عروس
والحرف عرس
فما أسعدني أنا لابس البدلة البيضاء
وواضع الزهرة البيضاء في أعلى البدلة.” (20)
الشلال الأحمر في ديوان “الحرف والغراب”
يقول أديب كمال الدين في قصيدة “الغراب والحمامة”:
“اقترب الغرابُ منّي
وضربني على عيني
فظهرت الحروفُ على جبيني
عنيفةَ، مليئةً بالغموضِ والأسرار.
ثُمَّ نقرَ جمجمتي
فانبثقَ الدمُ عنيفاً كشلال.”
المقطع فيه تجل لعين الحرف ونبعه، وعليه فالغراب هنا لعب دور الكاشف عن هذا المكمون من العلم والمعرفة اللدنية داخل الإنسان. وإذ يقول أديب كمال الدين، أنها “مليئة بالغموض والأسرار” فذلك لأن المرء لم يصل بعد إلى تلك المرحلة التي يصبح فيها عالما وعارفا بالعلوم الربانية، وهذا يعني أنه لم تزل بداخل منجمه النفسي، مفاوز وشعاب ووديان عليه أن يتكبد عناء ووعثاء السفر فيها، علّه في الأخير يصل إلى شلاله الأحمر، فيغتسل به ويصبح إنسانا أحمر. وهذا التصريح مبني على هذه الصورة الموجودة في أواخر أبيات المقطع أعلاه تتحدث عن هذا:
” ثُمَّ نقرَ جمجمتي
فانبثقَ الدمُ عنيفاً كشلال”
إذن فصورة الانبثاق حسب وصف الشاعر لها، كانت عنيفة، وشدة عنفها هذه جعلته يقول عن الدم السائل، أنه شلال هادر، لذا فصورة الشلال هذه تعني أن الإنسان مغطى بالدم الأحمر من قمة رأسه حتى أخمص قدمه، وإن كان الشاعر يركز في القصيدة على الرأس والوجه:
“حاولتُ أنْ أوقفَ
شلالَ الدمِ الذي غطّى رأسي ووجهي”
ما معنى أن يتحول الإنسان من اللون الأسود إلى الأبيض، ليختم الرحلة بالوقوف عند اللون الأحمر، أو عند ما يمكن تسميته مجازا بالمرحلة الحمراء؟
غالبا ما يفضل أهل العلم والعرفان عدم الحديث عن هذه المرحلة، لكن الباحث إذ يجد نفسه أمام كتابات الشاعر الحروفي أديب كمال الدين، لا يسعه سوى أن يشرع صدره كي يتهيأ لقبول المعرفة التي قدمها له الشاعر على مرّ دواوينه الأربع عشر، داعيا إياه بلطف “ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري” (21) ومحبّة “أرسلتُ لكِ سينَ سليمان/ حتّى تنشرح نونكِ وتكتمل.” (22)، وإذ ينشرح الصدر وتكتمل النون، يكتشف الباحث، أن الشاعر قد خصص العديد من قصائده لهذه المرحلة الحمراء في حياة الإنسان السالك، أيْ مرحلة الإزار الأحمر، مرحلة الدم، بل مرحلة النقطة الحمراء.
والوصول إلى هذه المرحلة الحمراء يعني أن الإنسان قد توصل إلى حقيقته الروحية الإلهية التي كانت بداخل جسده الفيزيائي منذ البداية وهو غافل عنها. وهذا النوع الجديد من الحقيقة يمكن تسميته بالجسد الريشي، الذي تحدث عنه أديب كمال الدين في ديوان “الحرف والغراب” قائلا في مقطع من قصيدة “بطاقة تهنئة”:
” لا بأس.
هذه المرّة
لا تكتبْ عن الطائر.
أنتَ لستَ بطائر،
فهمتْ؟
ولا عن الجناح.
أنتَ لستَ جناحاً،
فهمتْ؟
ولا عن المنقار.
أنتَ لستَ منقاراً،
فهمتْ؟
ولا
ولا
ولا.
اكتبْ، فقط، عن الريش.
أنتَ ريشةٌ سقطتْ من جناحِ طائر.” (23)
لكن هل بعد هذا كله يمكن القول بأن السفر مع الغراب أو الحمامة أو الجسد الأحمر قد وصل إلى محطته الأخيرة؟ القول بذلك لا يمكن إلا أن يكون نوعا من الوهم والسراب، إذ أن الشاعر في قصيدة “الغراب والحمامة” يحدث القارئ عن مرحلة أخرى يمكن نعتها ب “الرمادية” ( انظر عبارة / حفنة رماد) كي يحذره من مغبة الفرح بوهم الوصول إلى مح البيضة، أو الحقيقة أو جوهر المعرفة، لأن الأمر لن يكون فيه إلا مأساة لا مفر من الإقرار بسورياليتها العجيبة:
” ليس هناك من بحر،
فالبحرُ تحوّلَ إلى شاطئ.
وليس هناك من شاطئ،
الشاطئُ تحوّلَ إلى رمل.
وليس هناك من رمل،
الرملُ تحوّلَ إلى آثارِ أقدام.
وليس هناك من آثارِ أقدام،
آثارُ الأقدامِ تحوّلتْ إلى ذكريات.
وليس هناك من ذكريات،
الذكريات تحوّلتْ إلى دموع.
وليس هناك من دموع،
الدموع تحوّلتْ إلى بحرِ سفينةِ نوح.
ونوح مرَّ مِن هنا بسفينته ومضى!” (24)
إنها ولا شك حقيقة مُرّة، أن يكتشف الإنسان أن نوح سفينة الجسد قد مات منذ زمن بعيد، وأن محاولات ضخ الدم من جديد في قلبه ليست أبدا بالأمر السهل، لأن فيها مغامرة كبيرة قد تستوجب البكاء قبل الفرح، ولربما هذا هو السبب وراء بكاء الألف في هذا المقطع من قصيدة “الملك المسكين”:
” رأيتُ الألفَ يبكي في مستشفى الغرباء
ويسألُ في ألمٍ فادحٍ:
ما الذي جاءَ بهذا الملك المسكين
إلى هذه المهزلة؟” (25)
__________________________________
*الهوامش
أديب كمال الدين، “لوركا”، من ديوان (الحرف والغراب)، منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت – لبنان 2013، ص. 14.
انظر “قنينة جان دمّو”، من نفس الديوان، ص. 26.
خصص لها الشاعر قصيدة تحمل إسمها في ديوان “الحرف والغراب”: انظر الصفحة 61.
انظر نص “الليلة الأخيرة لسيلفيا بلاث” من نفس المجموعة الشعرية، ص. 56.
انظر الدراسة النقدية التي نشرها الناقد د. صالح الرزوق وهي بعنوان: (قراءة في مجموعة “الحرف والغراب” / وجوه وشخصيات في قصائد أديب كمال الدين)، وقد نشرت في مواقع النور وصوت الحرية وقاب قوسين.
انظر على سبيل المثال لا الحصر القصائد التالية:
ـ أديب كمال الدين، “حمامة”، من ديوان (ما قبل الحرف .. ما بعد النقطة)، دار أزمنة للنشر والتوزيع – عمّان الأردن 2006، ص. 114.
ـ “أغنية سوداء القلب”، من ديوان (أربعون قصيدة عن الحرف”، دار أزمنة للنشر والتوزيع – عمّان الأردن 2009، ص. 27.
ـ “ملل”، “دمعة مضيئة” و “حوار مع طاغور”، من ديوان (حاء)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر – عمان – بيروت 2002، ص: 28/38/86.
مصطلح الحرف في عنوان الديوان، حماّل أوجه مختلفة من التفسير، لكن له وجه قار يخصه سيتم التوقف عنده طويلا فيما سيأتي من التحليل.
أديب كمال الدين، “أنثى المعنى” من ديوان (أخبار المعنى)، أخبار المعنى دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد 1996، ص. 21.
أديب كمال الدين، “الغراب والحمامة”، من ديوان (الحرف والغراب)، منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت – لبنان 2013. ص. 9.
أديب كمال الدين، “الغراب والحمامة”، من ديوان (الحرف والغراب)، منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت – لبنان 2013. ص. 9.
أديب كمال الدين، “قصيدتي الأزلية” من ديوان (شجرة الحروف)، دار أزمنة للنشر والتوزيع – عمّان الأردن2007، ص. 19
القصيدة نفسها
أديب كمال الدين، “شجرة وحيدة”، من ديوان ( ما قبل الحرف .. ما بعد النقطة)، دار أزمنة للنشر والتوزيع – عمّان الأردن 2006، ص. 52
أديب كمال الدين، “الغراب” من ديوان (حاء)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر – عمّان- بيروت 2002، ص. 121.
أديب كمال الدين، “قصيدتان”، من ديوان (أقول الحرف وأعني أصابعي)، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2011، ص. 52
أديب كمال الدين، “موقف الظلام”، من ديوان (مواقف الألف)، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2012، ص. 21.
أديب كمال الدين، “ألوان” من ديوان (ما قبل الحرف .. ما بعد النقطة)، دار أزمنة للنشر والتوزيع – عمّان الأردن ،2006، ص. 131.
أديب كمال الدين، “موقف البياض” من ديوان (مواقف الألف)، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2012، ص. 76.
أديب كمال الدين، “موقف الظلام” من ديوان (مواقف الألف)، الدار العربية للعلوم ناشرون- بيروت، لبنان، 2012، ص. 21.
أديب كمال الدين، “ملك الحروف” من ديوان (حاء)، المؤسسة العربية للدراسات والنشر – عمّان- بيروت 2002، ص.16.
سورة طه، آية، 25/26.
مقطع من قصيدة “خطاب الألف” من ديوان (نون)، بغداد- مطبعة الجاحظ 1993، ص. 57.
أديب كمال الدين، “بطاقة تهنئة”، من ديوان (الحرف والغراب)، منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت – لبنان 2013. ص. 35.
أديب كمال الدين، “آثار أقدام”، من ديوان (الحرف والغراب)، منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت – لبنان 2013. ص. 104.
أديب كمال الدين، “بطاقة تهنئة”، من ديوان (الحرف والغراب)، منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت – لبنان 2013. ص. 96.
_____________________
* أديبة وناقدة ومترجمة من المغرب مقيمة بإيطاليا، تكتب الشعر والقصة والرواية.