ريما جبارة اصدرت 15 كتابا ولم تتجاوز الثلاثين من العمر



حاورتها :رشا المالح

  اعتقد الكثيرون، قبل عقد ونيف من الزمن، أن رحلة الشابة، ريما جبارة، مع الكتابة، ستتوقف بعد تجاوزها مرحلة المراهقة، خاصة وأنها أثارت دهشة الجميع بإصدارها أول رواية لها: “قوة الحب”، في عام 1992، وهي في الرابعة عشرة من عمرها، لتصبح بذلك، أصغر كاتبة في الشرق الأوسط، تكتب بلغة غير لغتها الأم العربية.

خسر الآخرون الرهان أمام ريما جبارة، التي صُقلت موهبتها الروائية بعد مرحلة المراهقة، لتوازن بصورة دائمة، بين الدراسة ثم العمل، وعالم الكتابة الأثير إلى نفسها. ولتصدر 15 كتاباً، بين الرواية والأدب الواقعي. ذلك وهي بالكاد تجاوزت الثلاثين.

لا تنحصر تجربة ريما في عالم الكتابة، الذي تعيشه بروحها وفكرها، بل تمتد إلى آلية ترويج وتسويق الكتاب بالأسلوب المعتمد في الغرب. لتكون أول كاتبة عربية في الشرق الأوسط، تؤسس موقعا الكترونيا خاصا بها في عام 2000، باللغة الانجليزية، إلى جانب تسويق كتبها بالفيديو، والتي يمكن مشاهدتها على موقع يوتيوب، إلى جانب صفحات المعجبين الخاصة بأعمالها، في ال”تويتر” وال”فيس بوك” وال”نيت لوغ” و”مايسبيس وتويتر”.. وغيرها. ليتجاوز عدد متابعي صفحاتها 45 ألفاً، من مختلف بلدان العالم.

“مسارات” التقى ريما، بهدف التعرف على التنوع والغنى في ماهية ومراحل تطور تجربتها، التي تتجاوز سنوات عمرها هي نفسها، ذلك سواء على صعيد الأدب أو أسلوب التسويق. كما رصد في الحوار، مشاريعها القادمة.

هل لك أن تعطينا لمحة عن إيقاع يوم عادي في حياتك؟

أبدأ نهاري بالقراءة لمدة ساعتين أو ثلاث. ثم أجري، طوال قرابة الساعة من الزمن، بعض البحوث عبر الانترنت. وبعدها أتابع صفحاتي على المواقع وأعمد إلى التواصل مع من يتابعني. وبعد أخذ استراحة قصيرة، انتقل إلى الكتابة لبضع ساعات.

وأعكف، عقبها، على تنفيذ بعض الأعمال المنزلية، ومشاهدة التلفاز( مدة ساعتين أو أكثر)، مع التركيز على الأفلام الكلاسيكية القديمة، خاصة بالأبيض والأسود، العربية منها أو الأجنبية. أما فترة المساء فأمضيها بصحبة العائلة والأصدقاء.

لحظات الإلهام

هل هذا يعني أنك تنتقلين من كتابة رواية إلى أخرى؟

لا، أنا أكتب بصورة يومية لكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك في إطار مشروع كتاب، ففي بعض الأحيان تمضي شهور من دون إلهام. وفجأة أستلهم فكرة رواية. وأبدأ بملء الصفحات من دون توقف.. أعتقد أن هذا الأمر مرتبط بالحالة النفسية والجو المحيط بي. وعندما تقدح شرارة الفكرة، أعيش في ألق وسعادة، وأجد الكلمات تنساب من قلمي، والتي سرعان ما تهرب، إن حاولت كتابتها مباشرة على الكمبيوتر.

أحب الأسلوب القديم في الكتابة ودفء التعامل مع الورقة والقلم. والموسيقى الكلاسيكية عنصر رئيسي من جو الكتابة، وربما أيضاً، عطر إحدى الشموع على مكتبي القديم، ذي الطابع الفيكتوري. ولم أتردد، أخيراً، في تحويل بيتي إلى أجواء شكسبيرية تنعش الروح والإلهام.

تحولات وتبدل

كتبت أول رواية وأنت في الرابعة عشرة. فما مراحل التحول في تجربتك؟

أول خمس روايات كتبتها، كانت رومانسية، وهي: “الحب العنيف” و”الحب الذهبي” و”الطريق إلى الجحيم” و”أسمهان” و”شمس”. وفي المرحلة التالية، وتحديداً في العامين الأخيرين من التسعينات من القرن الماضي، بدأت أتعمق في العوالم الداخلية لأبطال العمل والشخصيات المركبة.

ومن نتاج المرحلة تلك: “أمل” التي ترجمت إلى العربية، “كهرمان”، “الدمار الصامت”- التي استلهمت قصتها من تراجيديا حقيقية جرت أحداثها في الهند، بين اثنين أحبا بعضهما، وكل منهما من ديانة مختلفة. والروايات الأخيرة تجمع بين العمق والتحليل النفسي، ما يساعد القارئ على فهم العديد من الإشكاليات النفسية، وتجاوز الكثير من الصعاب، إلى جانب فهم الآخرين.

نماذج وحكايات

أي نوع من النساء هن بطلات أعمالك؟

تختلف الشخصيات في كل رواية.. ومعظمها مركبة أسوة بالواقع، ففي رواية “كهرمان” البطلة راقصة شرقية، ربتها جدتها في بيئة متواضعة. وكان هاجسها أن تثبت للمجتمع المخملي، أنها تملك ثقافة ومعرفة لا تقل عنهم.

وتحكي رواية “كلمات متداخلة”، قصة أختين هما: مطر وأبدية، جمعهما حب الكتابة، وفصلهما رؤيتهما للحياة. فإحداهما متفائلة والأخرى متشائمة. وتحمل الأحداث الكثير من الغموض وعناصر التشويق لتواجه كل منهما مصيرها. وأعتز بهذه الرواية لكوني كتبتها بأسلوب مختلف، على مبدأ مشاهدتنا لفيلم ما، حيث يتوقف المشهد لتجري العودة إلى الوراء، ثم إلى الأمام.. وهكذا.

من يقرأ أعمالك ينتقل من الهند إلى أميركا اللاتينية ثم يتحول إلى الشرق، هل من سبب لهذا التنوع؟

نشأت وعشت في الإمارات، ضمن مجتمع متنوع من الثقافات والحضارات. وأنا أكتب من عوالم هذا التنوع والانفتاح، وأحداث الرواية تفرض عليّ المكان. وبالطبع، ساعدني سفري الدائم من خلال عملي على مشاهدة عدد كبير من بلدان العالم، والتعرف على معالمها وخصوصية بعض أحيائها.

” آنسة الإغراء “

ما روايتك التي حققت أعلى نسبة مبيعات؟

هناك “آنسة الإغراء” – في عام 2004، و”أمل”عام 1999، التي ترجمت إلى العربية. وباعت كل منهما محليا، لدى نشرهما، أكثر من 3000 نسخة، ذلك خلال ثلاثة أشهر فقط. وبالطبع كان لغلاف “آنسة الإغراء” دور كبير في تسويقه، حيث يلفت الانتباه بين أية مجموعة من الكتب المعروضة.

وتحكي الرواية قصة فتاة شابة مغنية، دفنت روحها في الحياة. كما ساعد في الترويج للكتاب، تضمنه مراحل تسويقه، من جلسات التصوير إلى الفيديو الخاص بالكتاب، مع تسجيل أحد أغانيه، وذلك على قرص مدمج مرفق بالكتاب.

تجربتك في تسويق أعمالك مختلفة عن ما هو سائد في دور النشر العربية، فما الوسائل التي اتبعتها؟

اهتممت بتخصيص جهود نوعية لعملية تسويق الكتاب، توازي وتمثل ما أبذله من جهد في عملية الكتابة. فبالإضافة إلى شركة التوزيع، كنت أحرص على توزيع الكتاب في محال السوبر ماركت الكبيرة، وكذلك في محطات البترول، وغيرها.

وانتقلت إلى مرحلة جديدة مع نشري رواية “أمل” في عام 2000، في الغرب. إذ سوق الكتاب من خلال موقع “أمازون” والمواقع الشبيهة به، إضافة إلى إجراء المقابلات الصحافية والالكترونية والمرئية. وما ساعد في انتشار كتبي أيضاً، الصفحات الخاصة بالقراء. ويمكنني القول، إنني أول كاتبة في الوطن العربي، تروج لكتبها من خلال أفلام الفيديو، حيث لدي قناة خاصة بي على “يوتيوب”، أسوة بالأمازون وغيره.

.. في الشعر

ما هي الكتب التي أصدرتها خارج إطار الرواية؟

كتابي الأول بعيداً عن الرواية، هو “ألوان من الحب” عام 1995، ويمثل مجموعة أشعار. أما فكرة كتابي الثاني :”حلم لشخصين” – عام 2006، فاستلهمتها خلال حفل توقيع إحدى رواياتي، حين قال لي أحد الشبان، “الكثير منا لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم، فهل من كتاب يساعدنا على اختيار ما نود التعبير عنه؟”.. ويضم الكتاب مجموعة من: الرسائل الورقية العادية، الرسائل الهاتفية، عبارات بطاقات التهنئة والهدايا بأنواعها.

أما كتابي الثالث: “الأفكار التي توقد العزلة”- عام 2011، فاستلهمته من ما وصلني من أسئلة من القراء العديدين، والتي كنت أحتفظ بها، حيث لم يكن يسمح لي الوقت، بالرد على كل منها بشكل فردي. وعليه، جمعت كافة الإجابات في كتاب واحد.

ما هو نتاجك القادم؟

تجري، حالياً، ترجمة روايتي “زوبعة من الحواس” إلى العربية. وهي من الأعمال التي أعتز بها. وتتمحور أحداثها حول العالم الداخلي للبطلة شاميانا، والتي لا يساعدها نجاحها أو جمالها، في التصالح مع الماضي الذي يهيمن على حاضرها.

كما إنني أعمل على كتاب يضم مجموعة قصصية قصيرة، بعنوان “القصص التي لا تنتهي”. وهي بمثابة عودة إلى عالم القصة القصيرة، إذ سبق وأن فزت، خلال مرحلة الدراسة الجامعية، بجائزة أفضل قصة قصيرة، على مستوى الجامعات في الشارقة، في عام 1998.

سيرة

ولدت الروائية ريما جبارة، في دمشق عام 1979، وعاشت حياتها، منذ كان عمرها أشهراً قليلة، في دولة الإمارات. وعشقت الكتاب والكتابة منذ طفولتها. ونشرت أول رواية لها حين كان عمرها 14 عاماً فقط. وأصدرت 15 كتاباً. وكل منها بمثابة تجربة جديدة في الفكرة والكتابة. وتعد روايتها “أمل”( التي صدرت بعد مرور خمسة أعوام على انطلاق تجربتها الابداعية الروائية)، العمل الذي رسخ مكانتها كروائية متمكنة من أدواتها، إذ أوغلت في كشف أعماق مشاعر المرأة وروحها

( البيان- مسارات)

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *