مدينة وحب


* صفاء سالم اسكندر

(ثقافات)

” من دخل هذه المدينة , ودار على بيوتها , شاهد ناسها كبارا وصغار , وأكل من طعامهم , ونام على أسرتهم الهرمة القديمة دون أن يبكي، مات ميتة حقيرة “

” لا يملك القمر منزلا “.
قالها لحبيبته ..التي تسكن في منطقة الجادرية الراقية التي تتميز بمنازلها الكبيرة الفارهة وعوائلها الغنية ..وهو يتعلل عدم طلب يدها, أثار استغربها وفتحت فمها مشدوهة لما سمعت.

كيف ؟. كيف لم تلتفت لمظهره الفقير هو ذلك الشاب الجميل الذي كان زميلا لها في الجامعة قبل أن يكون حبيبا سحرها كما الأخريات بجماله الأخاذ واندفاعه على الحياة . لعل الحب من أغمض العين وأعماها ساعة اشتعال القلب بنار الحب والشوق اللاهث التي أسهرتها ليال وهي تخاطب الليل ترجوه الرحيل وتتوسل الشمس بالظهور لرؤية الحبيب.

قال لها : في مدينتي تنزل الملائكة كل يوم لتسمع أنين الأطفال الجائعين والمرضى , تربت على أكتاف الآباء الذين يبكون بصمت خجول لا يطول كثيرا حتى ينفجر في إحدى زوايا المكان , المكان الذي يعيش خارج سرب الزمن , ليس له حدود، حدوده متناهية في الصغر حتى تحسب السكان فيها نمل أسود وتمسح دموع الأمهات الباكيات .

يتكلم ودموعه تخط رمال خده الناعم الأحمر كوجه الورد : ليس عهرا يا حبيبتي حين ترين النساء في مدينتي عاريات الجسد .

قالت له : والى أين ستمضي ؟.
قال لها : سأبقى في سواد مدينتي والليل يبشر الناس بوجهي قمرا .

” قبلته ……وبكت “.
فمات ميتة شريفه
______________
* قاص من العراق.

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *