المخطوطات العربيّة في دير الإسكوريال: تعرّضت للسّطو والقرصنة وقامت برحلة مثيرة حتىّ استقرّت بالإسكوريال



محمّد محمّد الخطّابي*- غرناطة

(ثقافات) 

الاحتفال الثقافي والعلمي الهام حول الكتب والمكتبات الذي عرفته مؤخّرا العاصمة الإسبانية بمناسبة مرور ثلاثة قرون على تأسيس المكتبة الوطنية بمدريد يذكّرنا بمكتبة جليلة وعريقة أخرى توجد بضواحي وأرباض مدريد ، والتي أسّست هي الأخرى منذ ما يربو على خمسة قرون أيّ بقرنين من الزمان قبل تأسيس مكتبة مدريد الوطنية، وهي خزانة أو مكتبة دير الإسكوريال الشهيرة التي أنشئت مابين 1533- و 1584، وحريّ بنا أن نسلّط الأضواء بهذه المناسبة على محتويات هذه المكتبة الفريدة وذلك لصلتها الوثقى بتاريخنا المجيد، وتراثنا الزاخر فى الديار الإسبانية منذ العهد الإسلامي الزاهر بها ،ولاحتوائها على ذخائر نفيسة لا تقدّر بثمن من الكتب والمصنّفات والأسفار والتآليف والمخطوطات العربية والإسلامية القيّمة الغميسة والنادرة التي ما فتئت تقبع بها إلى هذا اليوم : 
تؤكد مختلف المصادروالمراجع التاريخية التي تتعرض لموضوع المخطوطات الإسلامية الموجودة في دير الإسكوريال أنّ جزءا مهمّا من هذه المخطوطات النادرة يعود في الواقع للسلطان المغربي أحمد المنصور الذهبي السعدي الذي اشتهر باقتناء الكتب وجمع منها خزانة عظيمة، وسار خلفه إبنه مولاي زيدان على نهجه في الإهتمام بالكتب فزاد في تنمية وتوسيع المكتبة التي كانت عند والده، و عني بها عناية فائقة حتى ناف عددها على أربعة آلاف مخطوط يبحث في مختلف العلوم والمعارف ، إلاّ أنّ هذه المكتبة الفاخرة صادفها سوء الحظ وخبّأ لها القدر مفاجآت مثيرة.
المخطوطات تصل إلى الإسكوريال
يشير البحّاثة المغربي المرحوم محمد الفاسي في تحقيقه وتقديمه لمخطوط ” الإكسير في فكاك الأسير” للسفيرالمغربي ابن عثمان المكناسي:”أنّ خزانة الاسكوريال المليئة بالمخطوطات الثمينة يظنّ الكثيرون انها من مخلفات العرب في اسبانيا ، والحقيقة أنّ محاكم التفتيش الكاثوليكية كانت أحرقت كلّ الكتب العربية أينما وجدت ولم يبق بعد خروج المسلمين من شبه الجزيرة الايبيرية كتب تستحق الذكر ، وفي أيام السعديين كان لمنصور الذهبي مولعا باقتناء الكتب وجمع منها خزانة عظيمة ، وسار خلفه إبنه زيدان على سنته في الاهتمام بالكتب فنمّى الخزانة التي كانت عند والده .ولمّا قام عليه أ حد أقاربه واضطرّ للفرار كان أوّل ما فكّر فيه خزانة كتبه فوضعها في صناديق ووجّهها إلى مدينة آسفي لتشحن في سفينة كانت هناك لأحد الفرنسيين لينقلها الى أحد مراسي سوس. فلمّا وصلت السفينة انتظر رئيسها مدّة أن يدفع له أجرة عمله ، ولما طال عليه الأمر هرب بمركبه وشحنته الثمينة ، فتعرّض له في عرض البحر قرصان إسباني وطارده للاستيلاء على الصناديق ، ولا شكّ أنهم كانوا يظنّون أنّها مملوءة بالذهب ،واستولوا بالفعل على المركب الفرنسي وأخذوا الصناديق، فلمّا فتحوها ولم يجدوا بها إلاّ الكتب ، فكّروا من حسن الحظ أن يقدّموها هديّة لملكهم . ولما وصلت هذه الكتب الى الملك فيليبي الثاني ، الذي كان منهمكا في بناء الديّر الفخم للقدّيس لورينثو بالمحل المسمّى الإسكوريال ،وكان قد نذر في حرب مع فرنسا ألجأته لهدم كنيسة تحمل إسم القدّيس المذكور ،أنّه إذا إنتصر فسيبني له كنيسة أفخم . فلمّا وصلته هذه الكتب أوقفها على هذا الدّير ، وهي التي لا تزال إلى اليوم موجودة به، ويقصدها العلماء من كل الأقطار للإستفادة من ذخائرها .” 
الرحّالة المغاربة والإسكوريال 
تشيرالمستشرقة الإسبانية “نييفيس باراديلا ألونسو”فى دراسة لها حول هذا الموضوع :”انّ معظم الرحّالة المغاربة الذين زاروا إسبانيا تعّرضوا في كتاباتهم إلى الأهميّة التي تنطوي عليها الكتب والمخطوطات العربية التي توجد في الاسكوريال ذلك أنّ المتاحف والمكتبات كانت باستمرار أماكن تسترعي اهتمام مختلف هؤلاء الرحّالة الذين زاروا اسبانيا على امتداد العصور ، وهذا ما حدث لدير الاسكوريال ، حيث كان محطّ اهتمام الأجانب الذين كانوا يتقاطرون على اسبانيا.” وتتعرّض الباحثة لثلاثة سفراء مغاربة زاروا اسبانيا في حقب تاريخية متفاوتة حيث زارها الأول في القرن السابع عشر ، والاثنان الآخران في القرن الثامن عشر، وتشير:”ان هؤلاء كانوا جميعا بمثابة سفراء لبلدانهم في اسبانيا ، وقد قدموا إليها للتفاوض مع العاهلين الاسبانيين كارلوس الثاني ثم كارلوس الثالث .” ومن المهام التي اضطلع بها هؤلاء السفراء ، التفاوض من أجل إطلاق سراح أسرى المسلمين في اسبانيا والتوقيع على اتفاقيات التعاون وحسن الجوار بين المغرب وإسبانيا ، وقضية المطالبة بعدد من المخطوطات المغربية الموجودة في الاسكوريال”. 
إنّ مكتبة الاسكوريال بالذات بدأت تنمو وتتكاثر بفضل العناية التى كان يوليها للكتب ملك إسبانيا فيليبي الثاني ،الذي عمل على تأسيس مكتبات عمومية كبرى على غرار المكتبات الايطالية ،حيث طلب من سفرائه جمع واقتناء الكتب والمخطوطات العربية ، وهكذا أمكن له إثراء خزانة الاسكوريال بهذه التحف والذخائر التاريخية النفيسة.
وتؤكد المستشرقة الاسبانية بدورها الواقعة التاريخية المشهورة التي تعرضت لها مختلف الكتب التاريخية التي تبحث في تاريخ العلاقات الاسبانية المغربية وهي قضية سطو القراصنة الاسبان عام 1612 بالقرب من مدينة سلا على مركب فرنسي كان يحمل المكتبة الخاصة للسلطان المغربي مولاي زيدان والتي كانت تتألف من حوالي أربعة آلاف مخطوط ، وقد تم تحويل هذه الكتب والمخططوطات جميعها إلى مكتبة دير الاسكوريال بأمر من الملك الاسباني فيليبي الثاني”.كما تتعرض المستعربة الاسبانية إلى حدث خطير وقع عام 1671 عندما شبّ حريق في الجناح العربي من الدير حيث التهمت النيران حوالي 2500مخطوطا .
الغسّاني والغزال والمكناسي
وبعد عشرين سنة من هذا الحادث المؤسف وصل إلى اسبانيا الوزير عبد الوهاب الغسّاني سفير السلطان مولاي اسماعيل خلال حكم العاهل الاسباني كارلوس الثاني (1690-1691) وفى كتابه” رحلة الوزير في افتكاك الأسير” وصف هذا السفير الجناح الذي توجد فيه كتب و مخطوطات ابن زيدان بدير الاسكوريال ، كما فاوض العاهل الاسباني بشأن اطلاق سراح المسلمين، وكذا إرجاع بعض المخطوطات العربية إلى المغرب ، واستجاب العاهل الاسباني للمطلب الأول ، وماطل في الاستجابة للمطلب الثاني. 
والسفير المغربي الثاني هو أحمد بن المهدي الغزال سفير سيدي محمد بن عبد الله لدى بلاط كارلوس الثالث(1766) صاحب كتاب :”نتيجة الاجتهاد في المهادنة والجهاد”وتحتل قضية المخطوطات كذلك مكانا مهما في رحلة الغزال الذي قام هو الآخر بزيارة الاسكوريال ، و سلّم له العاهل الاسباني كارلوس الثالث بعض هذه المخطوطات (300 مخطوط حسب رواية الغزال نفسه).
أمّا السفير المغربي الثالث فهو ا بن عثمان المكناسي سفير المولى محمد بن عبد الله لدى بلاط كارلوس الثالث الذي زار اسبانيا في الفترة المتراوحة بين (1779-1780) وهو صاحب كتاب:” الإكسير في فكاك الأسير”. فقدت تمثلت مهمته كذلك في افتكاك أسرى المسلمين كما يتضح من عنوان كتابه،كما أنّه لم ينس كسابقيه زيارة دير الاسكوريال حيث توقف بالخصوص طويلا عند المخطوطات العربية . وقد وصف الاسكوريال وصفا دقيقا وكل ما به من مقابر الملوك الاسبان، وعن ذلك يقول:” فاذا به من عجائب الدنيا في ارتفاع صواريه وضخامة بنيانه يقف الوصف دونه “. وعن المخطوطات العربية يقول:” إنها في غاية الحفظ ولا يمكن لأحد أن يدخل الى تلك الخزانة كائنا من كان، ومكتوب عليها بخط أعجمي :”أمر البابا أن لا يخرج أحد من هذه الخزانة شيئا”.
وقد سلّم ملك اسبانيا كارلوس الثالث عددا من المخطوطات العربية للسفير المغربي ، إلا انها لم تكن من مجموعة الاسكوريال ،و لم يتعرض السفراء الثلاثة لحادث السطو على خزانة ابن زيدان حتى لا يؤثّر ذلك على مهمّاتهم الدبلوماسية الأخرى التي قدموا الى اسبانيا من أجلها .
فى البحث عن المجد الضائع 
وفى دراسة للباحث التونسي عليّ العريبي تحت عنوان “الرحلة الأندلسية للورداني والبحث عن المجد الضائع”. يشير انّ الورداني شاعر ورحّالة تونسي عاش في أواخر القرن التاسع عشر وفي أوائل القرن العشرين. ولد سنة 1861 ببلدة الوردانيين جهة الساحل وتوفي سنة 1914 ، قام هو الآخر بزيارة لمدينة الاسكوريال حيث أقبل على آثار القصور الموجودة بالمدينة فوصف ما بها من نقوش ورسوم ، وقد استرعى انتباهه في قصر فيليبي الثاني رسوم جدرانه التي تصوّر حروب دولة اسبانيا سواء مع العرب أو مع الدولة العليّة”. 
ويضيف :” وقد عثرت البعثة المرافقة للورداني على أكثر من ألفي كتاب عربي . “ويعتقد الناس خطأ -.حسب الورداني- “انّ الكتب العربية الموجودة في هذه المكتبة هي من مخلفات الأندلس ، وليس الأمر كذلك فقد أظهر لي التحري والتحقيق وكثرة المحاورة والمذاكرة مع أرباب الوقوف والاطلاع انّ الاسبان لما ملكوا الأندلس أشار عليهم رؤساء الاديان بحرق الكتب الاسلامية لا سيما الدينية، فكانوا كلما تمكنوا من بلاد أحرقوا كتبها الا ما بقي عند بعض الأفراد ، وأن هذه الكتب هي من كتب زيدان أمير المغرب كان قد اشتراها من المشرق وبينما مأموروه قد قدموا بها إذ فاجأتهم سفن اسبانيا الحربية قريبا من بوغاز سبتة (جبل طارق) فغلبتهم وغصبت الكتب ،فهى في التحقيق من حكومة مراكش لا الاندلس ، والذي يدل على صحّة ما ذهبت اليه ما شاهدته مكتوبا على أغلب الكتب من أنها ملك الامير زيدان المذكور”.
ويلاحظ أن الورداني لم يكن يعرف قصّة هذه الكتب الحقيقية كما سبقت الإشارة إليها من قبل ،وكما سنرى عند مؤرخ فرنسي تعرّض لنفس الموضوع وهو “جان كايّي”، إذ يذكر الورداني ان الكتب اشتراها مولاي زيدان من المشرق وسطا عليها الاسبان في مضيق جبل طارق بالقرب من مدينة سبتة وهي في طريقها إليه حيث كان يقيم بمراكش ، وإذا كان الأمر كذلك فكيف وضع خاتم زيدان على هذه المخطوطات كما يؤكد الورداني نفسه ذلك؟ ممّا يرجّح صحّة الرواية الشهيرة التي سبق أن أكدها المرحوم محمد الفاسي والباحثة الاسبانية نييفيس ألونسو ،وكذا المؤرخ الفرنسي جان كاييّ وسواهم من الباحثين. 
القنصل الفرنسي وخزانة زيدان
وتحت عنوان”كاسطلان وخزانة زيدان ” يشير المؤرخ الفرنسي” جان كايّي” في كتابه “موجز تاريخ المغرب”إلى انّ”جان فيليب كاسطلان” وهو من مدينة مرسيليا كان قنصل فرنسا في المغرب معتمدا لدى السلطان المغربي مولاي زيدان عام 1610″الذي قال عنه المؤلف:” كان من أعظم ملوك السعديين بفضل حنكته وصرامته وحبّه للعلم وعطفه على أهله ،حيث كان شغوفا بالأدب، ومولعا بالكتب فضلا عن أنه كان يملك خزانة عظيمة ورث معظم كتبها عن والده مولاي أحمد المنصور وقد بلغ عدد كتب هذه الخزانة حوالى أربعة آلاف مخطوط”. 
ويضيف المؤلف الفرنسي أن كثيرا من هذه التحف النادرة كانت مغطاة بماء الذهب ، ومنمقة بالجواهر النفيسة، وبعضها مكتوب بخطوط جميلة جدا وذات فنية عالية، 
ويحكي المؤلف هو الآخر قصة وصول خزانة مولاي زيدان الي الاسكوريال فيقول:”في ربيع 1612وصل مولاي زيدان الي مدينة آسفي مع عائلته وقد حمل معه ممتلكاته النفيسة ومنها مكتبته وهو ينوي الالتحاق بمدينة أكادير، وكان بالميناء مركبان الأول هولاندي ، والثاني فرنسي وهو مركب كاسطلان .واكترى مولاي زيدان المركبين فسافرت عائلته في المركب الهولاندي ،وسلم خزانته وبعض ممتلكاته لمركب كاسطلان الذي قبل نقل هذه الحمولة الى أكادير مقابل 3000دوقية.
ويصف المؤلف الفرنسي وصفا دقيقا كل ما حمله هذا المركب من أمتعة السلطان السعدي .وكانت الصناديق التي تحتوي على حاجياته وكتبه قد وضع عليها خاتمه السلطاني.
ويشير المؤلف أنّ المركب كان يسمّى “نوتردام دي لاغارد”.الّا انّ صاحبه كاسطلان رفض إنزال حاجيات ومتاع وكتب مولاي زيدان قبل تسلم المبلغ المتّفق عليه.وأمام قرب نفاذ الزاد في المركب الفرنسي قرّر كاسطلان وطاقمه في ليلة 22 يونيو العودة إلى فرنسا. 
تأتي الريّاح بما لا تشتهي السّفن 
ويشير المؤلف الى أن الرياح جاءت بما لا تشتهيه السفن ،إذ عندما كان المركب الفرنسي قبالة مدينة سلا هوجم على حين غرّة من طرف أسطول إسباني كان تحت إمرة الأميرال فاخاردو ، وأرغم على الاتجاه إلى مدينة قادس الاسبانية حيث تمّت محاكمة كاسطلان وسجنه ثم مات عام 1619. 
وألحقت خزانة مولاي زيدان بدير الاسكوريال ، كما أرسلت بقية متاعه وحاجياته النفيسة الأخرى إلى مدريد .ويشير المؤلف الفرنسي إلى أن مولاي زيدان استشاط غضبا عندما علم بالخبر، واحتجّ بشدّة لدى ملك فرنسا لويس الثالث عشر ، وتحمّلت الجالية الفرنسية المقيمة في المغرب في ذلك الوقت عواقب ومغبّة هذا الحدث ، فزجّ ببعضهم في السجون وأرغم آخرون على مغادرة البلاد ،وأصبحت العلاقات السياسية والتجارية بين المغرب وفرنسا شبه منعدمة.وقام لويس الثالث عشر بعدّة مساع لدى البلاط الاسباني حتى يسترجع ملك المغرب ممتلكاته وخزانته دون جدوى. 
ويختم جاك كايّي بحثه الشيّق قائلا:وما زالت مكتبة مولاي زيدان توجد إلى يومنا هذا في إسبانيا ،في نفس المكان الذي كانت توجد فيه من هذا الدّير، وقد عاينها وشاهدها وتصفّحها في عدّة مناسبات العديد من السفراء والرحّالة ، والمؤرخين، والباحثين، والمتخصّصين ، والطلبة ، وجميع هذه الكتب والمخطوطات يوجد عليها خاتم مولاي زيدان.
محتويات خزانة الإسكوريال
يؤكد القائمون على هذه المكتبة الفريدة من نوعها أن المخطوطات العربية والاغريقية الموجودة بها تعتبر من أحسن وأجمل المخطوطات في أوروبا ، وتضمّ هذه الخزانة الآن حوالي 45000 كتا با مطبوعا تعود للقرنين الخامس عشر والسادس عشر ، وما يزيد على 5000 مخطوطا تتوزع حسب اهميتها من حيث مضامينها وعددها على اللغات التالية : تأتى في المرتبة الأولى العربية (1700)مخطوط، واللاتينية(1400)، والقشتالية (800) والاغريقية(600)، والايطالية(80)، والعبرية (حوالى 70)، والكطلانية والبلنسية(50)، والفرنسية (30) ، والصينية (بضع مخطوطات) ،والفارسية(20) ، والبرتغالية(15) ، والتركية(12) ، والأرمينية (2) ، والالمانية (بضع مخطوطات)، ولغة نوالط المكسيكية القديمة(مخطوط واحد).
وتبلغ مساحة خزانة الاسكوريال 54 متر طولا مقابل 9 أمتار عرضا،و10 أمتار علوّا، ويعلوها قبو عليه رسومات عديدة مزدانة ومزركشة بألوان متنوّعة بديعة ، تنقسم إلى سبعة أقسام تمثل سبع صور ترمز إلى الفنون أو العلوم السبعة التى كانت تدرّس بالجامعات في ذلك الابّان وهي: النحو، والبلاغة، والجدل أو المنطق ،والحساب، والفلك وخصّصت الواجهتان الشمالية والجنوبية لعلمي الفلسفة واللاّهوت.
وهناك 14 رسما لبارطولومى كاردوشو تصوّر قصصا لها صلة بالفنون والعلوم المذكورة وبعض العلماء الذين نبغوا في هذه العلوم .ويشير الأب تيودورو –أحد الذين عملوا في هذه الخزانة-ان أجمل وأحبّ المخطوطات إلى نفسه هي المخطوطات العربية حيث يعجز عن وصف جمالها وروعتها ، ويؤكد أنه من أغرب ما لوحظ أنها مكتوبة بحبر أو مداد يحتوى على مادة قوية مضادة للحشرات بحيث لا تقترب من هذه النفائس ولا تلحق بها ضررا ولا تلفا.
وقد اعترف الأب تيودورو أنّ محاكم التفتيش كانت قد أحرقت بالفعل العديد من المخطوطات العربية، وعليه فانّ بعضها قد تمّ إيداعها في الخزانة وهي مخيطة مخافة إحراقها أو تدميرها من طرف المتعصّبين.
.
بين المغرب و مصر
المسؤولون المغاربة عن الشأن الثقافي كانوا قد صرّحوا في 19 يناير2010 انّه سيتم تصوير المخطوطات المغربية الموجودة في مكتبة الإسكوريال بمدريد وإعداد نسخ منها على الميكروفيلم لتصبح متوفّرة للاستعمال في المكتبة الوطنية بالرباط. تحقيق هذه الغاية ،أيّ الحصول على بعض النسخ من هذه الميكروفيلمات لم يتم إلاّ في 7 فبراير 2011. علما أنه قبل هذا التاريخ بكثير في عام 1997 أيّ منذ ما ينيف على 14 سنة قبل هذا التّاريخ كانت الملكة الاسبانية صوفيا خلال زيارة لها لمصر فى هذا التاريخ قد أهدت مجموعة كاملة من ميكروفيلمات المخطوطات العربية بدير الإسكوريال إلى مكتبة الإسكندرية بما فيها المخطوطات المغربية على وجه الخصوص ، لاجرم أنّ المسؤولين الذين تسلّموا هذه المخطوطات كان لسان حالهم يقول مثلما قال أبو القاسم الصّاحب بن عبّاد عندما وقع بين يديه كتاب “العقد الفريد” لابن عبد ربّه : هذه بضاعتنا ردّت إلينا ! . 
*كاتب من المغرب يعيش فى إسبانيا .

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *