ما زال فيلم المخرجة الأميركية كاثرين بيغلو عن عملية اغتيال أسامة بن لادن يثير جدلا في الولايات المتحدة، حيث انتقد مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايكل موريل المبالغة في التركيز على عمليات التعذيب لانتزاع معلومات في الفيلم، وذلك بعد انتقادات مماثلة من أعضاء بمجلس الشيوخ.
ويروي فيلم “زيرو دارك ثيرتي” (ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل) قصة عقد من البحث عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وانتهت هذه المطاردة بمقتله في عملية لقوات خاصة أميركية بعد رصد مخبئه بمدينة أبت آباد في باكستان العام الماضي.
ويعرض الفيلم -وهو من بطولة جيسيكا شاستاين وجويل أدغرتون وكريس برات- أميركيين يستخدمون وسائل استجواب قاسية، مثل الإيهام بالغرق الذي اعتبر إلى حد كبير من أساليب التعذيب من أجل انتزاع معلومات من مشبوهين. وكانت المعلومات التي تم الحصول عليها باستعمال تلك الوسائل -كما يؤكد الفيلم- أساسية في العثور على بن لادن.
وقال موريل في رسالة موجهة إلى موظفي وكالة الاستخبارات المركزية إن “الفيلم يوحي بأن تقنيات الاستجواب المشددة التي اندرجت في برنامجنا السابق للاعتقال والاستجواب كانت محورية للعثور على بن لادن، لكن هذا الانطباع خاطئ”.
وأضاف أن “مصادر عديدة للاستخبارات سمحت لمحللي الوكالة بالتوصل إلى أن بن لادن يختبئ في أبت آباد، وأن بعض المعلومات جاءت من معتقلين خضعوا لتقنيات استجواب قاسية، لكن كانت هناك مصادر أخرى عديدة أيضا”.
وأشار إلى أن “معرفة ما إذا كانت تقنيات الاستجواب المشددة وسيلة مناسبة وفعالة للحصول على معلومات من هؤلاء المعتقلين كما يعرض الفيلم، هي قضية تثير جدلا لا ولن ينتهي أبدا”.
السينما والوقائع
وقال موريل “أريدكم أن تعرفوا أن زيرو دارك ثيرتي فيلم سينمائي وليس صورة حقيقية للوقائع، وأن وكالة الاستخبارات المركزية تعاونت مع صانعي الفيلم عبر مكتبنا للشؤون العامة، لكنها لا تستطيع ضبط الشكل الأخير للإنتاج”.
ويرجح أن يعين موريل رسميا مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية بعد استقالة ديفد بترايوس.
وكان بيان صادر عن ثلاثة من أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي -بينهم المرشح السابق للبيت الأبيض جون ماكين- قد انتقد الفيلم لأنه يوحي بأن التعذيب لعب دورا أساسيا في العثور على بن لادن.
وفي رسالة إلى مايكل لينتون رئيس مجلس إدارة مجموعة سوني بيكتشرز المنتجة للفيلم، قال الديمقراطيان دايان فاينشتاين وكارل ليفين والجمهوري ماكين إنهم غير موافقين إطلاقا على مضمون الفيلم الذي قد يرشحه نقاد لجائزة الأوسكار.
وأكدوا أن “الفيلم يظهر بشكل مصور عناصر من وكالة الاستخبارات الأميركية يقومون عدة مرات بتعذيب معتقلين يقدمون في نهاية المطاف معلومات حاسمة” أدت إلى العثور على مخبأ بن لادن.
وكان المدير السابق للاستخبارات المركزية مايكل هايدن قد كتب في يونيو/حزيران 2011 مقالا في وول ستريت جورنال، أكد فيه أن “عناصر أساسية” من المعلومات التي قادت إلى بن لادن “تم الحصول عليها من ثلاثة معتقلين لدى الوكالة تعرضوا جميعا لنوع من الاستجواب المشدد”، مشيرا إلى أنه علم بذلك عام 2007 عندما أبلغ بالتطورات في عملية البحث عن بن لادن.
وكانت بيغلو -التي نالت جائزة الأوسكار عام 2010 عن فيلم “خزانة الألم” الذي تناول حرب العراق- قد قالت إن فيلمها “زيرو دارك ثيرتي” يضع المشاهد في قلب الأحداث المتعلقة بالبحث عن بن لادن، ويقدم جانبا من مجتمع المخابرات الأميركية، وكيف أن أساليب تغيرت في السنوات الأخيرة التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
( فرانس برس )