الشاعر العراقي عبد الباقي فرج في ضيافة بيت المبدع.


عبدالكريم القيشوري

( ثقافات ) – الرباط 

شهد  فضاء حسان التابع لجمعية الأعمال الاجتماعية لنساء ورجال التربية والتكوين ؛ ” نادي المدرس” بالعاصمة الرباط ؛ يوم الأربعاء 17 أكتوبر 2012 ؛حضور  سفير دولة العراق وحرمه بالمملكة المغربية حيث عرف “الفضاء” أمسية ثقافية أشرف على تنظيمها بيت المبدع ؛ حضرتها مجموعة من الفعاليات المهتمة بالشأن الثقافي و الفني من مدن : الدارالبيضاء ـ برشيد ـ خريبكة ـ الرباط ـ سلا ـ القنيطرة .. كما حضرها ثلة من الإعلاميين والجامعيين ورواد الفكر وجمهور من رواد النادي ؛ احتفاء بالشاعر العراقي المغترب بمنطقة شمال شتاء العالم (الدانمارك) عبدالباقي فرج . وقد رسم الناقد د أحمد زنيبر عضو بيت المبدع لوحة فسيفسائية من خلال ورقته المقدمة والمتعلقة بالتجربة الشعرية للمحتفى به انطلاقا من قصائده المفعمة بحيوات تختلف باختلاف الزمكان الذي ساهم في تشكيل بنيتها النفسية؛وتميزأسلوب تعبيرها وانعكاسها على مستوى المحطات التي كان لها الأثر الواضح في رسم معالم شخصية مؤمنة بجوهر الانتماء .



تجاذبت شاعرنا المحتفى به عبدالباقي فرج من خلال بوح شعري تقاطبات متضادة ” طهران ؛ لبنان ـ دمشق ـ كوبنهاكن ” ساهمت في رسم أرخبيل مدنه وأوطانه؛ هيمن عليها جوهر الانتماء لمدينته الأولى البصرة . المكان لديه خال من أي قيمة لولا لذة الذكريات التي يختزنها رأسه المثقل بأسماء الشوارع التي طاف بها بحثا عن زنزانة يوصد بابها عليه بمشيئته دون ندم ، هذا هوالفتيل الذي أحرق كل سفن رومانسية الإيديولوجيا ، وأبقته على قيد الشعر المتحرر من صرامة الدوغما.



بعد أن أصدر مجموعتين شعريتين في دمشق بين عامين 1993 و 1995 وهما : ” الإزار ” و ” شرفات لا تطل على القلب” بقناع اسمه ” مظفر حسين ” . فرج يكشف في ثرياه عن تحرره من عقدة التواري و يشير إلى ذاته الحقيقية في الكتابة. فتلك الذات التي تقنعت بمظفر حسين لا تمثل إلا العالم الأحادي المغلق ، وما كتبت لا يعبر إلا عن عقد حبيسة أرغمت الشاعر على البوح خارج مدار الزمن الآني / داخل الزمن المنكفئ في الذاكرة أو في المتخيل .


هو يحاول أن يسلب الأماكن الجديدة التي يرتادها والبديلة عن وطنه هويتها ، و يشكك بكينونتها ، عبر التشكيك في جذرها التاريخي على الأقل. أول مجموعة شعرية أصدرها شاعرنا المحتفى به باسمه الصريح تحت عنوان : ” ذلك البياض ” في مدينته الأم البصرة . وآخرها مجموعة شعرية بعنوان ” مديح الخسارة” في انتظار إصدار مجموعة جديدة ؛ حيث شنف أسماع الحضور ببعض منها وختمها بقصيدة موضوعها في الغزل . يقول فيها :


… أردية الليل
المقرصة بالقبلات
القبلات الأكثر ثورية
من جمهوريات العسكر
الحلوى
المناديل
الدببة الملونة
العرائس
الحسرات
الأماني
النذور
العزاءات
معاتب الأولياء
الشموع
العبور
الأغاني
حاملات النهود أو مجسات
تمسه بالحلمات
كحل العيون
دموعها
النوافذ
ستائرها
دفاتر المراهقات
وعلى مقربة من مدارسهن
تنوراتهن
أنت مدادها
لماذا إذن تقف ها.. كمن هذه المراة ؟.



وبهذه الالتفاتة من بيت المبدع لشاعر تتوزع ذاكرته أطلال مدن ؛ وبقايا أوطان؛ ويترسخ في عمق وعيه نزقه الطفولي؛ واجتذابه من قبل مدينته الأم ـ البصرة ـ الحبلى بالذكريات؛ وحبه لوطنه العراق يبقى أسيرا لهما أينما حل وارتحل. حلقت قصائد الشاعر تجوب المكان ؛ تخللتها ألحان موسيقية نقرت على أوتار عودها أنامل فنانين فذين هما : أحمد همراس و الأشراقي رفقة الفنانة شيماء الأزمي ؛ التي سافرت بالجميع بنبرات صوتها الملائكي عبر مقطوعات لرائدات الفن الجميل : أم كلثوم و فيروز التي ألهبت بهما جوارح الحضور؛ مما جعله ينعم عليها بالتصفيق الحار وبالرضا عن حسن الأداء.


وبهذا أسدل الستار في أول تدشين لأنشطة بيت المبدع ؛ بلقاء مفتوح مع الحضور تعرف كل منهما على الآخر . و توج بتوزيع هدايا للمحتفى به ؛ وللبيت المحتضن لهذا اللقاء؛ من قبل معالي سفير دولة العراق وحرمه مما أسبغ عليه نكهة خاصة ؛ حيث سطعت أنوار آلات التصوير مؤرخة للحدث الجنيني الذي سيكبر لا محالة بتوالي أجرأة برنامج الأنشطة التي ترفع من قيمة الفعل الثقافي على المستوى العام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورقة تقنية :
سهرت على تقديم فقرات برنامج الإحتفاء بالشاعر عبد الباقي فرج . ذ الناقدة خديجة شاكر.
كلمة بيت المبدع قدمتها رئيسة البيت الشاعرة : ريحانة بشير
ورقة قراءة في المنجز الشعري للمحتفى به كانت من إعداد : د أحمد زنيبر
الإعداد والتنظيم .. باقي أعضاء بيت المبدع :
مليكة بنضهر
عبدالإله بنهدار
إيمان الونطدي
خديجة العلام
عبدالكريم القيشوري

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *