* لطفية الدليمي
تعتبر سنغافورة بلد المعجزة الاقتصادية الأكثر شهرة في جنوب شرقي آسيا وقد أطلقت عليها شركة (اي تي كيرني) حسب مؤشرها لقياس العولمة (إنها المدينة الأكثر عولمة) في العالم ، إضافة إلى كونها البلد الأشهر في اسيا من حيث التنوع الإثني والديني فإضافة إلى قومية المالاوي الأصلية هناك الصينيون والهنود واليابانيون والاندونيسيون والقوقاز وقد حصلت وهي بملايينها الخمسة على المرتبة الأولى في آسيا من حيث جودة الحياة والمرتبة 11 على مستوى العالم حسب إحصاءات واستطلاعات الايكونوميست البريطانية، وفي بلد كهذا تنتعش الثقافة وتتألق بتنوع الاثنيات وتعدد مصادر ثقافتها مما ساعد سنغافورة على تخطي التقاليد الآسيوية العتيقة وتجد لنفسها أفقا ثقافيا منفتحا على التعددية .
تحمل كاترين ليم الجنسية السنغافورية وهي صينية الأصل ولدت سنة 1942 وعاشت في ماليزيا وتخرجت في جامعاتها سنة 1963 ثم هاجرت إلى سنغافورة واستقرت فيها وكتبت عن المجتمع والثقافات المتنوعة والسياسة في سنغافورة وعن ثيمات متعددة من الثقافة الصينية التقليدية ونشرت كاثرين ليم تسع مجموعات قصصية من أهمها : مفارقات صغيرة وخمس روايات من أبرزها ناب الأفعى والمستعبدة وأنشودة السعفة الفضية واحتلت موقعا متقدما في المشهد الأدبي في سنغافورة كما نشرت مجموعتين شعريتين وعملت في التدريس وواصلت نشر إبداعها القصصي والروائي وفي سنة 1988 حصلت على الدكتوراه في التطبيقات الألسنية ثم فازت بمنحة فولبرايت إلى جامعتي كاليفورنيا وكولومبيا و لمع اسمها في التسعينيات عندما نشرت سلسلة مقالات شكلت نقطة تحول في نشاطها الصحفي والاجتماعي انتقدت فيها أداء الحزب الحاكم pap ( حزب العمل الشعبي) تحت عنوان ( الفجوة الوجدانية التي أحدثها الحزب في المجتمع ) منطلقة من حقيقة التاريخ المضطرب للبلاد في السنوات الاولى لحكم هذا الحزب فتصدى لها الفريق الصحفي لرئيس الوزراء بردود قاسية كما علق على مقالاتها رئيس الوزراء الأسبق ( لي كوان يو ) مؤلف كتاب قصة سنغافورة وهو احد قادة الحزب إذ تولى الحكم بعد الاستقلال مما زاد في شعبية كاثرين ليم .
اشتهرت الروائية كاثرين ليم كأبرز كاتبة حضورا وإنتاجا ومبيعا في سنغافورة وتقدم في روايتها (المستعبدة) التي نشرت في اوائل الثمانينيات تأكيدا على موهبتها الإبداعية التي تمزج ببراعة بين الحوار و اليوميات و الأحداث والسرد وتتبادل هذه العناصر مواقعها في الرواية وكل حين يعلو صوت الراوي – صوت الساردة ليؤكد تحولات الأحداث في السياق العام، تحكي الرواية قصة حب تراجيدية بين امرأة مستعبدة وبين ابن سيدها – في الصين أوائل القرن العشرين حينما كانت العوائل المعدمة تبيع بناتها الصغيرات لضمان عدم موتهن في فترة المجاعات الكبرى.
تقول ليم إن بطلتي العاشقة تعاني عندما يكون محبوبها قريبا منها أو بعيدا عنها ، ولا تنسى عذابات جلدِها بالسياط من قبل سادتها ممتزجة بمتعة صداقة طفولتها المثالية مع السيد الشاب التي تحولت إلى عنف جسدي ممزوج بالحب الصاعق ، وتشرح الكاتبة ان قصص الحب الموجعة تنمّي لدى المرأة قدرات الحدس وتنمو لها عيون وآذان إضافية تلتقط كل شيء وتضخمه لفرط معاناتها في الحياة والحب..
تركت كاثرين التعليم وتفرغت نهائيا للأدب ومنحتها الحكومة الفرنسية وسام فارس في الآداب سنة 2003 ولموقعها الأدبي في بلادها اختيرت سفيرة للأدب في مؤسسة ( هانس كريستيان اندرسون ) في كوبنهاغن وكرمت بدرجة دكتوراه فخرية من قبل جامعة موردوخ كما منحت جائزة الشرق الأقصى للآداب الآسيوية.
*روائية من العراق.