أحرس نومي بعينين مغمضتين


قصي اللبدي

 
تأهيل: لم يقولوا علانية ما يريدون،
لم يطلبوا منه شرحا،
ولا سألوه:
لماذا فعلت كذا؟

قطعت مدية حادة، رأسه، بيد غير مرتابة..
فتعالت تهاليلهم.
كانت النظرات معلقة في الفراغ،
ومن دون أن تقصد، اختلطت بالتهاليل
فانبثق النور من رأسه.. ساطعا.

وخلال ثوان، بدا واحدا منهمُ،
وشبيها بهم، كأخ.

ربتت يد أكبرهم مرتين على ظهره..
ومضوا
فمضى خلفهم.
*

*ذكرى حبيب*

كنت وحدي، أحدّق في كل شيء
حواليّ،
إذ لاحت امرأة أربعينية،
لا يدين لها..
تتمشى كأنثى الكنار،
ومن حولها رجلان بديعا الصفات،
– ولا أقصد العضلات فقط –
واحد منهما اختار طاولة، ونضا معطف الفرو
عن كتفيها،
وصبّ لها كأسها الآخر.

اندفعت موجة العطر، بين المقاعد،
في الظلّ والضوء، خمرية اللون، فانفرطت
عقدة في لسانيَ:
‘في أيّ ليل تنامين يا امرأة..
وبأيّ فم قد أناديك’.
تمتمتُ..
فابتسم الرجلان على بعد طاولتين،
وقالا كلاما لها،
التفتت مرتين، إليّ. ولكنها لم تجدني.
‘تعالي إلى جسدي’..
صحتُ،
فالتفت الرجلان
وسارا إليّ، على عجل، حانقين.
‘قفا نبك..’
قلتُ.
*

*صرت يدي*

أحبك أكثر مما أحبتك أمك.
لو كنتِ أكبر عامين، كنتِ عرفت..

وأكثر مما أحبتك أختك،
أو بنت عمّك
لو كنتِ أصغر..
كنت ذرفتِ الدموع على ما أقول.

وأكثر مما أحبتك نفسي،
أحبك.
لو كنت أقرب خفتِ عليّ،
وخوفتني منكِ.
لو كنتِ أبعد..
لم أحتمل جسدي.

كأنك كنت على بعد نفسيَ مني،
وحين لمستك صرتِ يدي.
*

*نشوة مستحيلة*
* *
لم تكن كلماتُك، نافذةُ الضوء،
ما بعث النور في كل شيء حواليّ،
لكنها قوة غير مدركة،
غمرتْ جسدي كله برضوض محببة.

أتذكر أكثرها،
النظرات المغطاة بالنشوة المستحيلة
تلك،
وقد سرتُ في جسدي حذراً من مباغتة لا تسرّ
أخاً.
أتذكر..
إذ لامست شغفي، من بعيدٍ، ولم تصفُ لي.
يا لطيبة قلب عدوي،
فمنه أخذت كراهيتي غير منقوصة.
*

*موت***
بدا نائما،
حين مروا صباحا،
فألقوا عليه نكاتا لها لمعان قويّ
يرجّ مخارج أحرفها.

ثم قالوا له:
عد الى البيت، واغف هناك
لتحرسَ نومك فيه بعينين مغمضتين.

ولم يدر حارس مخمرة الموز، كيف يقول:
ولكنني ميت.

كان في الأربعين،
بدينا، ومرتبكا، وقليل الخصال..
ينام على مقعد، في الممر إذا لم ينم في
الصلاة.
وإذ أزف اليوم،
– يا للفضيحة –
مالوا على جسمه.. هلعين،
ومن خجل.. حجبوا برؤوس أصابعهم،
لمعان النكات.

* شاعر من الأردن يعيش في الامارات

( القدس العربي )

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *