*
في نظرة للرواية النسويّة اليابانية المعاصرة سنعثر على روائيّات برعن في الكتابة الروائيّة والقصصيّة وحاولن قدر المستطاع تقديم أعمال روائيّة تلقى استحساناً من القرّاء والنقّاد،
روايات تُكتَب بنَفَس تفاؤلي بعيد ومختلف عن الشؤم المبثوث في طيّات الأعمال الروائيّة اليابانيّة الكلاسيكيّة تلك التي كانت مشبعة برائحة الحرب والدمار والتمحور حول التقليد الياباني والعادات الدينية المتَّبعة والرؤية القاتمة للأشياء ومن ثمّ الحياة المنتهية بخيار الانتحار تعبيراً عن غسل اليد من الذنوب المقترفة في حقّ العالم والماضي الذي يغدو كابوساً للكاتب لتتجه على أيدي روائيات و«روائيينَ كذلك الأمر» نحو مسار إيجابيّ مفعم بالأمل.
وهذا ما تفعله الروائيَّة اليابانيَّة «بانانا يوشيموتو» في معالجاتها لمشاكل الحاضر الياباني عبر سرد روائي وقصصي مفعم بالأمل، لا وجود للماضي في عالمها الروائي والقصصي إنّما هو الحاضر بالدرجة الأولى في سُلَّم الأهميَّة ومن ثمّ المستقبل ولا شيء آخر سواهما يحرّكان التكنيك في مجمل أعمالها الروائية وقصصها، هنا نصطدم بمفهوم عامّ وقديم للأدب، أقصد مفهوم الكتابة التي من الممكن أن تغيّر العالَم هذا المفهوم الذي تخلَّى عنه معظم الروائيين والأدباء بشكل عامّ أو من الممكن هو ليس تخليّاً بقدر ما هو اصطدام مؤلم بنتيجة حتميّة «تبدو للوهلة الأُولى منطقيّة جداً» وهي أنَّه من غير الممكن للأدب أن يغيّر شيئاً ليغدو الأدب بطريقة ما مجرد حبر على ورق والحقيقة الوحيدة الواضحة جداً هي أن أمر الواقع وحاله ينحدر من سوء إلى سوء أفظع.
إلا أن «بانانا يوشيموتو»- وعبر نظرة تفاؤلية على ألسنة أبطال رواياتها وقصصها- تحاول جاهدة الكتابة عن الأمل ليغدو نوعاً من الانعتاق ولتتحول نصوصها بطريقة سحريّة غامضة الملامح إلى دروس خاصّة لاستجلاب الأمل واستحضاره، إنَّهُ «الأمل» هذا الشيء الشبيه بومضة برق تلمع داخل النفس البشريّة في لحظة غيبوبة، وكأنّ ما يراه أمامه ليس سوى حلماً قديماً راوده في نومه وفي يقظته على حدّ سواء، الماضي «هذا العنصر الجذاب في الرواية والقصّ» ينهار مع قراءة «بانانا يوشيموتو» ليبقى العالم الراهن هو الأساس ونقطة التمركز المحوريَّة في أعمالها.
في مقدمة مجموعتها القصصيّة «العظَّاءة» الصادرة عن الهيئة العامَّة السوريَّة للكتاب وبترجمة غادة جاويش تكتب بانانا: «أعتقد أنّنا لا نولد مع الأمل بل إنَّه يأتينا كقوّة تحوليّة، شخصيات قصصي تصادف الأمل للمرة الأولى، وذلك عندما يلاحظونَ شيئاً ما في أنفسهم أو في محيطهم لم يعرفوه من قبل أو بينما يعيشون من جديد مشاعر منسيَّة ممَّا يدفعهم إلى الفعل ويمنحهم القدرة على التغيير».
________
* عن صحيفة الثورة