ثلاث قصائد


سعدي يوسف
 
يومُ سبتٍ غائم
ضبابٌ على المتوسِّطِ …
لا طيرَ يمْرُقُ عبر زجاج النوافذِ
لا صرخةٌ من نوارسَ ،
والرايةُ المغربيةُ هامدةٌ فوق مبنى الضرائبِ .
مَن أمَرَ الشمسَ أن تتأخّرَ ؟
مَن قادَ مرْكبةَ الثلجِ حتى هنا ، في أزقّةِ طنجةَ ؟
إني اتّخذتُ سبيلَ هروبي ، جنوباً ، لأهجرَ لندنَ
والقارةَ المتوحشةَ …
الثلجُ يتبعُني من هناكَ !
ولكنني سوف أنتظرُ الشمسَ :
إفريقيا
واللقالقَ ( أعشاشُها في رؤوسِ المآذنِ )
أنتظرُ الأغنيةْ !
طنجة 16.02.2013

قبلَ سوقِ الـمُـصَـلّـى

في شارعِ موسى بنِ نُصَيرٍ
في آخرِهِ
إذ ينعطفُ الناسُ إلى السوقِ ،
هناك المقهى .
سأقولُ :
زبائنُ هذا المقهى هنَّ قحابٌ غابتْ نُضْرَتُهُنَّ مع الزمن القاسي
والليلِ المثقَلِ
والمهمَلِ …
هنَّ يجئنَ صباحاً ، كلَّ صباحٍ ، يُفْطِرْنَ هنا
شاياً وشطيرةَ جُبْنٍ بلديٍّ ،
ثم يَطِرْنَ إلى ركْنٍ في الشارعِ ، غيرِ بعيدٍ
ويقِفْنَ هناكَ ، الساعاتِ … الساعاتِ ؛
يثرثرْنَ
وينظُرْنَ
أيأتي شيخٌ ريفيٌّ
سائقُ شاحنةٍ
بائعُ أسماكٍ جوّالٌ …
يأخذُ واحدةً منهنَّ؟
…………………….
…………………….
…………………….
ما عُدْنَ كما كُنَّ :
الزمنُ القاسي غيّبَ نُضْرَتَهُنَّ .
وهذا الشارعُ لا يرحمُهنّ …
*
أنا أجلسُ كلَّ صباحٍ في هذا المقهى
فنجاني يبرَدُ ،
والشارعُ يخمدُ ،
لكني أحكي، في صمتي ، معهُنّ …

طنجة 21.02.2013

جرسيف (بلدة في الشرق المغربي)

هي تنتظرُ الساعةَ الأجنبيّةَ :
أن يَنْجمَ النفطُ كالماءِ عبرَ المفازاتِ
أن يتعالى عمودٌ من الغازِ يطعنُ هذا الهواءَ النقيَّ الذي لم يَعُدْ يُطعِمُ الناسَ
أن تأتي الحافلاتُ مطهّمةً كالجيادِ
وأن تُبتنى في الغياض الفنادقُ ،
ماذا جنَينا من الزيتِ نعصرهُ ؟
نحن نغدو ، مع الأرضِ ، أفقرَ ، أفقرَ …
فلْتُقْفر الأرضُ !
أشجارنا ؟
سوف نقطعها كي تكون بخوراً لمن يُخرجون لنا النفطَ والغازَ …
نرجوكَ أن تفهمَ الأمرَ :
ننتظرُ الساعةَ الأجنبيّةَ
كي نقهرَ الفقرَ …
يا سيّدي !


طنجة 21.02.2013

( القدس العربي )

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *